من يتتبع سيرة ومسيرة الشاعر الراحل محمد الصغير أولاد أحمد يلمس أن هذا الشاعر الإنسان تصدى لمواقف ثقافية أوقعته في خانة المغضوب عليهم، وكثيرا ما كان اصطفافه في خانة المهمشين والمتعبين في الأرض مثار سخط النظام عليه. شقي بالثقافة إلا أنه كان سعيدا بالشعر، رسم بالكلمات عصافير حب، وحلّقت كلماته حمائم سلام، وانتظمت أبياته فراشات غابات استوائية ترفرف حول الماء. كان مبتلا بالعاطفة حدّ استثارة عطف الأطفال وشفقة المشردين الذين كثيرا ما أشعلوا الدفء في حناياه بترديد أبياته المعتّقة في أنهار الشجن. ولد أولاد أحمد 4 أبريل 1955 في سيدي بوزيد. عاش في بيئة فقيرة وقاسية في فترة خروج الاستعمار الفرنسي وبداية بناء الدولة التونسية. بدأ تعليمه في كتّاب القرية، فتعلم القراءة، وحفظ القرآن ثم دخل المدرسة الابتدائية بمنطقة النوايل في سيدي بوزيد ومنها حصل على شهادة التعليم الابتدائي عام 1968. ولم تكن هناك في تلك الفترة مدرسة ثانوية فانتقل إلى محافظة قفصة لمواصلة تعليمه الثانوي. انتقل إلى العاصمة ليواصل دراسته بالمدرسة العليا لأطر الشباب بمنطقة بئر الباي بين 1975 و1977 وحصل على شهادة منشط شباب. في عام 1978 عاد إلى سيدي بوزيد وحصل على شهادة البكالوريا، وسافر إلى فرنسا إذ درس علم النفس في جامعة رامس. عمل منشطا في دور ثقافية قبل أن يعرف البطالة من 1987 إلى 1993، وعمل ملحقا ثقافيا بوزارة الثقافة من 1993 إلى 1997، ثم أسس وترأس بيت الشعر التونسي من سنة 1993 إلى 1997، وعمل في عدة صحف محلية وأجنبية. كتب أول ديوان شعري عام 1984 في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وقد كشف الديوان ملامح شاعر غاضب وثائر ما أسهم في منع توزيع ديوانه وبقي محجوزا حتى 1988. رفض وسام الاستحقاق الثقافي عن فكرة تأسيس بيت للشعر. له من الكتب «نشيد الأيام الستة» عام 1984، و«ليس لي مشكلة» 1998، و «حالات الطريق» 2013. وله كتابان في النثر هما «تفاصيل» عام 1991 و «القيادة الشعرية للثورة التونسية» عام 2013. حصل على جائزة قرطاج العالمية للشعر عام 2011 وذلك في إطار الملتقى التونسي الإسباني الأول للثقافة. وتوفي في الخامس من إبريل 2016.
مشاركة :