حُسن الخلق.. فضيلة عظمى لأمة الإسلام

  • 4/22/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الدِّينُ كله خُلق، فمن فاقك في الخُلق فاقك في الدين. والخلق ينحصر في جانبين: الأول.. حسن الخُلق والتأديب مع الله، والثاني.. حسن الخلق في تعاملنا مع خلق الله. والإنسان نحكم على جماله أو قبحه من وجهين: – الوجه الأول.. قيمه وأخلاقه وسلوكه: وهي مستمدة من الأسرة، من تربيته وبيئته، فجميل الخلق في لباقة ألفاظه ولياقة سلوكه وتعاملاته التي تنبع من أسرته. – الوجه الثاني.. قدرته على كسب المعرفة والتعلم: وهذه مرتبطة بشخصه وتفكيره وقدرته على أن لا يكون إمعة ولا شاة من قطيع، فهو يستخدم نعمة عقله في التفكر والمقارنة والتحليل والاستنتاجات المستقلة به. وقد لَخّص سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم- دَعْوَته بِأنها لإتْمَام مَكَارِم الأخلاق؛ فقال: “إنما بُعثت لأُتَمِّم مَكَارم الأخلاق (رواه البيهقي). وفي رواية: “لأُتَمِّم صَالِح الأخلاق (رواه الإمام أحمد والبخاري في “الأدب المفْرَد”). والعلماء العارفون يُعرِّفون الأخلاق بأنها: الدِّين كُلّه، وبِأن الدِّين كلّه خُلُق.. ولذلك قَالَ تَعَالَى لسيدنا محمد – صلى الله عليه وآله-: “وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمِ” (القلم: 4)، وَقَالَتْ أُمُنا السيدة عَائِشَةُ – رضى الله عنها- عن الحبيب المصطفى: “كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ” (رواه أحمد)، فمَنْ تَخَلَّقَ بِأَوَامِرِ الْقُرْآنِ أَوْ نَوَاهِيهِ كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا. قال الله – عزّ وجَلّ-: “وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ” (آل عمران: 134،133): وَصَفَ [الله] الْمُتَّقِينَ بِمُعَامَلَةِ الْخَلْقِ بِالإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ بِالإِنْفَاقِ، وَكَظْمِ الْغَيْظِ، وَالْعَفْوِ عَنْهُمْ، فَجَمَعَ بَيْنَ وَصْفِهِمْ بِبَذْلِ النَّدَى، وَاحْتِمَالِ الأَذَى، وَهَذَا هُوَ غَايَةُ حُسْنِ الْخُلُقِ الَّذِي وَصَّى بِهِ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم- لسيدنا مُعَاذٍ ابن جبل. وهذا سيدنا أبو ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم- بِمَكَّةَ قَالَ لأَخِيهِ أُنَيْس: ارْكَبْ إِلَى هَذَا الْوَادِي، فَاعْلَمْ لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ يَأْتِيهِ الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ، فَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ ائْتِنِي، فَانْطَلَقَ الآخَرُ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، وَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ: رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الأَخْلاقِ (رواه البخاري ومسلم). فحُسنِ الْخُلُق يَرفَع صاحِبَه إلى الدّرَجات العُلى. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: “إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ” (رواه الإمام أحمد وأبو داود).. بل ويثقل الموازين، قال – عليه الصلاة والسلام-: “مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ” (رواه الإمام أحمد وأبو داود) .. ويَكْفِي في فضلِ حُسْنِ الْخُلُقِ: القُرْب مِن سيدنا رسولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم- يومَ القيامةِ. قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم-: “إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ: أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهِقُونَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ، فَمَا المُتَفَيْهِقُونَ؟ قَال: المُتَكَبِّرُونَ” (رواه الترمذي). قال الترمذي: وَالثَّرْثَارُ: هُوَ الكَثِيرُ الكَلامِ، وَالْمُتَشَدِّقُ الَّذِي يَتَطَاوَلُ عَلَى النَّاسِ فِي الكَلامِ وَيَبْذُو عَلَيْهِمْ ( أهـ). فجِمَاعُ الْخُلُقِ الْحَسَنِ مَعَ النَّاسِ: أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَك بِالسَّلَامِ وَالْإِكْرَامِ وَالدُّعَاءِ لَهُ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالزِّيَارَةِ لَهُ، وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَك مِنْ التَّعْلِيمِ وَالْمَنْفَعَةِ وَالْمَالِ، وَتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَك فِي دَمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ عِرْضٍ. وَبَعْضُ هَذَا وَاجِبٌ وَبَعْضُهُ مُسْتَحَبٌّ. وَأَمَّا الْخُلُقُ الْعَظِيمُ الَّذِي وَصَفَ اللَّهُ بِهِ رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم- فَهُوَ الدِّينُ الْجَامِعُ لِجَمِيعِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مُطْلَقًا. هَكَذَا قَالَ سيدنا مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلاًة وسلامًا على سيدنا محمد المبعوث رحمًة للعالمين. -عضو مجلس إدارة شركة مطوفي حجاج الدول الأفريقية غير العربية

مشاركة :