محلول بركاني قد يصبح المصدر التالي للمعادن الثمينة

  • 5/13/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يحاول الجيولوجيون استكشاف ما إذا كان يمكن الاستفادة من المحلول البركاني الملحي لاستخراج الثروات المعدنية الذائبة؛ مثل: الليثيوم، والنحاس، والكوبالت. وتشتمل البراكين على ما هو أكثر من الصخور المنصهرة، فبجانب الصهارة تتواجد مادة غامضة يطلق عليها المحلول البركاني الملحي، وهي عبارة عن سائل غني بالمعادن يتجمع تحت البراكين النشطة والخاملة على حد سواء. ويحاول الجيولوجيون الآن استكشاف ما إذا كان من الممكن الاستفادة من هذه البرك الجوفية العميقة لاستخراج الثروات الذائبة، والتي تتضمن معادن مثل الليثيوم والنحاس والكوبالت؛ إذ يمكن تغذية عملية الاستخراج بالطاقة الحرارية الأرضية، ما دفع بعض العلماء إلى تسميتها بـ «التعدين الأخضر». وقد يشكل التنقيب في البراكين عملية صعبة من الناحية التقنية وسط سباق محتدم نحو تحقيق صافي انبعاثات صفرية للمعادن، ولكن، نظراً للمخاوف الأخلاقية والبيئية المرتبطة بالتعدين في البر والبحر، ثمة ما يبرر انجذاب الاهتمام الجيولوجي والتجاري لهذه الفكرة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يحمل تعدين المحلول الملحي تحت البراكين أهمية جيوسياسية واستراتيجية عن طريق زيادة إمدادات المعادن الحرجة التي تتحكم فيها الصين بدرجة كبيرة. تطلق الصهارة، الموجودة أسفل البركان، غازات غنية بالمعادن التي ترتفع نحو سطح الأرض. ومع ارتفاعها، ينخفض الضغط، مما يؤدي إلى انفصال الغازات إلى بخار ومحلول ملحي، ثم يخرج البخار من البركان، بينما يتراكم المحلول الملحي، الذي يحتوي على غالبية المعادن، داخل الصخور. وتميل هذه التكوينات الملحية، التي يشار إليها باسم «العدسات» بسبب شكلها المميز، إلى التواجد تحت سطح الأرض على مسافة تتراوح بين كيلومترين إلى 4 كيلومترات. ويشير جون بلوندي، المتخصص في علوم الأرض بجامعة أكسفورد، إلى هذه العدسات الملحية المنصهرة باسم «الخام السائل»، وقد قدر مع زملائه أنه يمكن للعدسة الواحدة التي تشكلت على مدى 10 آلاف سنة أن تحتوي على 1.4 ميغا طن من النحاس. وقال لمجلة «إنجينيا» الصادرة عن الأكاديمية الملكية للهندسية، أخيراً، إن التوازن الدقيق للمعادن الثمينة والأساسية والليثيوم والمعادن الأرضية النادرة الذائبة داخل البركان، يعتمد على موقع نوع البركان، لكنه أضاف إن «هذا يمكن أن يوفر بديلاً ممكناً لجمع العقيدات المتعددة المعادن من قاع البحر، وسيسهم ذلك في الحد من الأضرار التي تلحق بالنظم البيئية الهشة». ويمكن أن تشير عينات الأبخرة البركانية التي تم جمعها بوساطة الطائرات من دون طيار، بالإضافة إلى التدفقات أو الرواسب السطحية البركانية، إلى وجود معادن قد تكون كامنة تحت السطح. ونظراً إلى أن المعادن تكون مذابة في المحلول، فإن المحلول الملحي يتطلب قدراً أقل من المعالجة، كما أنه ينتج نفايات أقل، مقارنة بالمواد المستخرجة من اليابسة. وعلى سبيل المثال، فإنه أثناء عمليات تعدين النحاس التقليدية يكون نحو 99% من الصخور المفتتة عبارة عن نفايات. وتحظى المحاليل الملحية الضحلة في حقول النفط، التي تنتج عن عمليات التنقيب عن النفط، بأهمية تجارية. وعلى سبيل المثال، فإن تكوين سماكوفر في أركنساس تم استغلاله لفترة طويلة لإنتاج الوقود الاحفوري، ويتم ضخه للحصول على محلول ملحي غني بالبروم. كما يحتوي على كمية كافية من الليثيوم وهذا يجعل عمليات المعالجة أمراً يستحق العناء؛ نظراً لارتفاع أسعار المعادن والبنية التحتية القائمة لاستخراج المعادن. وتقوم شركة إكسون موبيل بحفر أول بئر لليثيوم في المنطقة، ومن المتوقع بدء الإنتاج في عام 2027، كما يستخرج الليثيوم حالياً من رواسب المحلول الملحي الموجودة تحت المسطحات الملحية في دول مثل تشيلي وبوليفيا. وتنتج محطات الطاقة الحرارية الأرضية، التي تنطوي على أنشطة حفر في أعماق الأرض، محلولاً ملحياً جوفياً، والذي كان يعد في السابق منتجاً ثانوياً، لكن ينظر إليه الآن على أنه مورد قيم يمكن استغلاله. وتقوم الشركات في منطقة كورنوال الواقعة جنوب غرب إنجلترا، حالياً، بدراسة أفضل الطرق لاستخراج المواد الخام والمعادن من محطات الطاقة الحرارية الأرضية المحلية. ومع ذلك، يمثل المحلول البركاني الملحي فرصة أكبر وأعمق وأكثر قيمة، حيث يتمتع بتركيزات أعلى من المعادن الثمينة وأكثر نقاءً. وتوفر بعض محطات الطاقة الحرارية الأرضية مساراً للحصول على هذه الثروة الجوفية. وبحسب تقارير مجلية «إنجينيا»، بدأت مجموعات مختلفة تستكشف فكرة استخلاص المحلول البركاني الملحي من مواقع الطاقة الحرارية الأرضية باليابان ونيوزيلندا وأيسلندا وألمانيا. وتبقى التحديات الهندسية هائلة، منها إيجاد طرق لحفر آبار عمقها 4 كيلومترات داخل صخور تصل درجة حرارتها إلى 400 درجة مئوية، وحماية الآبار من الانهيار والتآكل بوساطة السوائل عالية الحموضة، والحرص على منع المعادن من الترسب مبكراً، على غرار الأوساخ داخل الغلاية، خلال رحلة استخراجها الطويلة. وحتى إن تم التغلب على هذه المشكلات، فثمة عقبات أخرى منتظرة، إذ قد يحتوي المحلول المحلي على عناصر سامة مثل الزئبق، والذي يتطلب التخلص منها بشكل آمن، وتبقى العواقب الزلزالية لعملية إعادة حقن السائل المستنفد منه المعادن مرة أخرى إلى باطن الأرض، مجهولة إلى حد كبير. ولا تختلف عملية إعادة الحقن عن التقنيات المستخدمة في التكسير الهيدروليكي (المائي)، والتي يمكن أن تتسبب في هزات محلية. ويعمل جون بلوندي مع مدرسة أكسفورد مارتن التابعة للجامعة على مشروع تجريبي لتطوير محطات الطاقة الحرارية الأرضية واستخراج المحلول المحلي في جزيرة مونتسرات بمنطقة البحر الكاريبي. إنها خطة جريئة ومحفوفة بالمخاطر للتعمق في هذه الجبال النارية لاستخراج كنوز من سائل هائج، لكن مع وجود نحو 1500 بركان منتشر حول الكوكب، وتضاؤل إمدادات المعادن الحرجة اللازمة لتحول الطاقة، يمكن أن تكون الفوائد هائلة. تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز كلمات دالة: FT Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :