قلّصت إيران من وجودها العسكري في سورية، بعد ضربات إسرائيلية استهدفت عددا من قيادييها العسكريين، وفق ما أفاد مصدر مقرّب من حزب الله اللبناني والمرصد السوري لحقوق الإنسان وكالة فرانس برس. ومنذ سنوات النزاع الأولى في سورية، كانت إيران أحد أبرز داعمي الرئيس بشار الأسد، سياسيا وعسكريا واقتصاديا. وينتشر حوالى ثلاثة آلاف مقاتل ومستشار عسكري من الحرس الثوري الإيراني في سورية، بحسب المرصد، لكن طهران تتحدّث فقط عن مستشارين يعاونون القوات الحكومية. وتدعم طهران مجموعات موالية لها، على رأسها حزب الله، في القتال الى جانب الجيش السوري. ويتحدّث المرصد عن وجود عشرات الآلاف من المقاتلين الموالين لإيران سوريين ولبنانيين وأفغان في مختلف المناطق. وقال مصدر مقرّب من حزب الله لفرانس برس من دون الكشف عن هويته، "أخلت القوات الإيرانية منطقة الجنوب السوري، وانسحبت من مواقعها في ريف دمشق ودرعا والقنيطرة" في جنوب البلاد خلال الأسابيع الماضية. وأضاف "لها في دمشق مكتب تمثيلي فقط يتمّ عبره التواصل بين الدولة السورية والحلفاء"، في إشارة الى الفصائل الموالية لإيران. وأشار الى أن الاجتماعات "كانت تُعقد داخل القنصلية الإيرانية، ظناً (من منظمّيها) أنهم بمأمن من الضربات الإسرائيلية"، وفق المصدر ذاته. لكنّ القصف الذي استهدف مطلع أبريل القنصلية الإيرانية في دمشق والذي نسبته طهران ودمشق إلى إسرائيل، شكّل ضربة موجعة. وأسفر عن مقتل سبعة عناصر في الحرس الثوري، بينهم قياديان، أحدهما هو أكبر مسؤول عسكري إيراني في سورية. ورداً على استهداف القنصلية، أطلقت إيران ليل 13 أبريل مئات المسيّرات والصواريخ على إسرائيل، في أول هجوم إيراني مباشر على الدولة العبرية، رداً على قصف مبنى القنصلية الإيرانية. واستهدفت هجمات نسبت الى إسرائيل وسط إيران الأسبوع الماضي، لكن إيران قلّلت من أهميتها. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن "أخلت القوات الإيرانية مقرّات بدءاً من دمشق وفي جنوب البلاد، وصولاً إلى الحدود مع الجولان المحتل من إسرائيل، خشية استهدافها مجدداً". وأضاف أن مقاتلين من حزب الله وآخرين عراقيين حلّوا مكان القوات الإيرانية في المناطق المذكورة. وقال زوّار للعاصمة السورية لفرانس برس إن الحضور الإيراني بات أقل وضوحاً في دمشق، مع إغلاق مكاتب وإزالة صور ولافتات وأعلام كانت مرفوعة في العديد من الأحياء. ويتركّز الوجود الإيراني حالياً، وفق المصدر المقرّب من حزب الله ووفق المرصد، في منطقة السيدة زينب ومحيطها جنوب دمشق. وإذا كان قصف القنصلية سرّع سحب قوات إيرانية من محافظات عدة في سورية، إلا أن عملية تقليص الوجود العسكري بدأت منذ مطلع العام، على وقع ضربات إسرائيلية طالت أهدافاً إيرانية منذ بدء حرب غزة. ورغم أن إسرائيل نفّذت مئات الضربات في سورية منذ بدء النزاع في سورية في العام 2011، ضد مواقع عسكرية سورية وأهداف أخرى إيرانية أو تابعة لحزب الله، إلا أن وتيرة الغارات ازدادت منذ بدء الحرب في غزة. وأوضح المصدر المقرّب من حزب الله أن تقليص عديد القوات الإيرانية بدأ بعد غارة اتهمت طهران إسرائيل بها على مبنى في حي المزة في دمشق في 20 يناير، وأدّت الى مقتل خمسة مستشارين إيرانيين، بينهم مسؤول استخبارات الحرس الثوري في سورية ونائبه. واتهمت إيران في 25 ديسمبر إسرائيل بقتل رضي موسوي، القيادي البارز في فيلق القدس التابع للحرس الثوري في ضربة قرب دمشق. وبحسب المرصد، غادرت دفعة من المستشارين الإيرانيين خلال شهر مارس مناطق عدّة في البلاد من بينها في بانياس. ومطلع مارس، قتل ثلاثة أشخاص بينهم عنصر في الحرس الثوري الإيراني بضربة في هذه المدينة السورية الساحلية التي كانت بمنأى عن الضربات. وأبقت إيران على قواتها في محافظة حلب (شمال) وفي محافظة دير الزور (شرق) التي تعد من أبرز مناطق نفوذها في سورية.
مشاركة :