مراجعات للخطاب الثقافي السعودي ودوره في حماية النسيج الاجتماعي بمركز «الحوار الوطني»

  • 4/14/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ماتزال قضية الخطاب الثقافي السعودي وكيفية تطويره من المواضيع التي تأخذ حيزاً كبيراً من جهود المؤسسات والجهات المعنية بمواضيع الثقافة والفكر، ومن أكثر القضايا التي حازت على اهتمام المثقفين والمثقفات والمهتمين بالشأن الثقافي في هذا الموضوع هو كيفية إعادة صياغة المشهد الثقافي السعودي ليكون أكثر حداثة ومعاصرة للتطورات التي مر بها المجتمع. ويتطلع الكثير من المثقفين والمثقفات إلى تطوير الخطاب الثقافي السعودي وإعادة صياغته بما يكفل له القدرة في المستقبل على الاستمرار في التأثير ومواجهة التحديات التي يشهدها العالم والمنطقة بشكل عام، وبالأخص ما يتعلق منها بمواضيع الهوية الثقافية للمجتمع، وما يمكن أن يمثله هذا الخطاب في المستقبل من نهضة ثقافية شمولية تتفق مع المكانة التي وصلت إليها المملكة في مختلف الأصعدة العربية والإقليمية والدولية. وبرزت في الآونة الأخيرة أصوات فكرية تدعو إلى إعادة مراجعة الخطاب الثقافي السعودي بشكل جديد، وإيجاد مناخ فكري يبلور الرؤى الوطنية التي تقدمها الأطياف الفكرية في إطار مسؤوليتها الوطنية للوصول إلى مشروع ثقافي يستلهم جميع المتغيرات الثقافية لترسيخ القيمة الوطنية في الخطاب الثقافي السعودي في إطارها المحلي وبعدها الدولي. المشاركون في اللقاءات الفكرية يؤكدون ضرورة الاستمرار في تعزيز التلاحم بين الأطياف الفكرية كما نادت أصوات متعددة في الساحة الثقافية بضرورة تحديد طبيعة ومستقبل الخطاب الثقافي السعودي، للوصول إلى خطاب وطني معتدل يعبّر عن طبيعة المجتمع، وعن معطياته الفكرية المتجددة وفق قيم الإسلام المبنية على الوسطية والاعتدال والتسامح. وقد شهدت الساحة الثقافية خلال الفترة الماضية العديد من المماحكات والصراعات بين بعض التيارات الثقافية المختلفة وسجالات فكرية وصلت في بعض الأحيان إلى التراشق الإعلامي والتصنيف الفكري سواء في وسائل الإعلام التقليدية أو في وسائل الإعلام الجديد، والذي ساهم بدوره إلى انسحاب تلك المفردات والتصنيفات على مواقع التواصل الاجتماعي. جهود المركز يعتبر مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني من أبرز الجهات التي أولت موضوع تطوير الخطاب الثقافي السعودي وبحث آفاقه المستقبلية اهتماماً كبيراً، على اعتبار أن هذا الخطاب هو المؤثر الفكري في المجتمع وموجه حركته من خلال الأطروحات التي تقدمها التيارات الفكرية، والمعبّر في الوقت ذاته عن طبيعة علاقة هذه التوجهات الفكرية ببعضها البعض. وركّز المركز في تناوله لموضوع تطوير الخطاب الثقافي السعودي على عدد من الجوانب التي لها علاقة بموضوعات الوحدة الوطنية، والحفاظ على النسيج الاجتماعي وتعزيز التلاحم بين جميع الأطياف الفكرية في المجتمع. وخصص له العديد من اللقاءات والاجتماعات مع العلماء والمثقفين والمثقفات ومن مختلف الأطياف الفكرية، فكان أول لقاء ينظمه المركز لبحث هذا الموضوع، هو اللقاء الذي عقده بداية العام الهجري 1431ه، تحت عنوان "واقع الخطاب الثقافي السعودي وآفاقه المستقبلية"، في محافظة الأحساء. وقد أكد حينها المشاركون والمشاركات على أهمية قراءة هذا الخطاب واستشراف مستقبلة واستشراف مستقبله الذي يعوّل عليه في تعميق المشتركات واستثمار التنوع الثري في المجتمع السعودي في تعزيز الوحدة الوطنية، وفي التعبير عن طبيعة المجتمع السعودي في الوقت الحاضر. مشاركة 500 مثقف ومثقفة كما أكد المشاركون في تلك اللقاءات على ضرورة استمرار المركز في بحث موضوع مستقبل الخطاب الثقافي السعودي، وهو ما استجاب له المركز سريعاً، ليتم تنظيم ثمانية لقاءات متواصلة للحوار حول واقع الخطاب الثقافي السعودي وآفاقه المستقبلية، في مناطق المملكة الرئيسية، وشارك فيها أكثر من 500 من المثقفين والمثقفات والمهتمين بالشأن العام، وتناولت عدداً من المواضيع المختلفة في عناوينها والمتفقة في مغزاها ومضمونها، فعلى الرغم من تنوع تلك العناوين، غير أنها جميعاً كانت تدور حول قضايا اللحمة الوطنية، والحفاظ على النسيج الاجتماعي، وتعزيز الروابط بين جميع الأطياف الفكرية للخروج برؤى وأفكار وطنية مشتركة حول القضايا الهامة. واستمرت لقاءات المركز لبحث مستقبل الخطاب الثقافي السعودي، حيث نظم لقاءه الثاني تحت عنوان: الهوية والعولمة في الخطاب الثقافي، واللقاء الثالث تحت عنوان: القبلية والمناطقية والتصنيفات الفكرية وأثرها على الوحدة الوطنية، واللقاء الرابع تحت عنوان: مستقبل الخطاب الثقافي السعودي "الإصلاح والتطوير"، واللقاء الخامس تحت عنوان: الثوابت الوطنية للخطاب الثقافي السعودي، واللقاء السادس بعنوان: الحراك الثقافي في مواقع التواصل الاجتماعي. خطورة التصنيفات الفكرية خصص المركز اللقاءين السابع والثامن من لقاءات الخطاب الثقافي لبحث موضوع التصنيفات الفكرية وأثرها على الوحدة الوطنية، وهو من أكثر المواضيع التي حظيت باهتمام كبير لدى المثقفين والمثقفات، لما يرونه فيها من مهددات مستقبلية لاستقرار ووحدة المجتمع، والتي ستكون أكثر خطورة إذا ما تم ترسيخها في ذهنية الأجيال المقبلة، وأصبحت من المسلمات الفكرية في المجتمع، كما يرون أنها قد أصبحت معوقاً أمام فرص تجديد الخطاب الثقافي السعودي ليصل إلى مكانته المأمولة، التي تتوافق مع المكانة الرفيعة للمملكة في المجالات السياسية والاقتصادية في الساحة الدولية وبما يتمشى مع مكانتها الروحية في العالم الإسلامي. وعبّر المشاركون والمشاركات في حينه عن عدم ارتياحهم مما تتداوله وسائل التواصل الاجتماعي من تراشقات واتهامات تصل إلى لغة غير مقبولة بين بعض أطياف المجتمع السعودي، وأكدوا على أن تهذيب لغة الحوار عبر هذه الوسائل هو مسؤولية أسرية تربوية إعلامية مجتمعية مشتركة، مع التوصية بسن تنظيم يقنن إجراءات جزائية ضد الكراهية والعنصرية والتعدي على حقوق وحرمات الآخرين. ودعوا إلى الخروج برؤية وطنية شاملة حول كيفية تجنّب التصنيفات الفكرية السلبية والاقصائية التي تمس السلم الاجتماعي ومعوقات الوحدة الوطنية من جانب، وتعمل من جانب آخر على إشاعة قيم الوسطية والاعتدال والتسامح بين جميع مكونات المجتمع السعودي.

مشاركة :