د. سالم عبدالله العامري تُمثل الزيارة التاريخية التي يقوم بها حضرةُ صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، ولقاؤه بأخيه صاحب السُّمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، محطةً بارزةً في المسار التاريخي للعلاقات الثنائية بين البلدين. الزيارة تُصنَّف بأنها «زيارة دولة»؛ حيث تعد الأعلى مستوى من بين أنواع الزيارات الرسمية التي يُجريها القادة والرؤساء. وتكتسب هذه الزيارة أهميةً كبيرة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين والدفع بهما إلى مزيد من التقدم والتطور في جميع المجالات والعمل على الدفع بالمصالح المشتركة والمتبادلة بينهما إلى رحاب أوسع وآفاق أشمل، إضافة إلى تبادل وجهات النظر بشأن التطورات الإقليمية والدولية. وتعد العلاقات بين البلدين الشقيقين بمرتبة العلاقات الخاصة والمتميزة على مختلف المستويات؛ حيث تشهد تطورًا استراتيجيًّا في ظل حرص القيادتين على تعزيز العلاقات الثنائية في كل المجالات وفي مقدمتها المجال الاقتصادي والتجاري بما يسهم في ترسيخ وتنمية الشراكة الاقتصادية القائمة بين البلدين وتحقيق المزيد من التعاون الاقتصادي والاستثماري المشترك. ويحرص البلدان على التنسيق والتشاور المستمر حيال القضايا الثنائية والعربية والدولية، وتجمعهما رؤية مشتركة للسلام والاستقرار في المنطقة، ورغبة صادقة في تعزيز وحدة وتماسك البيت الخليجي والعربي عموما. وتشهد العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين نموا مستمرا، حيث تعتبر الإمارات أكبر شريك تجاري للسلطنة، فهي أكبر مصدّر إلى عُمان وأكبر مستورد منها، وتوضّح الإحصاءات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات أن حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة بنهاية عام 2023 بلغ نحو 5 مليارات و439 مليونًا و152 ألفًا و530 ريالًا عُمانيًّا، مقارنة مع 5 مليارات و571 مليونًا و645 ألفًا و346 ريالًا عُمانيًّا بنهاية عام 2022. ترتبط سلطنة عُمان مع دولة الإمارات العربية المتحدة بعلاقات تاريخية وجغرافية مشتركة، تستمد هذه العلاقات التاريخية التي أرسى قواعدها المغفور لهما السلطان قابوس بن سعيد والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان منذ أكثر من 52 عامًا ﻗﻮﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺬورﻫﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﻤﺘﺄﺻﻠﺔ والحدود الجغرافية المشتركة، وﺣﺮص ﻗﻴﺎدتي اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ﻋلى دﻓﻌﻬﺎ ﻧﺤﻮ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻮر واﻟﺘﻘﺪم، واﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﻔﺮص اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ؛ ﺑﻤﺎ ﻳﻠبي ﻃﻤﻮﺣﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﻦ اﻟﺸﻘﻴﻘﻴﻦ، وازدادت اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ اﻷﺧﻮﻳﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ﺗﻤﺴكًا ورﺳﻮﺧﺎ ً في ﻇﻞ القيادتين اﻟﺮﺷﻴﺪﺗﻴﻦ لجلالة السلطان هيثم بن طارق وأخيه سمو الشيخ محمد بن زايد. ﺗﻌﺪ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﻤﺎﻧﻴﺔ الإماراتية ﻣﺜﺎﻻً ﻣﺘﻤﻴﺰًا ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت الأخوية ﺑﻴﻦ ﺑﻠﺪﻳﻦ ﺟﺎرﻳﻦ ﺗﺠﻤﻊ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ وﺷﺎﺋﺞ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ واﻻﺣﺘﺮام اﻟﻤﺘﺒﺎدل وﻧﻤﻮذﺟًﺎ ﻳﺤﺘﺬى، ﺧﻠﻴﺠﻴًﺎ وﻋﺮﺑﻴًﺎ، ودوﻟﻴًﺎ؛ حيث ﺗﺠﻤﻊ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ اﻟﺸﻘﻴﻘﻴﻦ ﻋﻼﻗﺎت اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﺗﻤﺘﺪ ﺟﺬورﻫﺎ إلى ﻋﻤﻖ اﻟﺘﺎرﻳﺦ، ﻋﻼﻗﺎت ذات ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺧﺎﺻﺔ تجمعها صلة القربى وروابط النسب والدم وأخوة صادقة وﺗﻘﺎرب ﻗﺎﺋﻢ ﻋلى حسن اﻟﺠﻮار واﻟﺼﻼت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﺗﺪﻋﻤﻬﺎ رواﺑﻂ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻻﻧﺘﻤﺎء اﻹسلامي والعربي والخليجي اﻟﻤﺸﺘﺮك، وﻳﺘﻘﺎﺳﻢ اﻟﺒﻠﺪان ﻣﻮروﺛًﺎ ﺛﻘﺎﻓﻴًﺎ ﻣﺸﺘﺮﻛًﺎ وعادات وتقاليد شكلت ما يشبه هوية ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﺘﺠﺎﻧﺴﺔ ﻟﺸﻌﺒﻴﻬﻤﺎ، وﺗﺰداد هذه اﻟﺮواﺑﻂ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎعية ﺗﺪاﺧﻼ وﻋﻤﻘﺎً ﺑﺪرﺟﺎت ﻛﺒﻴﺮة، ﺗﺼﻞ إلى ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻷﺳﺮﻳﺔ واﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ، وﺗﻘﺎﺳﻢ اﻟﻌﺎدات واﻷزﻳﺎء واﻟﻔﻨﻮن، ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠروابط التاريخية المشتركة واﻟﺘﻼﻣﺲ اﻟﺠﻐﺮافي بين البلدين الجارين. وانطلاقًا من حرص قيادتي البلدين الشقيقين على تأكيد عمق العلاقات الأخوية وترسيخ التعاون المستمر بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين، وُقِّعَت اتفاقيات ترسيم الحدود بين البلدين ووضعت الخرائط والعلامات الحدودية، وعلى الرغم من التداخل الجغرافي المعقد بين البلدين الشقيقين إلّا أن إﺗﺎﺣﺔ اﻟﺘﻨﻘﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻟﻤﻮاﻃني اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ﻋﺒﺮ ما يقارب 5 منافذ برية تعد بمثابة نموذجًا مثاليًا وأول ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺑﻴﻦ دوﻟﺘﻴﻦ ﺷﻘﻴﻘﺘﻴﻦ ﺗﻢ ﺗﻌﻤﻴﻤﻬﺎ ﻻﺣﻘًﺎ ﻟﺘﺸﻤﻞ بقية دول ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون الخليجي الأخرى، في خطوة إيجابية لتسهيل إجراءات السفر والتنقل لمواطني دول المجلس. وانطلاقًا من رغبة كلا البلدين في تطوير وتعزيز التعاون الفعال بينهما على مبدأ المصلحة المتبادلة والمشتركة في مختلف المجالات، وتنفيذًا لتوجيهات قيادتي البلدين، تعكف اللجنة المشتركة بين سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة على تفعيل دورها للارتقاء بالتعاون والتنسيق بين الدولتين والشعبين الشقيقين وفتح آفاق أوسع لتحقيق مصالحهما المشتركة والمتبادلة في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية، والسياحية، والاستثمارية، والاجتماعية. ويتطلع الشعبان الشقيقان لأن تُكلَّل هذه الزيارة التاريخية بالدفع بالعلاقات بين البلدين الشقيقين نحو مزيد من التقدم والتطور والازدهار؛ بما يحقق طموحات وآمال الشعبين، ويسهم في توطيد العلاقات التاريخية المتجذرة في عمق التاريخ إلى آفاق أوسع ومستقبلٍ مشرقٍ واعدٍ.
مشاركة :