إن أحد الأسباب الرئيسة التي تسببت في حدوث الأزمة العالمية المالية خلال الفترة 2007-2008م، إفراط البنوك التجارية والمؤسسات المالية المتخصصة في الولايات المتحدة الأميركية، بمنح القروض العقارية للأفراد مقابل رهونات عقارية فقدت قيمتها كأصل يمكن الاعتماد عليه كضمان لسداد المديونيات العقارية (كملاذ أخير Last Resort). ومن بين الأسباب كذلك التي أدت إلى حدوث الأزمة، الخلط بين الأعمال التجارية والأنشطة الاستثمارية للبنوك، ما تسبب في إفلاس وانهيار العديد من البنوك والمؤسسات الاستثمارية بسبب ممارستها لأنشطة تجارية لا تندرج ضمن تخصصها ومحيط أعمالها. ونتيجة لتلك الأزمة، خَفضت البنوك في أميركا من مستوى إقراضها للشركات والأفراد وتحولت المشكلة من مشكلة ائتمانية إلى مشكلة سيولة، ما حدا بالحكومة الأميركية بتقديم العديد من الحلول للأزمة للتعامل مع الأزمة، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، عدم استخدام أموال الدعم الحكومي من قبل البنوك المستفيدة في عمليات المتاجرة لحساب هذه البنوك، ومنع البنوك من المتاجرة بأموال المودعين لحسابها. كما تضمنت تلك الحلول عدم السماح للبنوك التجارية بالاستثمار لحسابها في صناديق التحوط أو صناديق المساهمات الخاصة. وعلى المستوى الدولي، وبغرض تفادي تكرار سيناريو الأزمة المالية العالمية، بادرت مجموعة دول العشرين ولجنة (بازل)، باتخاذ العديد من المبادرات التي من بينها، هل ستكون الجهة المسئولة عن الرقابة على البنوك محصورة في البنوك المركزية أم لا بد أن تنشأ لها جهة مستقلة، إضافة إلى مراجعة رؤوس الأموال الحالية للبنوك، بهدف زيادتها وإجبارها على الاحتفاظ بمستويات معينة من السيولة عن طريق حجز جزء من رأس المال يستثمر بأدوات استثمارية يمكن تسييلها عند الحاجة. ومن بين المبادرات أيضاً، تحديد الحد المسموح به لتوزيع الأرباح والمكافآت عندما تقل رؤوس الأموال عن النسب المقرة.
مشاركة :