مضت ثلاثة أسابيع من التوتر بين النظام الإيراني وإسرائيل، وكان الرد الإسرائيلي، أمس الجمعة، قد أدى إلى أن تفيق مدينة أصفهان، موطن الفن الإيراني والمعروفة باسم "نصف العالم"، على أصوات انفجارات مدوية. وشنت الطائرات الإسرائيلية هجوماً مباغتاً على النظام الإيراني رداً على هجوم أطلقته إيران، وشمل 300 صاروخ ومسيرة بعدما هاجمت إسرائيل مبنى القنصلية الإيرانية لدى دمشق. وذكرت المصادر الإيرانية أن الهجوم على القنصلية قد أدى إلى مقتل سبعة من قادة الحرس الثوري، وكان النظام الإيراني يتوعد بالرد و"الانتقام الصعب" على مدى أسبوعين. الصواريخ والمسيرات الإيرانية قطعت 1500 كيلومتر حتى وصلت إلى الأراضي المقدسة أو كما يقول العرب "بيت المقدس"، وكانت المقاتلات الأميركية والفرنسية والإسرائيلية والبريطانية بانتظار هذه الصواريخ والمسيرات لتدميرها قبل وصولها إلى سماء إسرائيل وقبل إسقاطها بواسطة "القبة الحديدية". والصواريخ التي اجتازت "القبة الحديدية" وأصابت قواعد عسكرية خلفت أضراراً سطحية طبقاً لما أعلنه مسؤولون أميركيون وإسرائيليون. وقد عرض الإسرائيليون صوراً لحفر صغيرة في قاعدتين عسكريتين وأعلنوا ان الهجوم قد أدى إلى أضرار قليلة. وعلى النهج نفسه، أعلن مسؤولو النظام الإيراني عن إسقاط "أجسام صغيرة" في سماء أصفهان وتفعيل المضادات الجوية وذكروا أنها لم تصب أي هدف على الأرض. وفي الساعات الأولى من صباح الجمعة أعلنت وكالة الأنباء الإيرانية عن تفعيل المضادات الجوية في سماء عدد من المدن الإيرانية منها تبريز، ولم توجه أي اتهام إلى إسرائيل بعد إعلان تصديها لـ"أجسام صغيرة" في السماء وحاولت بث رسائل تظهر أن الوضع طبيعي في البلاد. وعلى رغم استمرار القلق من توسع المواجهة بين طهران وتل أبيب، قال مصدر مسؤول لقناة "سي أن أن" إن المواجهة المباشرة بين إسرائيل والنظام الإيراني قد انتهت، وأضافت "سي أن أن" أنه بعد هذا الهجوم يمكن أن نعتبر أن المواجهات المباشرة بين البلدين انتهت، لكن تستمر معاناة 85 مليون إيراني يعيشون تحت حكم النظام الإيراني المستبد ولم ينته هذا الوضع بعد. عشرات الملايين من الإيرانيين الذين يعانون مشكلات صغيرة وكبيرة ولديهم هواجس يومية في الحياة لا يرون أن هناك مجالاً للمواجهة مع إسرائيل. فالغلاء والبطالة وارتفاع الأسعار والعملات الأجنبية بصورة يومية تؤثر بصورة مباشرة في حياة الشعب ولا يمكن غض الطرف عن مثل هذه المشكلات بسهولة، والفقر واليأس من أي تغيير إيجابي يؤثران في حياتهم اليومية، أما القمع والكبت الاجتماعي والسياسي فيعدان وجهاً آخر للمعاناة داخل الحدود الإيرانية. وفي حين أن الملايين من الإيرانيين تابعوا باضطراب وقلق شاشات التلفزيون أو هواتفهم الذكية للاطلاع على احتمال نشوب حرب بين إيران وإسرائيل، حرك النظام، مرة أخرى، عجلة قمع النساء والرجال وأطلق دوريات "شرطة الأخلاق" في شوارع عديد من المدن بخاصة في طهران. وفي الأسبوع الماضي نشرت صور ولقطات كثيرة عن اعتقال وضرب المواطنين بسبب عدم التزام الحجاب، ولم يهتم النظام بالقلق الذي يبديه الشعب من احتمال نشوب حرب كبيرة، وواصل النظام قمع المواطنين في الشوارع. هذا السلوك يظهر جلياً الشرخ الكبير بين النظام والمواطنين، كما يمهد لعمليات قمع كبيرة من النظام أمام الحركات الاحتجاجية المحتملة ضد الحرب والمواجهة مع إسرائيل، إذ يعرف النظام جدياً أن نسبة كبيرة من المواطنين يعارضون نشوب حرب مع إسرائيل. وفي وقت يحارب النظام النساء بسبب رغبتهن بارتداء ملابس معينة، لا يستطيع المواطنون اتخاذ خطوات عملية لمعارضة سياسات النظام الإقليمية وأي نوع من النشاط المعارض في هذا المجال من شأنه أن يحمل المحتجين كلفاً كبيرة.
مشاركة :