"السديري": من مقتضيات الانتماء والمواطنة حب الوطن والدفاع عنه

  • 4/15/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أكد نائب وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السديري، أن من مقتضيات الانتماء والمواطنة حب الوطن والدفاع عنه، وتقديم الغالي والنفيس من أجله في ما ليس فيه مخالفة أو معصية، والسمع والطاعة لولاة أمره، وعدم الخروج عليهم، ولزوم جماعتهم، والمحافظة على مقوماته ومرافقه، وتعزيز وترسيخ مفاهيم الانتماء والمواطنة.   وأشار الدكتور "السديري" إلى أن أهمية الحديث عن موضوع الانتماء والمواطنة، تأتي من أهمية الظرف الراهن الذي نعيشه ونحن نرى التشتت الشديد والتفرّق والتنازع من حولنا خارج هذه البلاد المباركة.   وقال: الانتماء والمواطنة يعني تحفيز الشعور بالأهمية الشرعية لأن يكون في داخلك انتماء لهذا الوطن، لبلدك وشعورك بمعنى أنك مواطن، بأنك واحد من أفراد هذا الوطن، لفظان مهمان (انتماء ومواطنة)، والانتماء دائرة مهمة لإدخالك في مجموعة التأثير، وعكس الانتماء العزلة الشعورية، وفكرة العزلة الشعورية طرحت من بعض الحركات أو الجماعات الإسلامية للتنفير من الإيجابية في المجتمع، يقول: "هذا مجتمع فاسد وجاهل فعش في عزلة شعورية، تكون معهم بجسدك ولكن انتماءك يكون لجماعتك الخاصة ولفكرها"، وهذا العزل الحركي والدعوي هو الذي سبّب وجود الأفكار التكفيرية والتفجيرية والغالية في شباب كثير في الأمة".   وفي سياق محاضرته "شبهات حول الانتماء والمواطنة والرد عليها" التي ألقاها بعد صلاة مغرب يوم أمس الخميس في جامع الإمام تركي بن عبدالله بوسط مدينة الرياض، ركّز الدكتور "السديري" على عدد من العناصر؛ هي: تعريف الانتماء والمواطنة، وأهمية الانتماء والمواطنة، وأصول الانتماء والمواطنة من القرآن والسنة، ومقتضيات الانتماء والمواطنة.   وعرّف "السديري" الانتماء بأنه: الانتساب سواء كان هذا الانتساب لبلد أو قبيلة أو أسرة أو غير ذلك؛ أي هو علاقة منطقية بين الفرد والمجموع الذي ينتمي إليه، وعكسه اللا انتماء، وهو شعور المرء بأنه بعيد عن البيئة التي ينتمي إليها.. أما المواطنة لغة فهي: مصدر الفعل واطَنَ بمعنى واطنه على الأمر، واصطلاحاً بأنها: التفاعل الإيجابي مع المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان والشعور بالانتماء إليه.   ​وتحدّث عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم لمكة المكرمة، والخروج منها؛ فقال: "النبي انتقل من مكة في هجرة شرعية، لأي معنى يحزن على شيء فارقه شرعاً؛ لأمرين أولاً: لأن الفطرة مغروس بها حب الوطن، ثانياً: لأن حب الوطن الفطري متوافق مع الشرع، وإلا لو كان يخالف معنى الهجرة لما سأل عن مكة وأحوالها، هل هي طيبة أم ليست طيبة؟ فهي بلد عدو في ذلك الوقت، أخرجت النبي صلى الله عليه وسلم، جاء في الحديث الآخر يبين الحب الفطري الذي في قلب النبي صلى الله عليه وسلم، قال في مكة: (اللهم إنك أحب بلاد الله إليّ، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت)؛ فجعل سبب خروجه هو إخراجهم له؛ هذه مسألة فطرية موجودة في النفس".   وأضاف: "يزيد عليها أمر آخر شرعي بدعاء النبي بقوله اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد؛ فالنبي لا يدعو إلى شيء غير مشروع؛ فلو كانت المدينة مساوية لغير المدينة، ومكة مساوية لغيرها في النفس الفطرية لأنه نشأ فيها؛ لكان الأمر لا يتطلب سؤال الله أن يحبب؛ معناه أن هذه المحبة مطلوبة شرعاً".   واستعرض نائب وزير الشؤون الإسلامية الأثر الذي يترتب على حب الوطن، وقال: "إنه أثر عظيم جداً؛ فوجود الانتماء مع الناس يجعل بينك وبينهم شعوراً بأنكم شيء واحد؛ هذا مهم جداً في نشر الدين بقوة؛ الأثر في الدعوة والخير والإحسان في البذل".   وأضاف: "هناك مشكلة شعورية اليوم عند بعض الناس أو كثير من الناس بشكل عام ممن يخاطبهم الأئمة والخطباء والدعاة؛ إذ لا يشعرون بأهمية مكة والمدينة في الأرض؛ فأقوى قوة عندنا في المملكة العربية السعودية نواجه بها كل ضعف أمام العالم؛ مما يعني القوة السياسية، والقوة الوطنية، والقوة الانتمائية، هذه هي القوة الباقية دائماً، مكة والمدينة هذه أقوى قوة لدينا، التي تغرس انتماء الرسالة وانتماء التأثير وقوة الانطلاق؛ لذلك لدينا في بلدنا بُعد انتمائي آخر لا يوجد في أي مكان".   وأردف "السديري": "في هذين الأثرين العظيمين اللذين تتعلق بهما قلوب الكثير من أهل الأرض، تتجاوز أعدادهم ملياراً وخمسمائة مليون إنسان تقريباً، ويخشاها مليارات أخرى؛ لذلك فإن الهيبة الموجودة لهذه البلاد هيبة متنوعة الأسباب ومن هذه الأسباب مكة والمدينة، ولذلك فالشعور بالانتماء والمواطنة الذي نفرح به ونعتز به أكثر وأكثر، هو حبنا لبلدنا المملكة العربية السعودية التي أعظم ما فيها مكة والكعبة المشرفة، والمدينة ومسجد رسول الله ومثوى رسول الله؛ هذا الشعور يعطيك بُعداً ثانياً، يعطيك فخراً، يمنحك انتماءً، يولّد لديك دافعاً بأنه يجب عليك أن تعمل وتعمل لأحبابك وإخوانك في بلدك وفي غيرها؛ فأنت في انتمائك ومواطنتك لا تحتاج إلى دليل؛ لأن معك (اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد)".   وفي بيان الدكتور "السديري" لأصول الانتماء والمواطنة من القرآن والسنة النبوية قال: نحن ننطلق في جميع أمور حياتنا العامة والخاصة من منطلق أساسي ورئيس لدينا؛ ألا وهو القرآن الكريم والسنة النبوية، ننطلق من ديننا وعقيدتنا والمنهج القويم الذي قامت عليه هذه البلاد المباركة منذ نشأتها الأولى حتى وقتنا الحالي؛ فالارتباط بالقرآن الكريم والسنة النبوية مرتكز في أدبياتنا وفي معاملاتنا وفي أخلاقنا ونصدر من خلالهما ونتوقف إذا أمرنا بالتوقف".   واستشهد الدكتور "السديري" بأدلة من القرآن الكريم، والسنة المطهرة عن الانتماء والمواطنة؛ قائلاً: "ذكر موضوع الانتماء والمواطنة وورد في القرآن الكريم في عدة آيات وأحاديث نبوية، يقول الله: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عن الله أتقاكم إن الله عليم خبير}؛ فالآية الكريمة تدعو الناس إلى الارتباط والانتماء تحت مسمى القبيلة أو الشعب؛ ما لم يكن في ذلك مخالفة للإسلام وتعاليمه وأوامره، وعن "الزهري" أخبرنا أبو سلمة بن عبدالرحمن أو عبدالله بن عدي بن الحمراء الزهري، أخبره أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف بالحزورة في سوق مكة: "والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت"، وفي هذا الحديث بيان لمفهوم الانتماء للأرض وحب الوطن والبلد الذي نشأ فيه الإنسان وترعرع فيه، وارتبط بترابه وبأرضه، وهذا فعل وقول النبي صلى الله عليه وسلم".   وأضاف: "أما الانتماء إلى الدولة أو الوطن وحبه والدفاع عنه والذود من أجله؛ فكثيرة هي النصوص التي دعت إليه، والسلف ما تركوا شاردة ولا واردة في هذا الأمر إلا وأصلوها وبيّنوها أفضل البيان وأعظمه؛ وذلك فيما يتعلق بولاة الأمور والسمع والطاعة لهم وحب الوطن وعدم الخروج على ولاة الأمر، والانتماء إلى البلد معناه الانتماء إلى قيادتها وولاة أمرها والسمع والطاعة لهم في المنشط والمكره".   وأردف: "يقول الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب: الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن مَن تَغَلّب على بلد أو بلدان له حكم الإمام في جميع الأشياء، ولولا هذا ما استقامت الدنيا؛ لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا ما اجتمعوا على إمام واحد ولا يعرفون أحداً من العلماء ذكر أن شيئاً من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم".   واختتم "السديري" بالحديث عن مقتضيات الانتماء والمواطنة وقال: "لا شك أن لكل أمر من أمور حياتنا تبعات ومسؤوليات، وله كذلك مزايا وإيجابيات، ومن تَبِعات الانتماء والمواطنة: حب الوطن والدفاع عنه، وتقديم الغالي والنفيس من أجله في ما ليس فيه مخالفة أو معصية، والسمع والطاعة لولاة أمره، وعدم الخروج عليهم، ولزوم جماعتهم، والمحافظة على مقوماته ومرافقه، وتعزيز وترسيخ مفاهيم الانتماء والمواطنة".   وأضاف: "فإذا عرفنا كل ما تقدم؛ فيجب أن نعلم أن من مقتضاه أن ننطلق إلى رحاب أوسع، ونطاق أكبر من القناعة ثم التأثير، لا يمكن أن نؤثر إلا بفهم هذا الموضوع".   وقد شهد المحاضرة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدائمة للإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، إلى جانب عدد من الدعاة والأئمة والخطباء وجمع من الناس.

مشاركة :