حجز سيموني إنزاجي مكاناً لنفسه بين المدربين الكبار، بعدما قاد الإنتر إلى استعادة لقب الدوري الإيطالي لكرة القدم، محرزاً أيضاً أوّل ألقابه في «السكوديتو»، خلال مسيرته اليافعة وبطريقة مثيرة في «ديربي ميلانو». يُعدّ الفوز بالدوري الإيطالي الإنجاز الأكبر لإنزاجي في مسيرته، بما فيها عندما فاز به مع لاتسيو لاعباً قبل 24 عاماً، ويأتي ذلك بعد ثلاثة أعوام من أوضاع رمادية داخل أسوار النادي، في ظل مشاكل اقتصادية أرهقت كاهله، لكنه نجح في الوصول مع سفينته إلى شاطئ الأمان. كان إنزاجي، 48 عاماً، يتمتع بمسيرة أقل لمعاناً من شقيقه الأكبر فيليبو الذي كان من أهم الهدّافين في أيامه سواء مع ميلان أو يوفنتوس، إذ فاز بلقب دوري أبطال أوروبا مرّتين وكأس العالم للمنتخبات مرة. من جهته، لعب إنزاجي الشقيق الأصغر، وهو مهاجم أيضاً، معظم مسيرته مع لاتسيو، حيث يحظى بشعبية كبيرة بين المشجعين على الرغم من سجله المتواضع من الأهداف ناهيك عن الفوز بلقب الدوري مرة يتيمة. ولكن على الصعيد التدريبي، لمع سيموني أكثر، لاسيما على رأس أحد أعرق الفرق في إيطاليا وأوروبا، بخلاف فيليبو الذي يعاني لحجز مكانة له بعد مسيرة مظفرة لاعباً. وبالفعل نال سيموني سريعاً الثناء على عمله، والأبرز كان من أشهر مدربي العالم، الإسباني بيب جوارديولا، من خلال قيادة «النيراتزوري» إلى نهائي دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، قبل أن يخسر بصعوبة أمام مانشستر سيتي الإنجليزي. وُصف إنزاجي بأنه متخصّص في مسابقات الكؤوس قبل هذا الموسم، حيث فاز بلقب كأس إيطاليا ثلاث مرات والكأس السوبر خمس مرات، ذلك منذ أن بدأ مسيرته التدريبية المحترفة في لاتسيو في عام 2016. وتجاوز إنزاجي الجدل الواسع الذي تعلق بفترة الانتقالات الصيفية، ليقود فريقه إلى لقبه الـ 20 في الدوري ويفضّ شراكته مع جاره اللدود ميلان صاحب الـ 19 لقباً. يُعد إنزاجي أيضاً من بين خمسة مدربين فقط - إلى جانب الأرجنتيني - الفرنسي هيلينيو هيريرا الفائز بكأس أندية أوروبا (دوري الأبطال حالياً) مرتين وروبرتو مانشيني وجوفاني تراباتوني وأرباد فايس - تمكنوا من تحقيق 100 فوز أو أكثر على رأس الإنتر. تولى إنزاجي تدريب لاتسيو قبل ثماني سنوات، بعدما كان يشرف على فرق الناشئين، وترك تأثيراً سريعاً، حيث أعاد نادي العاصمة إلى المنافسة الأوروبية وخسر نهائي كأس إيطاليا أمام يوفنتوس القويّ آنذاك. ولطالما عُرف لاتسيو بأنه الطرف الأدنى مقارنة بجاره روما، فنياً ومالياً، فضلاً عن أن ناديي العاصمة هما أقل إمكانات مقارنة بالثلاثي العملاق يوفنتوس، الإنتر وميلان الذين هم بدورهم أقلّ قدرة من عمالقة أوروبا. كان فوزه بكأس إيطاليا عام 2019 إضافة الى لقب الكأس السوبر مرّتين وكلاهما على حساب يوفنتوس، فضلاً عن التأهل لدوري أبطال أوروبا عام 2020، بمثابة نجاحات حضّت النادي «اللومباردي» على التعاقد معه، ليحلّ مكان المخضرم أنتونيو كونتي صاحب السمعة الجيدة. وصل إنزاغي إلى الإنتر قبل ثلاث سنوات، وكان النادي على مشارف الدخول في تخبّط فني كبير، بعد رحيل كونتي وبيع البلجيكي روميلو لوكاكو، والمغربي أشرف حكيمي اللذين اسهما في فوز الإنتر باللقب في حينها، أدّت هذه التغييرات الى احتجاجات واسعة من الجماهير خارج مقرّ النادي. ومع ذلك، اعتاد إنزاغي على بذل المزيد من الجهد مع إمكانات أقل في لاتسيو، وفي تناقض واضح مع كونتي، قام بإبرام صفقات منخفضة لتعويض رحيل بعض النجوم، عوضّا عن الشكوى على خسارة ركائز مهمة يتمناها كل مدرب. إنه شيء اعتاد عليه إنزاجي، حيث جاء موسم الإنتر المحلّي الرائع، بعد فترة انتقالات عاصفة شهدت رحيل العديد من أبرز نجومه وسط مشاكل مالية داخل أروقة النادي. لم يكن انتر قد حسم حتى هوية حارسه الأساسي قبل أسبوعين من انطلاق الدوري المحلي، بعد بيع الكاميروني أندريه أونانا الى مانشستر يونايتد الإنجليزي مقابل 57 مليون يورو. في المقابل، تعاقد النادي مع السويسري يان سومر، حارس بايرن ميونيخ الاحتياطي، مقابل أجر زهيد نسبياً، بينما لم ينضم الفرنسي بنجامان بافار سوى حتى اليوم الأخير من فترة الانتقالات، لكنه أظهر لاحقاً أهمية هذه الصفقة، بعدما شقّ طريقه في دفاع الإنتر المكون من ثلاثة لاعبين. وبالتزامن، قام مواطنه الآخر ماركوس تورام بتشكيل شراكة مدمرة مع الأرجنتيني لاوتارو مارتينيز، مما أنسى الجماهير فقدان المهاجمَين البوسني إدين دجيكو ولوكاكو. لقد كانت قدرة إنزاجي على التكيف والحصول على أفضل النتائج من مجموعة غير ثابتة من اللاعبين هي السمة المميزة لعهده في ميلانو، حيث نجح في تشكيل فريق استثنائي لا شك أنّه سيكون الفريق الذي يسعى الجميع لهزيمته مع حلول أغسطس المقبل.
مشاركة :