يقول المثل العربي الشهير «تمخض الجبل فولد فأراً»، وهذا ما تمخضت عنه إيران، رغم حلم الكثير من المخدوعين بردٍّ إيراني مزلزل ومدمر على إسرائيل، بعد قصفها وتدميرها لمقر القنصلية الإيرانية في دمشق، وقتل أحد قادة ما يسمى بفيلق القدس العميد محمد رضا زاهدي، وسبعة ضباط آخرين في الحرس الثوري الإيراني، لكن العالمين ببواطن الأمور كانوا، ومنذ زمن طويل، على يقين بأن الرد الإيراني لن يرتقي حتى إلى الفأر الذي تمخض عنه الجبل، مقارنة بما كانت تقوم به إسرائيل ضد إيران منذ سنوات. أعمال القتل والتخريب التي قامت بها إسرائيل ضد إيران على مدى السنوات الماضية عديدة ومؤلمة، ورغم ذلك لم تقم إيران بأي رد فعل لها سوى الشجب والتنديد. ففي عام 2010 تم قتل البروفيسور مسعود علي محمدي، أستاذ مادة فيزياء الجسيمات في جامعة طهران، بانفجار دراجة مفخخة عند بيته، وفي نوفمبر من العام نفسه، تم قتل مجيد شهرياري، مؤسس الجمعية النووية الإيرانية، عن طريق تفجير سيارته، وفي اليوم نفسه أصيب العالم النووي فريدون عباسي نتيجة تفجير سيارته. في يوليو 2011 قتل داريوش رضائي نجاد، الخبير في الفيزياء النووية، ويعمل في المنظمة الإيرانية للطاقة النووية، برصاص مجهولين في طهران، وفي شهر نوفمبر من السنة نفسها، قُتل الجنرال في الحرس الثوري حسن مقدم، ومعه 35 شخصاً، نتيجة لتفجير مستودع ذخيرة تابع للحرس الثوري بعملية نفذتها إسرائيل، بالتعاون مع الولايات المتحدة، وفقاً لصحيفة لوس أنجلوس تايمز. في يناير 2012، قُتل العالم مصطفى أحمدي روشان، الذي كان يعمل في منشأة نطنز النووية، ثم جاء دور قاسم سليماني قائد فيلق القدس، الذي قتل بصاروخ من طائرة مسيرة أمريكية، بالتعاون مع إسرائيل، في يناير 2020. وتلاه في نوفمبر نائب وزير العالم النووي محسن فخري زاده. وفي مايو 2022، قُتل العقيد في الحرس الثوري صياد خدايي برصاص شخصين كانا على دراجة نارية، ووفقاً لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فإن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بمسؤوليتها عن عملية الاغتيال. وطبعاً لابد من الإشارة إلى قيام إسرائيل في أبريل من عام 2010 بتدمير أجهزة الطرد المركزي بكاملها في منشأة نطنز الإيرانية، وتعطيل برنامج إيران النووي بشكل كبير. هذا ما قامت به إسرائيل طوال تلك السنوات من قتل وتدمير في إيران وخارجها، أما إيران فلم نسمع منها إلا التهديد والوعيد طوال تلك السنين. وجاءت عملية «الوعد الصادق» لتثبت زيف تلك التهديدات الإيرانية. مئات الصواريخ والمسيرات انطلقت تجاه العدو الغاشم، وهلل واستبشر المخدوعون بقرب تدمير إسرائيل، ليكتشف العالم بأسره أن جماعة الوعد الصادق قد قاموا بالتنسيق مع إسرائيل وحلفائها قبل العملية بأيام، لتحديد وقت وصول الصواريخ والمسيرات إلى الأجواء الإسرائيلية، ليتم اعتراضها وتدميرها قبل أن تحدث أي ضرر، وإن كان بعضها لا يحمل رؤوساً متفجرة، حسب زعم الجانب الإسرائيلي، وهذا ما تم بالتمام والكمال أمام أعين العالم، ومن لا يصدق فعليه قراءة التقارير الأمريكية، فهي أصدق قولاً مما نقرأه ونسمعه حولنا. ختاماً: هذه بعض نتائج مسرحية الوعد الصادق 1 ـ أعادت الهجمات التفاف الشعب الإسرائيلي حول رئيس الوزراء نتانياهو، بعد أن كان مهدداً بفقد منصبه. 2 ــ عودة الدعم الكامل من الإدارة الأمريكية والكونغرس الأمريكي لنتانياهو، بعد أن كانوا يطالبون بإجراء انتخابات مستعجلة لعدم رضاهم عنه. 3 ــ تغيير موقف المجتمع الدولي المعارض لإعمال نتانياهو الإجرامية في غزة، حيث بدأت الأموال والأسلحة تتدفق على إسرائيل مرة أخرى. وهكذا أنقذ النظام الحاكم في إيران ، إسرائيل، من ورطة غزة، وأعادها لكي تعربد فيها مرة أخرى، وبدعم من كل الدول التي عارضت الحرب على غزة، لسبب بسيط، وهو أنها تعتبر إيران هي الداعم الأول لحركة حماس، أو كما يظن قادة حماس والجماعة من ورائهم.
مشاركة :