قال وزير الخارجية، الأمير فيصل بن فرحان، إن منح الفلسطينيين حقوقهم هو الحل الوحيد الذي يجلب الاستقرار والحقوق والأمن والسلام للجميع، رافضاً الحديث عما وصفه بـ«أنصاف الحلول» التي يطرحها البعض. ووصف الوزير السعودي الوضع في غزة بـ«الكارثي»، بكل ما للكلمة من معنى، وعدَّ ذلك «فشلاً للنظام السياسي الحالي للتعامل مع هذه الأزمة، نواجه توسعاً كبيراً للوضع إذا لم نصل لاتفاق لوقف إطلاق النار قريباً، نسمع عن مقترح على الطاولة نأمل أن يكون كافياً لتطبيق وقف إطلاق النار، لكن حتى لو توصلنا لوقف إطلاق النار، علينا التعامل مع تبِعات هذا النزاع». جاء ذلك خلال مشاركة الأمير فيصل بن فرحان في جلسة بالاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض، أمس، تحدث خلالها عن وجود تقديرات تقارير أممية حديثة تشير إلى أن إزالة الأنقاض فقط في قطاع غزة تتطلب نحو 15 عاماً، في حين تحتاج عملية إعادة الإعمار إلى 30 عاماً. وطالب الوزير المجتمع الدولي بالانتقال من الكلام إلى الفعل، وقال: «نسمع من معظم الشركاء في المجتمع الدولي .. علينا الانتقال من الكلام إلى خطوات ملموسة فعلية على الأرض، ولا يمكن أن نترك ذلك للأطراف المتنازعة». وأضاف: «في منطقتنا عندما يتعلق الأمر بالمملكة والدول الأخرى، نحن نركز ليس على النزاع، بل على المنافسة في النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية، وأن نكون جزءاً من انتقال النظام العالمي القديم إلى النظام العالمي الجديد». وانتقد الأمير فيصل بن فرحان دخول الأزمة في غزة شهرها السابع، بالقول: «ما زلنا نناقش هل يدخل ما يكفي من الشاحنات الإنسانية إلى غزة، هذا الأمر غير مقبول على الإطلاق». وتابع: «إن الوضع صعب للغاية، وهناك إمكانية أن يتوسع ويصبح أسوأ مما هو عليه الآن، نحن في المنطقة لن نركز على حل الأزمة الحالية وحسب، نريد أن ننظر كيف نحل المشكلة الكبرى؛ وهي التوصل لالتزام حقيقي لحل الدولتين، وهو الحل الوحيد الذي يضمن عدم العودة للوضع نفسه بعد عامين أو أربعة أعوام». وبشأن إعادة إعمار غزة في الوقت الذي ترفض فيه إسرائيل أي مسار سياسي يضمن حل الدولتين، أوضح وزير الخارجية السعودي أن «فكرة الحديث عن أنصاف الحلول، وأن نتحدث عن مصير مليونين أو مليون ونصف مليون شخص في غزة وأين سيكون مصيرهم دون التأكد من عدم تكرار هذه الحرب، تعد أمراً سخيفاً». وزاد: «أي شخص يحاول أن ينهج هذا النهج مخطئ، المنطقة بأكملها من مصلحتها ومصلحة الفلسطينيين وإسرائيل والأمم المتحدة والأسرة الدولية أن نجد حلاً دائماً للقضية الفلسطينية؛ لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي تسمح لنا بتفادي تكرار هذه الحرب، وأن نتفادى المعاناة التي حدثت». وشدَّد الأمير فيصل بن فرحان على أن «الآليات متوفرة، والمسارات موجودة لدى الأسرة الدولية، الأدوات التي تسمح لنا بتخطي مقاومة أي جهة أو أي بلد من أي جهة كانت لتعرقل هذا المسار، ما نحن بحاجة إليه فقط هو أن نمنح الفلسطينيين حقوقهم، هذا هو الحل الوحيد الذي يجعل الاستقرار والحقوق والأمن والسلام للجميع، وعندها يمكننا الحديث عن استثمار مواردنا». وقال: «نعرف أن هناك رافعات واضحة، وأخرى ربما مخفية، لكنها ستطلقنا وتدفعنا نحو هذا الاتجاه، أنا متفائل، ونحن في المملكة سنبذل الغالي والنفيس لتحقيق ذلك؛ على أمل أن تعي الأسرة الدولية مدى أهمية هذا الحل، ونعمل مع شركائنا الأوروبيين لكي نترجم هذه النية إلى واقع». بدوره، أعرب وزير المالية محمد الجدعان عن قلق المملكة إزاء التداعيات الاقتصادية للحرب في غزة خلال كلمته أمام المنتدى حيث قال إنه «حين يكون هناك نزاعات في منطقتك فإنها تضع الكثير من الضغوط على المشاعر والمزاج وليس سراً أنّ الاقتصاد يتأثر بالمزاج» العام. وأضاف قائلاً: «في المملكة وخلال السنوات القليلة الماضية وضعنا هدفاً إستراتيجياً واضحاً وهو خفض التصعيد في المنطقة». وأردف أنّ «المنطقة تحتاج إلى الاستقرار. المنطقة تحتاج حقيقةً للتركيز على شعوبها ونموها واقتصادها عوضاً عن السياسة والنزاعات». وكان وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم قد قال في مؤتمر صحافي السبت عشية المنتدى إنّ «العالم يسير اليوم على حبل مشدود، ويحاول تحقيق التوازن بين الأمن والازدهار». وسيحاول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وقادة فلسطينيون ومسؤولون رفيعو المستوى من دول أخرى التوسط لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس خلال القمة المنعقدة في الرياض، عاصمة أكبر بلد مصدّر للنفط الخام في العالم. وتلقي الحرب المستمرة منذ قرابة 7 أشهر بظلالها على الشرق الأوسط مع تواصل المخاوف من اندلاع مواجهة إقليمية أوسع. وفيما يترقب الفلسطينيون اجتياحاً إسرائيلياً لمدينة رفح في جنوب قطاع غزة، اعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال كلمته أمام المنتدى أنّ الولايات المتحدة هي «البلد الوحيد» القادر على إيقاف هذا الهجوم الإسرائيلي المحتمل. وقال محمود عباس «نناشد الولايات المتحدة الأمريكية بالطلب من إسرائيل أنّ تتوقف عن عملية رفح»، معتبراً أنها ستكون «أكبر كارثة في تاريخ الشعب الفلسطيني» في حال حدوثها. وقال رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورج بريندي في مؤتمر صحافي السبت «هناك زخم جديد الآن في المحادثات بشأن الرهائن وأيضاً من أجل إيجاد مخرج محتمل من المأزق الذي نواجهه في غزة»، دون أن يذكر مزيداً من التفاصيل. ومع ذلك، لن تكون هناك مشاركة إسرائيلية في القمة، وأشار بريندي إلى أن الوساطة الرسمية التي تشمل قطر ومصر تتكشف في أماكن أخرى. وأضاف «ستكون هناك مناقشات بالطبع حول الوضع الإنساني الحالي في غزة» و»ستتم مناقشة الجوانب الإقليمية أيضاً مع إيران» التي تدعم حركة حماس وحزب الله اللبناني، خلال ما «يمكن أن يصبح اجتماعاً بالغ الأهمية». ومطلع الشهر الماضي، تبدّدت الآمال في أن يتمكن الوسطاء من التوصل إلى هدنة جديدة في غزة قبل شهر رمضان أو خلاله. والسبت، أعلنت حركة حماس أنّها «تدرس» ردّ إسرائيل على اقتراح بشأن هدنة محتملة في غزّة مرتبطة بإطلاق سراح رهائن محتجزين بالقطاع، غداة وصول وفد مصري إلى إسرائيل في محاولة لاستئناف المفاوضات المتعثرة. وتكثف الجهود الدبلوماسية أمس للتوصل إلى هدنة في غزة تنص على الإفراج عن رهائن، فيما تواصل إسرائيل هجماتها في القطاع الفلسطيني المحاصر والمهدد بالمجاعة. وأعلن مسؤول كبير في حماس أن وفداً من الحركة سيقدم ردها اليوم في القاهرة على مقترح هدنة إسرائيلي مرتبط بالإفراج عن الرهائن، بعد نحو سبعة أشهر من بدء الحرب التي اندلعت إثر هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر. وفي الأثناء، لم تهدأ التحركات العسكرية في القطاع الصغير المحاصر الذي تحكمه حماس منذ عام 2007. وقال الجيش الإسرائيلي الأحد إنه قصف «عشرات الأهداف الإرهابية» في وسط غزة. وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس أمس أنه «خلال 24 ساعة حتى صباح الأحد، وصل 66 شهيداً و138 إصابة إلى المستشفيات» في قطاع غزة. وفي الوقت نفسه، تستعد إسرائيل لشن هجوم بري في رفح التي تضم نحو 1,5 مليون فلسطيني، معظمهم من النازحين. وتخشى عواصم ومنظمات إنسانية سقوط ضحايا كثر في هذه المدينة التي تتعرض أساساً لقصف منتظم من قبل الجيش الإسرائيلي. انفتاح إسرائيلي على الهدنة لأول مرة نقل موقع أكسيوس عن مسؤولين إسرائيليين، أن الاقتراح الاسرائيلي الخاص بالهدنة يتضمن الرغبة في مناقشة «إرساء هدوء دائم» في غزة. وبحسب الموقع نفسه، هذه هي المرة الأولى منذ الحرب المستمرة منذ ما يقرب من سبعة أشهر التي يشير فيها القادة الإسرائيليون إلى أنهم منفتحون على مناقشة إنهاء الحرب. يأتي ذلك في الوقت نفسه، تتزايد الضغوط الداخلية على حكومة بنيامين نتانياهو. فقد تجمع آلاف المتظاهرين مساء السبت في تل أبيب للمطالبة بالإفراج عن الرهائن المختطفين. وهتف المتظاهرون في تل أبيب مساء السبت «اتفاق الآن» وطالبوا حكومة نتانياهو بالاستقالة. وقبيل ذلك، نشرت حماس مقطع فيديو يظهر فيه الرهينتان، كيث سيجل (64 عاماً) وعمري ميران (47 عاماً). وهذا هو الفيديو الثاني الذي تنشره حماس خلال أيام. وفي التجمع الحاشد في تل أبيب، حث والد ميران حماس على «إظهار حس إنساني»، وطلب منها أيضًا «اتخاذ قرار الآن». سفينة العسكريين الأمريكيين في الطريق لبناء رصيف اصطناعي في غزة غادرت سفينة بريطانية قبرص السبت ليتمركز عليها مئات العسكريين الأمريكيين الذين يقومون ببناء رصيف اصطناعي في غزة لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية. من جهتها، أعلنت قبرص أن سفينة محملة بالمساعدات عادت من غزة مطلع أبريل بعد غارة إسرائيلية أسفرت عن مقتل سبعة من عمال الإغاثة، في طريقها إلى غزة مجدداً. وقال الجيش الإسرائيلي السبت إن 25 ألف شاحنة مساعدات إنسانية دخلت غزة منذ السابع من أكتوبر. ويقدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) العدد بـ23 ألف شاحنة.
مشاركة :