يُجري وفد من المفوضية الأوروبية محادثات تُعتبر سابقة في طهران بعد غد، يشارك فيها سبعة من أعضاء المفوضية. وستتطرّق المحادثات إلى أزمات الأمن في الخليج والشرق الأوسط، والتعاون التجاري والاستثمار، وسلامة المنشآت النووية والطاقة والبيئة. وقال ديبلوماسي أوروبي بارز، إن المحادثات تشكّل «نتيجة مباشرة لتطبيق إيران التزاماتها وفق الاتفاق النووي» المُبرم مع الدول الست في تموز (يوليو) الماضي. وأضاف أن «الاتحاد الأوروبي يسعى إلى توسيع مجالات التعاون مع إيران»، وإجراء «حوار صريح أيضاً في قضايا مثل حقوق الإنسان». ولفت إلى تشجيع طهران على «أداء دور إيجابي للمساعدة على تخفيف التوتر في المنطقة، ودعم جهود الأمم المتحدة في دفع مسار مفاوضات جنيف بين أطراف النزاع السوري، ودعم اتفاق وقف الأعمال القتالية في اليمن، ومحاولة إطلاق مفاوضات الحلّ السلمي في الكويت». واستدرك الديبلوماسي الأوروبي أن «الحوار مع إيران لا يعني تجاوز الخلافات. لكن التعاون في مجالات عدة يساهم في مناقشة المسائل الصعبة». ويرأس وفد المفوضية نائب الرئيس وزيرة الخارجية فيديريكا موغيريني، ويضمّ المفوض الأوروبي المسؤول عن السوق الداخلية والصناعة، ومفوض التغيّر المناخي والطاقة، ومفوض البحوث العلمية والتنمية، ومفوض التعليم والثقافة والرياضة، ومفوض البيئة والشؤون البحرية والصيد البحري. ويلتقي كلّ عضو في المفوضية نظيره في إيران، كما يُجري الوفد الأوروبي محادثات مع وزير الخارجية محمد جواد ظريف ورئيس مجلس الشورى (البرلمان) علي لاريجاني وسكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، وعلي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون السياسية للمرشد علي خامنئي. وسيُصدر الجانبان بياناً مشتركاً يشكّل «خريطة طريق» لتوسيع التعاون بين الاتحاد الأوروبي وإيران. ويسعى الجانبان إلى إبرام اتفاق لافتتاح بعثة ديبلوماسية تمثّل الاتحاد في طهران. وعيّنت موغيريني ديبلوماسيين أوروبيين سيداومون في طهران، ولكن موقتاً داخل بعثة تابعة لواحدة من دول الاتحاد الممثلة في العاصمة الإيرانية، علماً أن طهران تبدي حساسية كبيرة تجاه اتصالات يجريها ديبلوماسيون أوروبيون مع ممثلي المجتمع المدني. والزيارة التي يجريها وفد من المفوضين الأوروبيين إلى إيران، تُعد الأولى بهذا الحجم إلى دولة خارج الاتحاد الذي كان رفع في كانون الثاني (يناير) الماضي العقوبات المفروضة على قطاعات المصارف والتأمين والطاقة، بعد إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية تطبيق إيران التزاماتها وفق الاتفاق النووي. وربطت طهران 33 مصرفاً بنظام التحويلات المالية الدولية (سويفت)، لكنها ما زالت تخضع لعقوبات دولية مرتبطة ببرنامجها الصاروخي واتهامها بدعم الإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان. واعتبر مصدر وثيق الاطلاع بملف العقوبات على إيران، أن «التجارب الصاروخية التي تجريها لا تنتهك الاتفاق النووي»، مستدركاً أنها «لا تساهم في بناء الثقة» بين الجانبين. وكان خامنئي انتقد تأخّر مؤسسات أجنبية، بينها أوروبية، في تنفيذ صفقات أبرمتها مع السلطات والشركات في إيران. لكن مصدراً أوروبياً قال لـ «الحياة»، إن مسار التطبيع مع طهـــران يـــســير بالوتيرة المتوقعة، اذ «لا تـتخلّص المؤسسات من قلقها بين عشية وضحاها». وأقرّ بأن «تشريعات إيرانيــة متصلة بتبييض الأموال ومكافحـــة الإرهــــاب، تثير تساؤلات لدى مستثمرين»، إذ إن كل مستثمر يأخذ بالاعتبار تأثير تعاملاته في السوق الإيرانية، على مصالحه في أسواق المال الغربية، خصوصاً في الولايات المتحدة. ويبدي الاتحاد الأوروبي اهتماماً بقدرات طهران في الطاقة والنقل الجوي والتجارة والاستثمار. وقال الديبلوماسي الأوروبي إن الإيرانيين مهتمون بإقامة مشاريع مشتركة مع شركاء أوروبيين، في الطاقة والطاقة المتجددة والبيئة ومكافحة التصحر وإدارة الموارد المائية وسلامة المنشآت النووية واستخدام الطاقة الذرية في إنتاج نظائر طبية، إضافة إلى مجالات مدنية سلمية أخرى. ووافق الاتحاد على تمكين طلاب وباحثين إيرانيين من المشاركة في مجالات البحوث العلمية والإبداع التي يديرها الاتحاد، في إطار ما يُسمّى «برامج بحوث 2020». على صعيد آخر، أعلن علي صوفي، رئيس ائتلاف الإصلاحيين في طهران، أن الرئيس حسن روحاني ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، والرئيس السابق محمد خاتمي، اتفقوا على وجوب تولي القيادي الإصلاحي محمد رضا عارف رئاسة البرلمان المقبل.
مشاركة :