ويأتي إعلان فتح التحقيق بعد شكوى تقدمّ بها ناجون وعائلات ضحايا يتهمون فيها المجموعة الفرنسية التي كانت تعمل على مشروع كبير للغاز المسال في المنطقة بأنها لم توفر الحماية لمقاوليها من الباطن، حسبما قال ممثلو الادّعاء لوكالة فرانس برس. ويقول المدّعون إن "توتال إنرجي" لم توفر أيضًا الوقود اللازم لتتمكّن مروحيات من إجلاء مدنيين بعدما أدّى الهجوم الذي بدأ في 24 آذار/مارس 2021 في مدينة بالما الساحلية بموزمبيق إلى مقتل المئات. واستمر الهجوم في محافظة كابو ديلغادو أياما عدة وأسفر عن فرار الآلاف من منازلهم فيما قُطعت رؤوس بعض الضحايا. وفي اتصال السبت مع فرانس برس، ذكّر ناطق باسم "توتال إنرجي" بما قالته المجموعة عندما رُفعت الشكوى ضدها في تشرين الأول/أكتوبر 2023، مؤكدًا أن العملاق الفرنسي "يرفض بشكل قاطع الاتهامات". وأوضح أن فرق المجموعة في موزمبيق قدّمت مساعدات عاجلة وأوجدت سبلا لإجلاء 2500 شخص بينهم مدنيون وموظفون ومقاولون ومقاولون من الباطن، من موقع أفونجي على بعد نحو عشرة كيلومترات من وسط بالما. وقال ممثلو الادّعاء إن التحقيق الفرنسي يسعى أيضًا إلى تحديد ما إذا كانت "توتال إنرجي" مذنبة بعدم إسعاف الأشخاص المعرضين للخطر. ويتهم سبعة أشخاص من بريطانيا وجنوب إفريقيا هم ثلاثة ناجين وأربعة من أقارب الضحايا، الشركة الفرنسية بعدم اتخاذ خطوات لضمان سلامة المقاولين من الباطن حتى قبل الهجوم. وكانت مجموعة الشباب الإرهابية غير المرتبطة بالمجموعة الصومالية التي تحمل الاسم نفسه والتي قد نفذت الهجوم في آذار/مارس 2021، تنشط في محافظة كابو ديلغادو منذ 2017 وتقترب من مدينة بالما. وقال محامي المدّعين هنري تولييز في 2023 عندما رُفعت الشكوى إن "الخطر كان معروفًا" حتى قبل الهجوم. وأشار ممثلو الادّعاء إلى أنه بناء على نتيجة التحقيق الأولي، سيتم إمّا إسقاط الشكوى أو تكثيف التحقيق بهدف توجيه اتهامات محتملة. "خطوة إيجابية" ورحّب ناجون وعائلات ضحايا بقرار القضاء الفرنسي. واعتبر الناجي الجنوب إفريقي نيكولاس ألكسندر القرار "خطوة إيجابية". وقال لوكالة فرانس برس إن "توتال إنرجي" تتحمّل "جزءًا من المسؤولية" في المأساة. من جهتها، قالت الناشطة في منظمة "أصدقاء الأرض" في موزمبيق أنابيلا ليموس لفرانس برس إن "التأثيرات السلبية" لعمليات الشركة في موزمبيق تتجاوز هجوم آذار/مارس 2021 بسبب "الدمار" البيئي و"الوفيات" الناجمة عن مشاريعها في البلد. وعُلّق المشروع البالغة قيمته 20 مليار دولار والهادف لتطوير حقل غاز كبير في شبه جزيرة أفونجي بعد هجوم العام 2021، لكن رئيس مجلس إدارة المجموعة الفرنسية باتريك بويان قال مذاك الحين إنه يأمل في إحيائه. في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، بعثت مجموعة مؤلفة من 124 منظمة غير حكومية برسالة مفتوحة لـ28 مؤسسة مالية بينها مصارف أوروبية ويابانية وجنوب إفريقية، بغية حثّها على الانسحاب من المشروع. وقالت المنظمات بينها "رابطة حقوق الإنسان" و"أويل تشينج إنترناشونال" و"غرينبيس فرنسا" للمؤسسات المالية إنها ستتحمل "مسؤولية مباشرة وكبيرة" عن تأثير المشروع ما لم تنسحب منه. وشددت المنظمات في الرسالة على أن "المخاطر الإنسانية والأمنية إضافة إلى كون العمليات في مناطق النزاعات معقّدة" تم الاستهانة بها، معتبرة أن مواصلة المشاريع تنمّ عن "تهوّر". ولفتت إلى أن المشروع يهدد النظم البيئية المحلية والمناخ العالمي ولا يفيد المجتمعات المحلية. وعلّقت موزمبيق آمالا كبيرة على رواسب الغاز الطبيعي التي اكتُشفت في الولاية الشمالية في 2010 وتعد أكبر رواسب يتم اكتشافها في جنوب الصحراء الكبرى. وإذا تمّت الاستفادة من جميع الرواسب، فيمكن أن تصبح موزمبيق من بين أكبر 10 بلدان مصدّرة للغاز، بحسب التقديرات. لكن المنطقة شهدت مذاك تمرّدًا لمجموعات مرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية، ما يثير الشكوك حيال الخطة.
مشاركة :