تكريس الانقسام الفقهي في ليبيا بتأسيس دار إفتاء ثانية

  • 5/11/2024
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بنغازي (ليبيا) - أصدر رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد قرارا بإنشاء “الدار العليا للإفتاء” في مدينة بنغازي، بما يشير إلى تكريس حالة الانقسام الفقهي والإفتائي في البلاد في ظل اختلاف المواقف والمرجعيات. ونص القرار رقم 157 لسنة 2024 الصادر عن مكتب حماد، على أن تتمتع دار الإفتاء بالشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة، وتتبع مجلس الوزراء مباشرة، ويكون مقرها الرئيسي مدينة بنغازي، ويكون لها أن تنشئ فروعا ومكاتب لها حسب مقتضيات طبيعة عملها، وتمارس أعمال الفتوى من خلال مجلس الفتوى. وحدد القرار، الذي جاء في 31 مادة، العناصر الأساسية المكونة لدار الإفتاء واختصاصات ومهام المفتي العام ومجلس الفتوى، والمفتين المحليين، على أن يجري تعيين المفتي العام وعزله من مجلس الوزراء. ويتكون مجلس الإفتاء، بحسب القرار، من المفتي رئيسا، ونائبه، و7 من العلماء المتخصصين في العلوم الدينية والشرعية، على أن تجري تسميتهم بقرار من مجلس الوزراء. ويحظر القرار على المفتي أو مجلس الإفتاء إصدار الفتوى في المسائل المعروضة على القضاء، ما لم يُطلب منهم ذلك من الجهة المختصة، بالإضافة إلى الابتعاد عن أي تجاذبات سياسية أو جهوية عند تصديهم للمسائل المراد إعطاء الفتوى فيها، كما لا يجوز رفع أو تحريك دعوى جنائية ضد المفتي وباقي أعضاء مجلس الإفتاء في ما يتعلق بعملهم إلا بعد الحصول على إذن من رئيس مجلس الوزراء. مجلس الإفتاء يتكون من المفتي رئيسا، ونائبه، و7 من العلماء المتخصصين في العلوم الدينية والشرعية وبحسب المراقبين، فإن إنشاء دار الإفتاء في بنغازي سيزيد من حالة الانقسام بين المراجع العلمية والفقهية في البلاد، لاسيما في ظل سيطرة الإسلام السياسي على دار الإفتاء في طرابلس، مقابل النفوذ الواسع للسلفية العلمية المعروفة بالسلفية المدخلية في مناطق سيطرة الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر. وفي نوفمبر 2014، أقال مجلس النواب المفتي العام الصادق الغرياني، وحلّ دار الإفتاء، لكنه لا يزال يمارس مهامه من العاصمة طرابلس، في حين تصدت لأمور الفتوى في شرق البلاد اللجنة العليا للإفتاء التابعة للهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية. وتنظر سلطات شرق ليبيا إلى الغرياني على أنه إرهابي لا يزال يحرض على مؤسسات الدولة ومنظومة الاعتدال العربي، ويتبنى خطاب الكراهية، ويشكل مرجعية فقهية وعقائدية لعدد من الميليشيات والجماعات المسلحة الخارجة عن القانون والتي لا تزال تستفيد من سياسة الإفلات من العقاب المعتمدة في غرب البلاد، كما يعتبر الراعي الأبرز لفلول الجماعات الإرهابية الفارة من ضربات معركة الكرامة في المنطقة الشرقية. وكانت دار الإفتاء الليبية قد تأسست مع قيام دولة الاستقلال في عام 1951، وآلت رئاستها إلى مفتي طرابلس آنذاك محمد أبوالأسعاد العالم، واستمرت في القيام بمهامها في فترة الحكم الملكي في ليبيا ثم بعد وصول القذافي إلى الحكم إلى أن تم إلغاؤها في العام 1983. وفي العشرين من فبراير 2012، أصدر رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبدالجليل القانون رقم 15 بشأن “تأسيس دار الإفتاء الليبية” وهو القانون الذي ثارت حوله انتقادات عديدة بشأن شرعيته الدستورية وما تضمنه من مواد، ليصبح الصادق الغرياني رئيسا لها وهو الذي جاءت المبادرة منه ليصبح “مفتي ليبيا”. وبحسب ذلك القانون، فإن تمويل الدار يأتي من خلال موازنة خاصة توفرها الحكومة الليبية، فيما يتمتع المفتي برتبة وراتب رئيس وزراء. أما مهام دار الإفتاء، فتقتصر على وضع سياسة الإفتاء في ليبيا، والإشراف على الشؤون العلمية للإفتاء وإعداد الخطط اللازمة لتنظيمه والنهوض به بالتعاون مع علماء الشريعة، وتحديد ثبوت الأهلة وبداية الشهور القمرية التي تتعلق بها أعياد المسلمين وعباداتهم، وتقديم الفتوى والرأي والمشورة في الأمور التي تعرض عليها في ما يتعلق بالمسائل اليومية. وبحسب مراقبين، فإن تأسيس دار الإفتاء في بنغازي سيكون ردا مهما على السياسة الفقهية المعتمدة من قبل دار الإفتاء في طرابلس المعروفة بتدخلها في الشأن السياسي من منطلقات أيديولوجية دنيوية وبحسب قراءات شخصية للظروف والمستجدات التي تعرفها البلاد ولا تخرج عن أجندات أصحابها والدائرين في فلكهم.

مشاركة :