تل أبيب - أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الثلاثاء أن الجيش الإسرائيلي سيشنّ هجوما بريا في رفح "مع أو دون" هدنة مع حركة حماس في قطاع غزة، قبيل وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل. وبدت تصريحات نتنياهو رسالة طمأنة للجناح اليميني المتشدد داخل الحكومة الإسرائيلية الذي يصر على المضي قدما في اجتياح رفح. وسبق أن توعد وزراء يمينيون بالانسحاب من الحكومة في حال تم إلغاء خطط اجتياح المدينة، ما يعني إسقاط حكومة نتنياهو. وأطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي تحذيراته رغم معارضة الكثير من العواصم العربية والغربية والمنظمات الإنسانية لعملية برية في رفح، معربة عن تخوّفها من وقوع خسائر فادحة في صفوف المدنيين في حال شن هجوم على هذه المدينة التي لجأ إليها مليون ونصف مليون فلسطيني. ويأتي ذلك فيما حل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالأردن قبل أن ينتقل إلى إسرائيل، بعد زيارة إلى السعودية في إطار جولة جديدة في الشرق الأوسط ضمن مساعي التوصّل إلى هدنة في القطاع الفلسطيني المحاصر وسط أزمة إنسانية كبيرة. وعلى الصعيد الدبلوماسي أيضا، وصل وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه الثلاثاء إلى إسرائيل حيث التقى نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس. في الأثناء، تنتظر دول الوساطة رد حركة حماس على مقترح الهدنة لأربعين يوما والتي تشمل الإفراج عن رهائن محتجزين في غزة منذ بداية الحرب في مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين محتجزين في السجون الإسرائيلية. وقال مسؤول إسرائيلي كبير الثلاثاء إن الحكومة الإسرائيلية ستنتظر حتى “مساء الأربعاء” رد حركة حماس على مقترح هدنة في غزة قبل إرسال وفد إلى القاهرة لإجراء محادثات حول وقف إطلاق النار. ◙ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عالق في شراك حلفائه من اليمين المتشدد وأوضح المسؤول الذي طلب عدم كشف اسمه “إسرائيل ستتخذ قرارا بمجرد أن تقدم حماس ردّها… سننتظر حتى مساء الأربعاء قبل اتخاذ قرار” بشأن إرسال الوفد من عدمه. ومن جهته، أعرب بلينكن أثناء وجوده الاثنين في الرياض عن “أمله” في الحصول على ردّ إيجابي من حماس “على اقتراح سخي جدا من جانب إسرائيل”. لكن رغم استنكار الكثير من العواصم العربية والغربية ومنظمات إنسانية، تؤكد إسرائيل أنها ستمضي قدما في خطتها لشن هجوم بري على رفح الواقعة عند الحدود مع مصر والتي تعدها إسرائيل المعقل الرئيسي الأخير للحركة. وقال نتنياهو خلال لقائه ممثلين لعائلات الرهائن، وفق ما نقل عنه مكتبه “فكرة أننا سنوقف الحرب قبل تحقيق كل أهدافها غير واردة. سندخل رفح وسنقضي على كتائب حماس هناك مع أو دون اتفاق، من أجل تحقيق النصر الشامل”. ويؤكّد نتنياهو أن الهجوم على رفح ضروري لهزيمة حماس التي تتولى السلطة في غزة منذ العام 2007، وتحرير الرهائن. وبعد اجتماع عُقد الاثنين في القاهرة مع ممثلي مصر وقطر اللتين تقودان جهود الوساطة إلى جانب الولايات المتحدة، غادر وفد حماس العاصمة المصرية إلى الدوحة لدراسة مقترح الهدنة الأخير. وقال مصدر من الحركة “نحن معنيون بالرد بأسرع وقت ممكن”، في وقتٍ أفاد فيه موقع قناة “القاهرة الإخباريّة” المقرب من الاستخبارات المصريّة بأنّ وفد حماس “سيعود” إلى القاهرة مع “ردّ” مكتوب على هذا المقترح. ويأتي المقترح بعد أشهر من الجمود في المفاوضات غير المباشرة الرامية إلى إنهاء الحرب بعدما تم التوصل إلى هدنة لمدة أسبوع في نهاية نوفمبر، سمحت بالإفراج عن حوالي 105 رهائن لدى حماس من بينهم 80 إسرائيليا ومزدوجي الجنسية في مقابل 240 أسيرا فلسطينيا لدى إسرائيل. وفي مخيّم النصيرات الواقع في وسط القطاع والذي غالبا ما يتعرّض للقصف، كان سكان يزيلون الأنقاض بأيديهم العارية. وقال بلال شلبي وهو أحد الناجين “سنعيد البناء من جديد بمساعدة الشباب والأطفال. جيل مماثل يصعب كسر عزيمته وإرادته. سيعيد البناء بالتأكيد”. وفي 7 أكتوبر، نفذت حماس هجوما في إسرائيل أسفر عن مقتل 1170 شخصا، معظمهم من المدنيين، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيليّة رسميّة. وخطف أكثر من 250 شخصا ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفّي 34 منهم وفق مسؤولين إسرائيليّين. وردا على الهجوم، تعهّدت إسرائيل القضاء على حماس التي تعتبرها الدولة العبريّة والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي “منظّمة إرهابيّة”. وأدّى هجومها على غزّة إلى مقتل أكثر من 34535 شخصا، معظمهم من المدنيين. وتطالب حماس بوقف دائم لإطلاق النار قبل أيّ اتفاق بشأن إطلاق سراح الرهائن، وهو ما ترفضه إسرائيل. ◙ بلينكن يكرّر تأكيده معارضة واشنطن لهجوم إسرائيلي على رفح التي تضمّ أكثر من 1.5 مليون فلسطيني وقال عضو المكتب السياسي لحماس وعضو فريق التفاوض في الحركة زاهر جبارين إن الحركة تطالب بـ”وقف إطلاق نار دائم والانسحاب من قطاع غزة، وعودة النازحين ووضع موعد زمني واضح في بدء الإعمار والتعويضات، والوصول إلى صفقة تبادل حقيقية ترفع الظلم عن أسرى وأسيرات الشعب الفلسطيني، خاصة أسرى غزة”. وفي الرياض، كرّر بلينكن تأكيده معارضة واشنطن لهجوم إسرائيلي على رفح التي تضمّ أكثر من 1.5 مليون فلسطيني، معظمهم من النازحين، يعيشون في ظروف صحية كارثية. وبعدما تحمّلت برد الشتاء، تعاني الأسر النازحة في رفح الآن ارتفاع درجات الحرارة وخطر انتشار الأمراض، مع حرمانها من المياه الجارية. وقال الفلسطيني أبوطه الاثنين وهو يقف في مستشفى النجار أمام جثث أقاربه “نطلب من العالم كلّه أن يدعو إلى هدنة دائمة، هذا يكفي”. وتصل المساعدات الدولية التي تخضع لتفتيش صارم من السلطات الإسرائيلية بكميات ضئيلة عبر معبر رفح بشكل رئيسي، لكنها تبقى غير كافية نظرا إلى الحاجات الهائلة لسكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة. وتمارس الولايات المتحدة ضغوطا على إسرائيل لتسهيل دخول المساعدات عن طريق البر، كما بدأت بإنشاء ميناء عائم قبالة ساحل غزة بهدف استيعاب المساعدات التي تصل بالسفن. ومن جهته، أكد المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني الثلاثاء أن مجموع المساعدات التي علّقت للوكالة الأممية يبلغ حاليا 267 مليون دولار أميركي.
مشاركة :