الرياض - دعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا غير بيدرسون، لضرورة التعلم مما حصل في غزة، إذ اعتقد الجميع أن القضية الفلسطينية ماتت ولا يحتاجون لمعالجتها، وهناك ميل للتفكير نفسه عندما يتعلق الأمر بسوريا محذرا “إذا لم تبدأوا بحل القضايا الخطيرة للأزمة السورية فقد تنفجر في وجوهنا مرة أخرى”. وأفاد خلال لقاء خاص مع قناة “العربية“، بأنّ دمشق ترفض استئناف عقد اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، بسبب اعتراض موسكو. وأكدّ على أنّ العملية السياسية في سوريا تواجه أزمة عميقة، ولا يمكن معالجة الأزمات الأخرى إذا لم يتم حل الأزمة السياسية. وعلى الرغم من جهود الوساطة والإغاثة والمساعدات الدولية، فلا تزال الأزمة السورية قائمة وتعتبر واحدة من أبرز التحديات السياسية والإنسانية، دون تقدم ملموس في مسار الحل السياسي، الذي يعيش حالة جمود منذ فترة. وعلى مدار السنوات الأخيرة عملت روسيا على المضي قدما في اتجاه عودة العلاقات السورية العربية، لكن ذلك لم ينعكس بالشكل المأمول على مساعي التوصل إلى حل في البلاد. ولم تحقق جولات التفاوض بين ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة في جنيف منذ انطلاقها عام 2014 أي تقدم، وبعدما كانت المعارضة تفاوض النظام على مرحلة انتقالية بعد تنحي الرئيس بشار الأسد، تمهيداً لتسوية سياسية، اقتصرت المحادثات في السنوات الأخيرة على اجتماعات اللجنة الدستورية؛ لبحث تعديل أو وضع دستور جديد، لكنّها لم تحقق تقدماً بغياب "نية للتسوية" باعتراف الأمم المتحدة. وكان قد تعلق عقد اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف منذ عامين، بسبب اعتراض روسيا بحجة موقف سويسرا من الحرب الروسية الأوكرانية. وذكر بيدرسون أنه "من المأساوي أن عمل اللجنة قد توقف"، مُشيراً أنه يحاول إقناع الأطراف للاتفاق على مكان لعقد اجتماعات اللجنة. ولفت إلى أنه طالما لا يوجد اتفاق على مكان جديد، موضحاً أن النظام السوري رفض ذلك، ولا يريد الحضور إلى جنيف بسبب اعتراض روسيا على ذلك. وتابع إن العملية السياسية في سوريا تواجه "أزمة عميقة"، مضيفاً أن كل المؤشرات، بما في ذلك الوضع الاقتصادي والإنساني والسياسي، تشير إلى الاتجاه الخاطئ، وإذا لم يتم حل الأزمة السياسية، فلن نتمكن من معالجة الأزمات الأخرى. واعتبر أن القرار 2254، الذي تم اتخاذه بالإجماع، ليس خريطة طريق مفصلة لحل "الأزمة السورية"، لكنه اتفاق على كيفية حلها، ويعتبره النظام السوري والمعارضة السورية أنه بمثابة إطار للحل السياسي. وأشار إلى أن القرار الأممي "يعالج جميع الجوانب المختلفة والمخاوف الأساسية للأطراف السورية والشعب السوري وأيضاً اهتمامات دول جوار سوريا والمجتمع الدولي، موضحاً أنه لا يمكن الاتفاق على إطار جديد لكيفية التعامل مع الأزمة السورية، والحل السياسي يجب أن يكون تسوية بين النظام والمعارضة". ولفت إلى أنه أبلغ جميع الأطراف بأنه طالما لا يمكن الاتفاق على مكان جديد لانعقاد اجتماعات اللجنة الدستورية، يجب أن نستمر في الاجتماع في جنيف حتى نجد اتفاقاً على مكان جديد، واعتبر أن "التسوية السورية ليست في أيدي السوريين وحدهم، بل تحتاج إلى تفاهمات بين الروس والإيرانيين والأتراك والأميركيين، وأن تكون هذه التفاهمات مدعومة من قبل العرب والأوروبيين، ومن دون ذلك ستكون التسوية صعبة جداً". وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد تحدث قبل حوالي أسبوعين عن لقاءات تجري "بين الحين والآخر" مع الولايات المتحدة قائلا إن "هذه اللقاءات لا توصلنا إلى أي شيء ولكن كل شيء سيتغير"، ليرد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية في تصريحات لقناة الحرة "يبقى موقف الإدارة واضحا وهو أنه لن نقوم بتطبيع العلاقات مع نظام الأسد في غياب تقدم حقيقي نحو حل سياسي دائم للصراع، ونواصل توضيح ذلك علناً وسرا مع شركائنا بما في ذلك أولئك الذين يتعاملون مع النظام السوري". وأعرب المتحدث عن قناعة الولايات المتحدة بأن "الحل السياسي المنصوص عنه في قرار مجلس الأمن رقم 2254 يبقى هو الحل الوحيد القابل للتطبيق للصراع السوري." وتابع "نعمل مع حلفائنا والشركاء ذوي التفكير المماثل والأمم المتحدة لتنفيذ هذا القرار". ويحمّل القرار النظام السوري مسؤولية "حماية السكان"، ويجدد التأكيد على أن "الحل المستدام الوحيد للأزمة الحالية في سوريا هو من خلال عملية سياسية شاملة، بقيادة سورية تلبي تطلعات الشعب السوري". ويشير القرار إلى اتفاق جنيف المؤرخ 30 يونيو 2012 بصيغته التي أقرها القرار 2118 (2013)، والذي ينص على "إنشاء هيئة حكم انتقالية شاملة، يتم تشكيلها على أساس الموافقة المتبادلة، مما يضمن استمرارية المؤسسات الحكومية". وعارضت الولايات المتحدة تحركات دول المنطقة لتطبيع العلاقات مع الأسد، مشيرة إلى الحاجة إلى رؤية تقدم حلا سياسيا. وفيما يتعلق بقضية اللاجئين السوريين، ذكر بيدرسن أن "الوضع داخل سوريا قاتم جداً"، مضيفاً أنه نحن بحاجة إلى تسريع العملية السياسية لإيجاد حل لقضية اللاجئين. وقال بيدرسن إن هناك مسألتين تحتاجان إلى حل، الأولى هي سبل العيش، للتأكد من تحسن الوضع الاقتصادي والإنساني داخل سوريا، والمسألة الثانية هي قضية الأمن والحماية، وهاتان المسألتان هما الشاغلان الرئيسيان للاجئين السوريين الذين يعيشون في لبنان والأردن وتركيا، وإذا تمكنا من معالجتهما، أعتقد أننا سنبدأ في رؤية المزيد من اللاجئين يعودون إلى سوريا. وفي رسالة إلى المانحين، أكد المبعوث الأممي على أنه "نحن بحاجة إلى رؤية التزام جديد من المانحين تجاه الشعب السوري، سواء الذين يعيشون داخل سوريا أو خارجها كلاجئين في الدول المجاورة"، معرباً عن أمله في أن يتم تعبئة المانحين التقليديين والمانحين الجدد لهذه الجهود، لأنه أمر ملح جداً".
مشاركة :