لتسمح لي إذاعة جدة الموقرة بإدارة مبدعها الإذاعي سمير بخش، أن أستعير عنوان برنامجهم الثقافي الاجتماعي المميز «سلام من أرض السلام» بمناسبة زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لمصر الكنانة خلال الأسبوع الفائت. ومردُّ ذلك أن في جوهر العنوان المطروح رسالة عميقة ومهمة، على الصعيدين الثقافي والسياسي، يمكن أن يكون عنواناً رئيساً للقرن الـ21م الذي نحنُ على أعتابه. لقد حرصت المملكة منذ مبادرة فاس على عهد الملك فهد، ثم مبادرة بيروت على عهد الملك عبدالله، على تحقيق ما نُسمِّيه سياسياً بالسلام العادل مع الكيان الصهيوني، الذي ينص على تحرير القدس الشرقية والاعتراف بدولة فلسطين حرّة مستقلة على جانب من أرض فلسطين التاريخية. لكن الكيان الغاصب لم يأبه لكل تلك المبادرات العربية للسلام، ولم يحرص على أن ينهي الأزمة السياسية بالشكل المرضي والعادل نسبيًا، وكان متكئاً على أن العرب غير قادرين على خوض حرب بشكل متحد من بعد حرب العاشر من رمضان 1973م، جراء حالة التفتت والوهن التي أصابتهم، ونتيجة لخوض بعضهم لمحادثات سلام منفردة كما حصل ابتداءً بين مصر وإسرائيل، ثم الأردن وإسرائيل، وكذلك منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل. على أن ذلك كان في ثنايا القرن الـ20م، ويظهر أن القرن الذي نحن على أعتابه ستكون ملامحه مختلفة إيجابًا بشكل كبير، إذ وكما يُقال في المثل الدارج: «اشتدِّي يا أزمة تنفرجي»، ويقيني أن أزمتنا على صعيد العالم العربي قد بلغت غاية جذوتها في الاشتعال، وما نشهده في مختلف البؤر المتوترة عربياً خير شاهد على ذلك، وآن الآوان لأن تخمد أوارها، بل وباتت الرغبة حاصلة لدى كل القيادات السياسية والاقتصادية والميدانية العسكرية لأن تنتهي كل الحروب التي ثارت بين مختلف الأطراف. يأتي ذلك بالتزامن مع ولادة قيادة عربية إسلامية جديدة، تشارك في قيادة دفّتها بشكل رئيس المملكة العربية السعودية بحكمة قائدها، وبمؤازرة من قيادة مصر الحديثة، التي يأتي على رأس أولوياتها نفض كل العوالق الثقيلة التي أرهقت كاهل الإنسان المصري وأثَّرت على طاقته وقوّته، فكان أن انعكس ذلك سلباً على باقي الأمة العربية. في إطار كل ذلك وغيره، جاءت زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر الحاضر والمستقبل، لتُعزِّز من أهمية مصر ودورها في المرحلة الجديدة، وتُؤكِّد بما تم الاتفاق عليه من مشاريع إنمائية وثقافية وعلى رأسها إعلان إنشاء جسر الملك سلمان الرابط بين سيّدتي القارات آسيا وإفريقيا، على أن القرن القادم يجب أن يكون طابعه السلام، فهل تصل الرسالة ويتحقق المراد؟!. zash113@gmail.com
مشاركة :