يقول الفزيع: «تهرم الأجسام.. ولا تهرم الأفكار والطموحات» ويعتز بأنه أثناء رحلته الطويلة قد جنى كثيرا من الإعلام والأدب، يقصد تلك العلاقات الرائعة مع زملاء المهنة في الإعلام، وأصدقاء الحرف في الأدب، ويرى أن العلاقات الإنسانية أكبر وأهم مكسب يمكن أن يحققه الإنسان في حياته، وتعود به الذاكرة الخصبة إلى التليفزيون فيتحدث عن فهمي بصراوي -يرحمه الله- الذي ظهر كأول مذيع تليفزيوني سعودي على الشاشة الفضية لقناة شركة أرامكو التي أنشأتها عام 1957 قبل ظهور التليفزيون السعودي عام 1966 ويقول: إن الإعلام هو طبيب الشعوب.. إذا أخطأ في تشخيص أمراضها، فإن أي علاج لها ستكون نتائجه كارثية، وأن الإعلام باعتباره أحد وسائل صنع القرار فإن أخطاءه تنعكس سلبا على حياة المواطن، وأن إعلامنا لا يزال يحتفظ بوقاره، ولكنه قال إن بعض رؤساء التحرير يتسببون في فشل الصحف، وعزا ذلك إلى أن رئيس التحرير هو المسؤول الأول عن مستوى مطبوعته حيث تتفاوت مستويات الطرح الإعلامي ما بين الجرأة والمهادنة، والقارئ يقبل عادة على الصحف الأكثر جرأة، وهذا يحدد المسؤولية في النجاح أو الفشل، ولا يمكن تجاهل الأوضاع المادية لكل مطبوعة إذ تؤثر حتما على مستواها العام، ويرى أن الاستثمارات الناجحة في الإعلام لا تعرف التقتير، وأن الصحافة تعطِي بقدر ما تُعطى. وفي حديثه عن الثقافة قال: لم تعد الثقافة نخبوية مع تعدد قنوات الاتصال وتكاثر مصادر المعرفة، فقد تجاوزت المكان والزمان وأصبحت متاحة للجميع، ولا مجال لتصنيفها بين الرسمية والخاصة، فالأهم ما يقبل الناس عليه سواء كان مصدره رسميا أو خاصا، ولا يغيب عن البال أن الثقافة الرسمية -إن صحت التسمية- مصدرها الأساس هو الخاص، وهدفها هو الخاص أيضا. ولا يمكن تحديد موقع أي مثقف على خارطة الثقافة العربية من خلال جنسيته، بل من خلال عطائه وتفاعله الإنساني مع هموم أمته، وقدرته على الإسهام في معالجة سلبيات الواقع العربي وأمراضه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المستوطنة، فالهموم والقضايا والطموحات والأحلام الكبيرة، والهزائم والانتصارات كلها عوامل مشتركة بين المثقفين في عالمنا العربي، وإن كانت ثمة اختلافات فهي في درجة الإحساس بهذه الحالات الصادمة، والمثقف السعودي في وسط العاصفة التي يواجهها أخوه المثقف العربي، وتمثل للجميع إشكالية كبرى، فالمثقفون يطالبهم الجمهور بتحقيق ما لا يستطيعون، بينما هم يواجهون ممارسات سلطوية ضاغطة تسد الطرق المؤدية لحرية التعبير! ومن الملاحظ أن الحراك الثقافي الذي تعيشه بلادنا في سباق مع الزمن لتعويض ما فات، وهو حراك يواكب مستجدات الثقافة، ويتفاعل معها من حيث التأثر والتأثير، ولعل ما شهده معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام من انفتاح على كل التيارات الثقافية العربية والعالمية يعد مؤشر تطور سعى الجميع للوصول إليه، الدولة والمثقفون معا حيث وسعت دائرة استيعابه لمختلف الاتجاهات الثقافية والتيارات الفكرية، فلا معنى للتشدد في فسح الكتب إذ أثبتت التجارب أن المنع خير دعاية للكتاب الذي بات الوصول إليه أمرا يسيرا. ويقول: إن التنوع الثقافي الذي يعيشه المجتمع السعودي أسهم في إثراء الساحة الثقافية في بلادنا، وأمدها بمصادر متنوعة وغنية وضعت أسسا قادرة على تقديم رؤية شمولية لواقعنا الثقافي إلا أننا لم نستطع بعد تسويق ثقافتنا، وإبراز مثقفينا عربيا ودوليا بالشكل المطلوب، وهو هدف يحتاج لجهود مؤسساتية لتحقيقه، وقال إن أسابيعنا الثقافية في الخارج متواضعة التأثير؛ لأنها اعتمدت في اختياراتها مقاييس غير موضوعية، وأن الاستثمار الثقافي -رغم خصوبته- ما زال ميدانا بكرا يجب على رجال الأعمال أن يلتفتوا إليه، دون أن ننسى دور وزارة الثقافة في هذه المهمة الوطنية الملحة، ويرى أن تحويل أجهزة الإعلام إلى مؤسسات هو بداية الطريق لإلغاء وزارة الإعلام نهائيا، والإبقاء على وزارة الثقافة، وهذه خطوات اتخذت في كثير من الدول، وأثبتت جدواها. وانتقد الفزيع الكتاب الذين جعلوا المرأة أداة في أيديهم وزجوا بها في روايات تركز على أنوثتها دون الالتفات إلى إنسانيتها، وقال إن بعض هذه الروايات موغلة في الفحش والإساءة للمرأة التي يجب ألا تكون وسيلة ترويج للثقافة ولا لغيرها، بل هي صانعة لها. وقفة: هناك من يتفننون في التنظير، لكنهم في حالة العمل يهربون منه كما يهرب السليم من الأجرب؛ لأن القول أهون من العمل، هذا بعض ما قاله الفزيع عندما توقفت معه عند تغريدته: «يقولون إنهم يؤمنون بالحوار.. وعندما يمس مصالحهم، يهربون منه هروب النعامة إلى الرمال»!
مشاركة :