الرياص - اسماء السيد - نبدأ جولة الصحافة لهذا اليوم من موقع "ميدل إيست آي"، التي تناولت ما سمّته "المعايير المزدوجة" في تعامل المحكمة الجنائية الدولية مع اتهامات ارتكاب جرائم دولية. ويقول الكاتب ريتشارد فالك في مقاله: "إن المحكمة وفي السنوات الأولى بعد نشأتها في عام 2002، تلقّت لوماً بعد تركيز أنشطتها على الأخطاء المزعومة ضد الزعماء الأفارقة، ما أوحى حينها بالتحيز العنصري، ثم جرى لوم المحكمة مجدّداً فيما يتعلق بالجرائم المزعومة التي ارتكبتها الولايات المتحدة في أفغانستان وما قامت به إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة". ويرى فالك أن المحكمة الجنائية الدولية اطّلعت على ملفات تحتوي على وفرة من الأدلة التي تُبرِّر إجراء تحقيقات جادة لتحديد ما إذا كانت لوائح الاتهام والملاحقة القضائية مُبرَّرة قانوناً، ومع عدم فعل أي إجراء من قبل المحكمة، نشأ انطباع "أنها كانت أضعف من أن تقاوم الضغوط الغربية". وتستمر القصة، وفق الكاتب، مشيراً إلى مهاجمة روسيا لأوكرانيا في عام 2022 حيث إن حلف شمال الأطلسي دعا المحكمة الجنائية إلى التحرك بشكل عاجل، واضطرت على إثره، بتسريع إجراءاتها في اتخاذ القرار بشأن ما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتن يستحق تهمة ارتكاب جرائم حرب، وفعلاً صدرت مذكرة اعتقال بحقه. ويرى الكاتب بأن هذا التسرّع لم يكن واضحاً في استجابة المحكمة الجنائية الدولية للمبادرة القانونية التي تقدمت بها تشيلي والمكسيك بشأن الكارثة الإنسانية المتكشّفة في غزة، حيث طلبت الحكومتان من المحكمة التحقيق في الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين. ويستمر في حديثه، بأن المحكمة الجنائية لم تستجب لغاية اللحظة، لهذه المبادرة العاجلة، بالرغم من تعرّض المدعي العام كريم خان، لضغوط متزايدة بهدف التحرك في مواجهة الكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة. ويَخْلُص الكاتب بأن هذا الاختلاف في استجابة المحكمة الجنائية الدولية كان سبباً في تعزيز الانطباع بوجود معايير مزدوجة في تعامل المحكمة مع اتهامات ارتكاب جرائم دولية. وعن إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين، يقول الكاتب بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سارع للردّ على المحكمة بعد أن سرت شائعات حول تلك المذكرات، بحق نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت وقائد الجيش هرتسي هاليفي. ويشير إلى أن نتنياهو ذهب للهجوم في تسجيل مرئي مدّته أربع دقائق ضد المحكمة الجنائية الدولية، ويقول إن التسجيل يستحق المشاهدة، حتى ولو كان بغرض الحصول على فكرة عن مدى قوة المحكمة التي يمكن أن تصبح هائلة إذا أدت عملها كما ينبغي لها. ويرى بأن نتنياهو إذا ما أخذ على عاتقه المسؤولية، فإنَّ المحكمة الجنائية الدولية، أخيراً، ستؤدي وظيفتها وتستعيد سمعتها. وتكمن أهمية محكمة العدل الدولية، وربما المحكمة الجنائية الدولية، بحسب وجهة نظره، في تعزيز موجة الدعم المتزايدة لحقوق الفلسطينيين في جميع أنحاء العالم، جنباً إلى جنب مع الإجماع الناشئ من ذلك النوع، والذي ساهم في هزيمة الولايات المتحدة في فيتنام وحكم على النظام العنصري في جنوب أفريقيا بالفشل. ويتابع الكاتب، القول، إذا حصل الشعب الفلسطيني على حقوقه الأساسية، فسيكون ذلك بفضل مقاومة الضحايا، والتي عزّزها الحراك العابر للحدود في كل مكان. وإلى صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، والتي انتقد كاتبها ميكا هالبيرن ما سمّاه "النفاق الأمريكي" في سياسة الولايات المتحدة الخارجية. وقال الكاتب إن النفاق والتعالي الزائف للولايات المتحدة وموقفها تجاه إسرائيل أمرٌ مثيرٌ للغضب حقاً. ويذكر المقال إعلان البنتاغون- وزارة الدفاع الأمريكية-، في 3 مايو/ أيار 2023، عن مقتل مدني بالخطأ، ويعلّق عليها الكاتب "لم تكن مُجرَّد رصاصة ضلّت طريقها وقتلته". والقصة وفق رواية الكاتب تقول إن الولايات المتحدة تعقّبت راعي أغنام يبلغ من العمر 53 عاماً في شمال سوريا بطائرة دون طيار، قبل أن تطلق عليه صاروخ، نسفه إلى أشلاء. لاحقاً، يقول الكاتب إنَّ الولايات المتحدة تعقّبت راعياً بسيطاً ظناً منها أنّه زعيم تنظيم القاعدة، لكنها أخطأت في ذلك، وبعد مرور عام و"تحقيق شامل"، اعترف البنتاغون بالخطأ. ويشير الكاتب إلى دور الولايات المتحدة في قتل المدنيين خلال حروبها، لكنه ينبه في ذات الوقت، "أن موت المدنيين يشكل جزءاً من تكلفة أي حرب". ويتابع بأن "الدول الجيدة" لا تستهدف المدنيين الأبرياء، -قاصداً - إسرائيل والولايات المتحدة، والتي وفق رأيه تبذل قصارى جهدها لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين. ومع ذلك، يقول الكاتب، "في الوقت الذي تعترف الولايات المتحدة علناً بخطئها، ولو بعد مرور عام كامل، فإنها تنتقد إسرائيل بسبب مقتل مدنيين والأضرار الجانبية". ويضيف بأن الجزء "المثير للغضب" هو اعتراف الولايات المتحدة بأنها تفعل بالضبط ما تطلب من إسرائيل ألا تفعله. ويقتبس الكاتب بيانات نشرتها صحيفة الغارديان يوم الثلاثاء 7 سبتمبر/ أيلول 2021، تقول إنّ الولايات المتحدة مسؤولة عن مقتل ما لا يقل عن 22 ألف مدني، ربما يصل إلى 48 ألف منذ 11 سبتمبر/ أيلول. ويضيف بأن أحد التقارير، يرفع إجمالي عدد المدنيين الأبرياء الذين قتلتهم الولايات المتحدة عبر الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار إلى 140 ألفاً ، لكنّه يعلّق هنا "قد يكون ذلك مبالغاً فيه، لكنها أرقام ضخمة". وفي واقع الأمر-وفق وصف الكاتب-، ترفض الولايات المتحدة تقديم نفس الفهم إلى إسرائيل، وبدلاً من ذلك، تستمر في توبيخ إسرائيل علناً بسبب مقتل المدنيين، وهي تعلم تمام العلم، أن حماس تختبئ وراء المدنيين والمؤسسات الأهلية مثل المدارس والمساجد والمستشفيات. ويقول بأن توبيخ الولايات المتحدة، يُشكل أكثر من مجرد معايير مزدوجة، بل هجوماً غير أخلاقي ضد جيش أخلاقي يبذل قصارى جهده لتجنب إصابة المدنيين، بحسب رأيه. وتمنى الكاتب، بأن تتلقى إسرائيل ذات الإشادة التي تلقاها البنتاغون لاعترافه بقتل الراعي السوري عن طريق الخطأ. وإلى صحيفة القدس الفلسطينية، التي انتقدت في افتتاحيتها قرار مجلس الحرب الإسرائيلي بمواصلة الحملة العسكرية رغم موافقة حماس على المقترح المصري القطري لصفقة التبادل ووقف إطلاق النار. تقول الصحيفة إن الجواب الذي قدمته حماس لم يرق لنتنياهو ومجلسه لأنه جاء بذكاء دبلوماسي وتكتيك ناجح، وفرض على إسرائيل التقوقع في الزاوية، وفق وصف الصحيفة. وتضيف الصحيفة بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي "المنزعج" استدعى كابينت الحرب لمشاورات هاتفية عاجلة بعد ردّ حماس ، فحصل على مبتغاه وقرر مواصلة عمليته التي بدأها في رفح أول أمس، مع قرار توسيعها بشكل كثيفٍ ومركز. وفي موازاة ذلك، تقول الصحيفة إن نتنياهو أرسل وفداً إسرائيلياً للتفاوض مع الوسطاء في القاهرة في محاولة لضرب عصفورين بحجر واحد؛ الأول بتلبية رغبة اليمين المتطرف وتحقيق هدف الهجوم على رفح كما وعد، والثاني محاولة احتواء غضب عائلات الرهائن الاسرائيليين. وترى الصحيفة بأن إسرائيل بزعامة نتنياهو غير معنية بصفقة تبادل رغم الضغوطات عليها من قبل عائلات المحتجزين، وخير دليل على ذلك، وفق الصحيفة، ما ذكره مسؤول أمريكي الليلة الماضية عندما قال إن نتنياهو لا يبدو أنه يتعامل مع المفاوضات الأخيرة بحسن نية. وتقول إن إسرائيل حتى ولو وافقت مُرغمة على الصفقة، فإنّها تُريد الخروج بمظهر المنتصر الذي حقّق أهداف وغايات الحرب. وتشير إلى أنّ إسرائيل إذا ما استمرت في مخططاتها بالمضي قدما بغزو رفح، فإنها ستتسبب بمجازر مروعة وخسائر جسيمة.
مشاركة :