مكة المكرمة، المدنية المنورة الشرق شدد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد على إن هدم هيبة العالم، وإضعاف مكانته، كسرٌ لباب عظيم يحول بين الناس وبين الفتن والفساد، وإن محاولة الوقيعة بين العلماء والأمة، والفصل بين الأمة وعلمائها هو من أعظم خطط الأعداء في الداخل والخارج، ففي كثير من بلاد الإسلام ما غاب أهل العلم ولكن غُيِّبوا، وماَ قصَّروا ولكن حُجبوا، وتصدَّر الجهال بل قد صُدِّروا، وأشد من ذلك أن يتصدر المجتمعاتِ أصحابُ اللهو والمجون. وقال في خطبة الجمعة إن إضعاف دور أهل العلم يؤدي إلى عواقب خطيرة في حاضر الأمة ومستقبلها، وبخاصة مع هذه التطورات المعاصرة في وسائل اتصالاتها وتواصلها، وما تموج به من تيارات مضلة، وعقائد منحرفة، وأن بناء المجتمع يعتمد -بعد الله- على علماء الشرع، ومشاركتهم، والرجوع إليهم، واحترامهم، وتقديرهم، وحفظ مكانتهم، وإضعافُ دورهم إضعافٌ للمجتمع وإضعاف مقاومته أمام معاول الفساد والإفساد والانحراف وأوحال الثقافات، مما يؤدي إلى الضياع، وفقدان الهوية، وتصدر الجهال. مشيرا إلى أن أغلب ما يقود إلى الوقيعة في أهل العلم الغيرةُ، والحسد، والهوى، والتعصب، والحزبية، والتعالم، ناهيكم بخطط الأعداء، بل أنه لا يقع في أعراض العلماء إلا ضال، أو جاهل، أو مغرض، أو متعصب. ولفت إلى أن طاعة علماء الشرع مقرونة مع ولاة الأمر بطاعة الله ورسوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) عظم الله شأنهم، و استشهدهم على أعظم مستشهد: (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) هم المرجع عند السؤال، وإليهم الرد عند الاستشكال وإليهم المفزع في النوازل والفتن، والمدلهمات والمظلمات، وهم الملاذ في الأزمات مجالسهم مجالس فضل وخير، تفيد العلوم والحكم، وتحفظ من الغفلة، استنبطوا أصول الأحكام، وضبطوا قواعد الحلال والحرام حاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب. وأشار إلى أن العلماء ليس فيهم معصوم، ولا من الخطأ سالم، ويرد عليهم أخطاءهم أمثالهم ونظراؤهم من أهل العلم، وليس كل من عرف القراءة والكتابة تجرأ وخطَّأَ وصوَّب، والخلاف بين أهل العلم سنة من سنن الله، فلا يجوز أن يتخذ سبيلا للحط من مكانتهم أو الانتقاص من قدرهم، مع ما يجب من التثبت في صحة ما ينسب إلى العالم ومرادِه ومقصدِه، وليعلم أن هناك فرقا كبيرا بين تخطئة العالم والرد عليه، وبين تجريحه والحط من منزلته. وأوصى ابن حميد أهل العلم بالحرص على سلامة العرض، والبعد عن مواطن الريب والشبه، وسدِّ الذرائع المفضية إلى التطاول عليهم، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: (على رسلكما إنها صفية) خير أسوة، وأوضحُ منهج، وهو في وسط الصحابة الأطهار الأخيار، وأنه أعظم بالعالم وأكرم حين يكون قدوة في علمه، وعمله، وسمته، وزهده، وعفته، وورعه، وتحري التثبت فيما يصدر عنه، من قول، أو رأى، أو فتوى، أو حكم، مع الترفع عن بعض المجالس، وما قد يكون فيها من استدراج أو تلبيس أو ملتبس. وفي المدينة المنورة حذر إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح البدير من أكل الميراث على الوارث. وقال في خطبته: الدنيا متاع من اشتد عليها حرصه أوشك فيها وقصه ومن مد عينيه إلى ما ليس في يديه أسرعت الخيبة إليه وعكفت الحزونة عليه، والآخرة عند أهل الإيمان خير من كل علق نفيس وأجل من كل مستعاض وأعظم من كل مستظرف، وقسمة التركات شريعة نازلة وفريضة عادلة. وبيّن، أن شر الناس من إذا طمع سرق وإذا شيع فسق واذا احتاج نهش، ومن الغور في الجور أكل الميراث على الوراث (وَتَأْكُلُون التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا)، مشيرا إلى أن من احتال على إسقاط الفرائض والمقادير وتغيير الانصباء والسهام وأجحف في تقسيمه وحاف في توزيعه وقطع وارثا من ميراثه وحبس مالا لتركة وأخفى أصولها وأعيانها واستأثر بالتصرف فيها وماطل في قسمتها فقد تعدى حكم الله وفريضته وقسمته وحدوده. وأوضح أن هذه الفرائض والمقادير هي حدود الله ومن يطع الله ورسوله أي لم يزد بعض الورثة ولم ينقص بعضا بحيلة ووسيلة وتركهم إلى حكم الله، وفريضته وقسمته يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم، ومن يعص الله ورسوله ويتعدى حدوده أي بمضادته في قسمته وفريضته في المواريث يدخله ناراً خالدا فيها وله عذاب مهين. وأشار إلى أن في العدل وصل ومودة واجتماع وفي الظلم اختلاف واوزاع وتباغض وتشاجر ونزاع على متاع قليل وأطماع، والخؤون الظليم يتحفز ويتوفز إلى حق المرأة واليتيم في الميراث. ودعا البدير إلى من وجد مال التركة سهلًا مهلاً ويا من استولى على ميراث الإناث وأغراه ضعفهن وسكوتهن وحياؤهن ويامن استولى على ميراث الأيامى واليتامى وغره صغرهم وعجزهم وانقطاعهم بتقوى الله والتوبة قبل أن يحل به الخزي والهلاك وإعطاء كل ذي حق حقه ومستحقة.
مشاركة :