القاهرة– أثارت صور لتدريب عسكري مصري على تدمير الدبابة “ميركافا” جدلا سياسيا في مصر، في حين يقول محللون إن الرسائل التي تلقفها الشارع المصري بشأن استعداد مصر لمواجهة إسرائيل تعد مبالغة في التأويل ربما تعمدت القاهرة ترويجها في سياق التنفيس والإيحاء بأن إسرائيل لا تزال عدوا في عقيدة الجيش المصري العسكرية. وفهم مصريون أن قيادتهم السياسية تريد طمأنتهم حاليا بأن الانخراط في الوساطة لا يعني عدم الجاهزية العسكرية للتعامل مع أي مفاجأة، وفسر إسرائيليون ذلك بأن مصر لن تتوانى عن الانخراط في حرب إذا تصاعدت الأحداث في رفح. والسبت تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي مع طلاب الأكاديمية العسكرية عن حرص الدولة على تطوير المنظومة التعليمية، بما يضمن تلقيهم أفضل أنواع التدريب لرفع كفاءتهم بالشكل الذي يتوافق مع المتطلبات الفنية الواجب توافرها في طلبة الكليات العسكرية. التدريب العملياتي في الأكاديمية العسكرية يبدو أمرا معتادا، لكن هذه المرة اتخذ بعدا أمنيا وسياسيا مباشرين بسبب سخونة التطورات الإقليمية الراهنة وحملت زيارة السيسي عرضا مفصلا ولافتا للدبابة “ميركافا” وكيفية تدميرها وعيوب أنظمة الحماية الخاصة بها، ما أثار تساؤلات حول الإشارات التي تنطوي على اختيار هذا النموذج الآن، والجهة أو الجهات المعنية بها. وتعد الدبابة “ميركافا” واحدة من الآليات العسكرية التي استخدمتها إسرائيل في هجومها البري على غزة. وركزت الحصة التدريبية على هذه الدبابة بحكم أنها معروفة جيدا في حروب المدن، وتستطيع تدمير الصواريخ التي تطلق من الجو وأسلحة الهجوم المضادة للدبابات، ويمكنها مواجهة الحرائق، وإطلاق النيران بكثافة ضد الطائرات. وأكد الخبير العسكري المصري اللواء حمدي بخيت أن الصور التي انتشرت أثناء زيارة الرئيس السيسي إلى الأكاديمية جرى تأويلها بأكثر مما تحتمل، لأن الكليات العسكرية في أي دولة يتم تدريب عناصرها على العدائيات التي تواجهها على الاتجاهات الإستراتيجية المختلفة، وما يتدرب عليه طلبة الكليات العسكرية في مصر ليس وليد اللحظة ومعلن ولا يرتبط بتوجيه رسائل سياسية أو عسكرية إلى أي أحد. وأشار في تصريح لـ”العرب” إلى أن “مصر لم تقصد توجيه رسائل سلبية إلى أي طرف، ويبدو أن هناك محاولات للتربص بما يقوم به الجيش المصري من عمليات تدريب وتسليح وجاهزية، في حين أن زيارات الرئيس السيسي إلى الأكاديمية العسكرية تتكرر بين حين وآخر، ودائما ما يتم الإعلان عن بعض تفاصيل ما جرى فيها”. وأوضح اللواء حمدي بخيت أنه ليس من المنطقي أن تذهب مصر باتجاه قيادة دور الوساطة بين إسرائيل وحماس للوصول إلى هدنة توقف العمليات العسكرية في غزة وتقوم في المقابل بإرسال إشارات تهديد مباشرة، وثمة أهداف مهمة في هذا التوقيت تتمثل في وقف التصعيد بما يمنع المزيد من اشتعال الأوضاع في المنطقة. ويتأتّى شعور شريحة من المصريين بالارتياح لتدريب الطلبة على تدمير “ميركافا” من الاعتقاد في أن المؤسسة العسكرية المصرية منتبهة جيدا لخطورة التحديات الخارجية التي يمكن أن تهدد الأمن القومي، واختيار رمز عسكري من إسرائيل يعزز الاقتناع بأن أول درس يتلقاه طلبة الكليات العسكرية في مصر هو الخطر الذي يأتي من جانب إسرائيل في أي لحظة، وأن الجبهة الشرقية يجب أن تظل يقظة على الدوام. ii ويقول مراقبون إن القاهرة تعرضت لانتقادات كثيرة خلال الفترة الماضية على تعاملها مع التغول العسكري الإسرائيلي المحتمل في رفح القريبة من الحدود المصرية، وأرادت الإيحاء بأنها منتبهة لما يجري في المنطقة، وأن عملية اجتياح رفح التي ترفضها مصر تماما قد تؤدي إلى خروج الموقف المصري عن ضبط النفس. ويضيف المراقبون أن التدريب العملياتي في الأكاديمية العسكرية يبدو أمرا معتادا، لكن هذه المرة اتخذ بعدا أمنيا وسياسيا مباشرين بسبب سخونة التطورات الإقليمية الراهنة، والتي ظلت مصر تتعامل معها بدرجة عالية من الصبر، وقد فسره البعض بأنه قبول بالأمر والواقع، وهو ما أرادت القاهرة نفيه بطريقة غير مباشرة. وتعد “ميركافا” إحدى دبابات القتال التي تستخدمها إسرائيل منذ سنوات طويلة، وبدت من معالم قواتها العسكرية في الحروب التي خاضتها ضد جهات عربية، وتحوي تصميما يوفر لطاقمها النجاة عند التعرض لضربات قوية، ورغم ذلك أعلنت حماس استهداف عدد منها في الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.
مشاركة :