ما تقوم به الجهات المسئولة عن «المالية العامة» للدولة هو عين الصواب. فتعيين الشركات الغربية الاستشارية لمساعدتنا في رسم إستراتيجية التحول الاقتصادي هو الصواب بعينه. فلا ضير أن نستزد بخبراتهم المتخصصة لنبني مستقبلاً أفضل للأجيال التي تأتي بعدنا. فعلى سبيل المثال، فلقد لفت نظري قيام إحدى الجهات الحكومية (في الغالب وزارة المالية) بالاستعانة بخدمات شركة استشارية صغيرة (Verus Partners) ولكنها متخصصة في القطاع المالي وأسسها مصرفيون سابقون عملوا مع بنك سيتي جروب. بحسب مافهمت من تقرير بلومبرج فهذه الشركة قد تم تفويضها بأن تتفاوض مع البنوك بخصوص إمداد السعودية بقرض دولي كبير قد تصل قيمته الإجمالية إلى نحو عشرة مليارات دولار في أول اقتراض كبير من الخارج تقدم عليه الحكومة فيما يزيد عن عشر سنوات. ما هي القيمة المضافة؟ فمن دون شك أن تعيين جهة حيادية مستقلة للتفاوض حول أرخص تسعير لهذا القرض الدولاري هو قرار حكيم. وفي الحقيقة فإن إستراتيجية التفاوض قد ظهرت ملامحها. حيث أفادت التقارير الإخبارية أنه ستكون للبنوك المشاركة في القرض فرصة أفضل للاختيار لترتيب إصدار سندات دولية ربما تطرحها السعودية هذا العام على أقرب تقدير. بمعنى آخر أن على كل بنك يرغب بأن يكون مرتباً لإصدار السندات الدولية أن يقدم أرخص تسعير للقرض لنا. وهذا من دون شك سيوفر على خزانة الدولة ملايين الدولارات في عصر الإصلاح الاقتصادي الذي نعيشه. وفوق هذا كله الجائزة الكبرى: اكتتاب أرامكو الذي من المنتظر أن تحقق البنوك المشاركة من ورائه رسوم غير طبيعية. امتعاض البنوك من ملامح التسعير الرخيص الإشارة الثانية التي لفتت نظري ونقلتها مجلة جلوبال كابيتال البريطانية هي رغبة بعض البنوك بعدم المشاركة في هذا القرض لأنهم لا يستطيعون تقديم ذلك القرض المنخفض التكلفة الذي نبحث عنه. فتلك البنوك الممتعضة ترى أن تكلفة الدولار لديها مرتفعة وعليه فهي ستكون خاسرة في حال مشاركتها. هل سيؤثر انخفاض تصنيفنا الائتماني على كلفة الاقتراض؟ وكما تعرفون فسيتم الاسترشاد بتقييم السعودية الائتماني عندما نقترض من الخارج. وهذا مهم من أجل تحديد في إذا ما كانت كلفة الاقتراض علينا مرتفعة أو منخفضة. ففي وقت سابق خفضت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني تصنيفها للدين السيادي للمملكة على الأجل الطويل نقطتين إلى A-. لكن الوكالتين العالميتين الأخريين للتصنيف الائتماني لا يزال لديهما تصنيفات للرياض أعلى كثيرا. ومن المتوقع أن تطالب السعودية بهامش منخفض على قرضها العملاق. حيث نقلت المجلة البريطانية عن مصرفيين قولهم إن السعودية ستطالب بسعر مشابه أو اقل من 110 نقطة أساس فوق فائدة سندات الخزانة الأمريكية وذلك في إشارة منهم إلى القرض الدولاري الذي حصلت عليه قطر وبنفس التسعير السابق (خصوصا أننا نشترك مع قطر بحصولنا على تصنيف مماثل من قبل وكالة فيتش). وبالتأكيد فإن هذا التسعير لن يكون محبباً لبعض البنوك. مقالات أخرى للكاتب كيف خسرت صناديق التحوط الأمريكية من مراهنتها على فك الارتباط بالريال؟ كيف مررت البنوك «زيادة رفع أسعار الفائدة» على عملائها السعوديين ؟ هل يوجد منتج تأمين إسلامي ضد حالات الطلاق؟ النعيمي.. «عرّاب النفط» الذي أرق مضاجع منتجي «النفط الصخري» الافتخار بالزي الوطني في المناسبات المصرفية
مشاركة :