الكابـــــــتن إبراهـــــــيم

  • 4/13/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في رحلة جوية بين القاهرة والبحرين بتاريخ 26 مارس 2016م علمت أن قائد طائرة طيران الخليج هو الزميل الكابتن إبراهيم عبدالله الحمر، وقد نقلت له على الفور من خلال مدير الطائرة السيد عيسى العسمي تحياتي له ولمساعده الطيار ميثم البلوشي، فلا هو رآني ولا أنا رأيته، فقد كان مشغولاً بقيادة الطائرة وكان همه أن تصل الطائرة بعد ساعتين ونصف بسلامة الله وحفظه وكان من المتعذر على الركاب أيضًا أن يروا قائد الطائرة، عندها شعرت بالاعتزاز بأبناء البحرين الذين يقتحمون كل الميادين وكانت يومها الطائرة مثالاً لتفاني شباب البحرين في تقديم الخدمات للمسافر كالسيد عيسى العسمي مدير الطائرة والسيد أنور خلفان مسؤول الدرجة السياحية ويومها كانت الطائرة ولله الحمد مليئة بالمسافرين من هم مقصدهم مملكة البحرين والأكثر ترانزيت إلى بلدان أخرى، وطيران الخليج الناقلة الوطنية بكل تاريخها هي ضرورة حتمية للبحرين ودعمها هو جزء من دعم الاقتصاد الوطني البحريني. أثار الكابتن إبراهيم في نفسي شعورًا يتعلق بالهواية والممارسة والمهنة، فإبراهيم عبدالله الحمر كان يومًا موظفًا تقلد مناصب إدارية رفيعة، ولكن هواية الطيران أصبحت ملازمة له، فهو قد تدرب كثيرًا وقاد طائرات من أحجام متنوعة وسافر إلى بلدان كثيرة تختلف في الجغرافيا والمناخ والمساحة وفي كل رحلة من هذه الرحلات تجربة مختلفة لها أبعادها وانعكاساتها على تجربته العملية في الطيران لتضيف إلى خبرته علمًا وتجربة ومعايشة. وفي مجالنا الإعلامي مثلاً صحيح أننا أخذنا يومًا الإعلام مهنة وسبيلاً للارتزاق، لكن يظل الإعلام في دمنا نشعر بأنه ليس وظيفة عادية ينتهي المرء منها بمجرد انفصاله عنها لأي سبب من الأسباب، ولكنها تبقى في الوجدان رغم التغير الذي طرأ على وسائل الإعلام وعلى الرسائل التي تبثها... لقد عايشت إعلاميين كانت لهم وظائفهم الإدارية المرموقة والمتقدمة لكنهم بعد انتهاء مهمتهم الرسمية تمسكوا بالميكروفون الإذاعي إلى أن اختارهم الله إن كانوا إذاعيين، وتمسكوا بالكاميرا إن كانوا تلفزيونيين، وتمسكوا بالقلم إن كانوا صحفيين، وأحسب أن هناك الكثير من المهن التي لا تنتهي علاقة الشخص بها بانتهاء مهمته الرسمية، إذ أننا نجد دبلوماسيين ومصرفيين ورجال الأمن والشرطة ورجال الجيش لا تنتهي مهمتهم بانفصالهم عن وظيفتهم، بل أصبحوا يؤدون واجبهم في مراكز الدراسات والبحوث ويستعان بهم في الدراسات النظرية والعملية وقد يلحقون بوزارات ومؤسسات كاستشاريين، وطبعًا يستفاد من آرائهم في البرامج الإذاعية والتلفزيونية التي تناقش المسائل العامة. قد تجد هؤلاء والقادرين منهم على السفر والارتباط بمؤتمرات وندوات فكرية من كل أقطار الأرض، وهذا من شأنه أن يجدد في عطائهم وإبداعهم. في بعض الدول يصبح لأصحاب المهن والتخصصات جمعيات تضمهم يتبادلون من خلال تواجدهم الخبرة والتجربة، ويكون حضورهم فاعلاً، وهذا ما يمثل في عصرنا الحاضر، المجتمع المدني وتأثيره على مجمل قضايا المجتمع، وهذه الجمعيات تتعاون كثيرًا مع الأجهزة الحكومية القائمة في إقامة مؤتمرات وندوات ومحاضرات، ونحن ولله الحمد في بلادنا مملكة البحرين، لدينا من الكفاءات رفيعة المستوى في كل مجال، بحكم تجربة البحرين الرائدة والكبيرة في التنظيم الإداري، كما أنها من الدول الرائدة في إنشاء الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والفكرية، صحيح أن بعض هذه الجمعيات والمؤسسات فاعلة أكثر من غيرها، وهذا من طبيعة الأمور، ولكن من الواجب أن نتعاون جميعًا في الاستفادة من الخبرات المجتمعية في مؤتمراتنا وندواتنا التي نعقدها بين فترة وأخرى، كما أن على الجمعيات المهنية أن تنشط في رفع شان المهنة التي كانوا يعملون فيها من خلال تنظيم المؤتمرات والندوات العلمية المتخصصة والتي يستفيد منها المجتمع. صحيح أنه في فترة المشروع الإصلاحي الوطني الكبير اتسمت الندوات والمؤتمرات التي تقيمها جمعيات المجتمع المدني بالطابع السياسي إلا أن السياسة هي جزء من أجزاء التنمية الشاملة والمستدامة في المجتمع، لكنها ليست الوحيدة، إذ يتوجب علينا أن نستفيد من كل الخبرات والتجارب المجتمعية في كل مناحي الحياة وما أكثرها وأهميتها. قد يقول القائل وهل هؤلاء الذين أفنوا حياتهم في الوظائف راغبون في العمل وبذل الجهد في مهمات أخرى، والجواب بنعم وتثبته الوجوه التي نراها في المؤتمرات والندوات العلمية والمتخصصة، ونراها في وسائل الإعلام المختلفة، فالعطاء الإنساني لا يقف عند حد، والظروف يهيئها الإنسان لنفسه، ولكنه أيضا بحاجة أكثر لمن يهيئ له الظروف والمناسبات وهذا دور الدولة والمؤسسات ومراكز البحوث والمجتمع ككل، فتجاربنا هي من نسيج هذا المجتمع وما يحققه المرء في حياته هو نتاج ظروف بيئية و اجتماعية وسياسية وتنمية بشرية مستدامة تضطلع بها الدولة، كما أن الفرد المواطن هو أيضا له الدور في أن يكون فاعلاً في مجتمعه، ينقل خبرته وتجربته لأجيال تأتي بعده، وهذا لا يكون إلا بالانخراط في مكونات المجتمع وأنشطة الدولة المتعددة. وعلى الخير والمحبة نلتقي

مشاركة :