أدانت القمة الإسلامية في ختام أعمالها في إسطنبول، أمس، التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، ودول أخرى أعضاء، منها البحرين واليمن وسوريا والصومال، واستمرار دعمها للإرهاب، مشددة على أن الحرب على الإرهاب أولوية كبرى لجميع الدول الأعضاء. كما أدانت القمة، في بيانها الختامي الصادر في ختام أعمال دورتها الثالثة عشرة، في إسطنبول برئاسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاعتداءات التي تعرضت لها بعثات السعودية في مدينتي طهران ومشهد في إيران، والتي تشكل خرقاً واضحاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، واتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية، والقانون الدولي، الذي يحمي حرمة البعثات الدبلوماسية، مؤكدة رفضها للتصريحات الإيرانية التحريضية، فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحق عدد من مرتكبي الجرائم الإرهابية في السعودية. أدانت القمة حزب الله اللبناني لقيامه بأعمال إرهابية في سوريا والبحرين والكويت واليمن، ودعمه حركات وجماعات إرهابية تزعزع أمن واستقرار دول أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، مؤكدة العزم على العمل معاً على منع الأعمال الإرهابية وقمعها عن طريق زيادة التضامن والتعاون الدوليين مع الاعتراف التام بدور الأمم المتحدة المركزي، وطبقاً لميثاق الأمم المتحدة والالتزامات بموجب القانون الدولي. وشددت على أهمية توطيد علاقات حسن الجوار بين الدول الأعضاء لما فيه خير ومصلحة الشعوب اتساقاً مع ميثاق منظمة التعاون الإسلامي. مركزية القضية الفلسطينية والقدس وأكدت القمة على مركزية قضية فلسطين والقدس الشريف بالنسبة للأمة الإسلامية، كما أكدت الدعم المبدئي لحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف، بما في ذلك حق تقرير المصير وإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة على الأرض الفلسطينية المحتلة، منذ يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشريف. مشددة على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم بموجب القانون الدولي والقرار 194 الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11 ديسمبر 1948. وثمّن المؤتمر التضحيات التي يقدمها الجيش اللبناني والقوى الأمنية في محاربة التنظيمات الإرهابية والتكفيرية وحث الدول الأعضاء على تقديم كل الدعم لتعزيز قدراتها وتمكينها من القيام بالمهام الملقاة على عاتقها، كونها ركيزة لضمان الأمن والاستقرار والسلم الأهلي في لبنان، وأشاد بالدعم المتواصل الذي تقدمه الدول العربية والإسلامية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية. استراتيجية إسلامية ضد الإرهاب ونددت القمة بالإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، ومهما كانت دوافعه ومبرراته، وأياً كان مصدره، وأكدت على أن محاربة الإرهاب مسؤولية تقع على عاتق جميع الدول الأعضاء والمجتمع الدولي. وحثت على اتباع استراتيجية إسلامية شاملة لمحاربة الإرهاب والتطرف وقيام المنظمة بدور فعال في الجهود الدولية المبذولة لمكافحة الإرهاب، في إطار تعاون بناء مع الدول والمنظمات والمبادرات الدولية والإقليمية. شجع البيان الختامي جميع الدول على مواصلة العمل من أجل استكمال واعتماد اتفاقية شاملة حول الإرهاب الدولي بتوافق الآراء وأعرب عن اعتقاده بأهمية الاستمرار في العمل من أجل تعزيز الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب. وأخذ المؤتمر علماً بمقترح جمهورية كازاخستان بشأن تشكيل تحالف موحد لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة. كما أيد المؤتمر جهود المملكة العربية السعودية وجميع الدول الأعضاء في مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره وأعرب في هذا الخصوص عن دعمه للتحالف العسكري الإسلامي لمكافحة الإرهاب، ودعا الدول الأعضاء المهتمة إلى الانضمام إليه. الأزمة السياسية في سوريا وأعربت القمة عن القلق العميق إزاء تواصل العنف وسفك الدماء في سوريا. مؤكدة ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا واستقلالها وسيادتها وسلامتها الإقليمية. وأكدت مجدداً دعمها لإيجاد تسوية سياسية للنزاع على أساس بيان جنيف وللعملية السياسية برعاية الأمم المتحدة بغية تنفيذ عملية انتقال سياسي يقودها السوريون، ويمتلكون زمامها تمكن من بناء دولة سورية جديدة على أساس نظام تعددي ديمقراطي مدني قائم على مبادئ المساواة أمام القانون وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان. معربة عن الأمل في أن تفضي مفاوضات الأطراف السورية بجنيف إلى نتائج بناءة وإيجابية تسهم في تسوية الأزمة السورية في أسرع وقت ممكن. ودعت المجتمع الدولي والدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي إلى دعم اللاجئين السوريين والدول المستضيفة بالسرعة الممكنة، وإلى وضع برامج إعادة توطين للاجئين السوريين للتخفيف من محنتهم ومن معاناة الدول المستضيفة. دعم الاستقرار وإعادة الإعمار في اليمن وأكدت القمة دعمها المتواصل للشرعية الدستورية في اليمن التي يمثلها الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية، ولجهوده الوطنية لتحقيق الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي في اليمن واستئناف العملية السياسية للوصول إلى حل سياسي قائم على التنفيذ التام لمبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني والمرتكز على قرارات الشرعية الدولية وبالأخص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216. وأعربت القمة عن التقدير والشكر لدولة الكويت لترحيبها باستضافة مؤتمر الأطراف اليمنية فيها بتاريخ 18 إبريل 2016 برعاية الأمم المتحدة. مشيدة في هذا الصدد بجهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ للدفع بترتيب مباحثات سلام على أساس المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 والقرارات ذات الصلة، وبجهود دولة الكويت المتواصلة في دعم الوضع الإنساني في اليمن والدفع بتحقيق الأمن والاستقرار في هذا البلد. ورحبت القمة بجهود المنظمة الجارية لعقد مؤتمر لتقديم المساعدات الإنسانية والإنمائية لليمن في أقرب وقت ممكن بغية تعبئة الموارد العاجلة المطلوبة لمعالجة الوضع الحرج وتوفير متطلبات المرحلة التالية بالتنسيق مع الحكومة اليمنية والشركاء الإقليميين والدوليين، بما في ذلك مركز خادم الحرمين الشريفين، للإغاثة والأعمال الإنسانية والأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية والإنمائية. الوضع في العراق ومكافحة داعش وجددت القمة التأكيد على دور العراق في محاربة تنظيم داعش الإرهابي وفي إحلال السلم والاستقرار الدائمين في المنطقة.. معربة في هذا الصدد عن دعم العراق في جهوده لتحقيق الوحدة السياسية والأمن والاستقرار. وأعربت عن بالغ القلق إزاء الوضع في الفلوجة بسبب سيطرة تنظيم داعش عليها.. ودعت الحكومة العراقية إلى اتخاذ ما يلزم من تدابير وإلى الاهتمام اللازم بالوضع الإنساني الخطر في محافظة الأنبار ولاسيما أوضاع سكان الفلوجة والعمل بعناية على توفير ممرات آمنة للسكان المحاصرين. واستذكرت القمة البيان الوزاري الصادر عن مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء بالمنظمة بشأن المختطفين القطريين في جمهورية العراق والذي استنكر هذا العمل ووصفه بالعمل الإرهابي واعتبره خرقاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وعلى وجه الخصوص القرار 2133 (2014) وطالب حكومة العراق بتحمل مسؤولياتها وإطلاق سراح المخطوفين وتقديم مرتكبي هذا العمل للعدالة.. كما أكدت القمة على التضامن التام مع حكومة دولة قطر في جميع الإجراءات التي تتخذها في هذا الشأن، وطالب الأمين العام للمنظمة بمتابعة تنفيذ هذا البيان. رفض التدخل العسكري في ليبيا ورحبت القمة بوصول المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية إلى طرابلس معتبرة هذا التطور خطوة مهمة في سبيل تنفيذ بنود الاتفاق السياسي ودعت مجلس النواب لاستكمال استحقاقاته. ودعت كل البلدان إلى الامتناع عن التدخل في شؤون ليبيا الداخلية، مؤكدة رفضها لأي تدخل عسكري في ليبيا لعواقبه الوخيمة على هذا البلد والمنطقة. وشددت على أن أي عمل عسكري موجه لمحاربة الإرهاب لابد أن يتم بناء على طلب حكومة الوفاق الوطني، وفق أحكام ميثاق الأمم المتحدة، وذلك في ضوء تداعيات الأوضاع في ليبيا، على أمن واستقرار دول الجوار والمنطقة عموماً. ورحب المؤتمر بالخطوات التي تحققت في تونس ضمن مسار الانتقال الديمقراطي، لاسيما من خلال اعتماد دستور جديد توافقي ونجاح تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية، ويؤكد دعم تونس في هذه المرحلة من تاريخها. دعم الحوار الوطني في السودان وجدد البيان الختامي للمؤتمر التأكيد على دعم الدول الأعضاء، للسودان في جهوده لمواجهة الصعوبات الاقتصادية والمالية، ودعا المجتمع الدولي لشطب ديون السودان الخارجية. ورفض المؤتمر العقوبات الاقتصادية الانفرادية المفروضة عليه التي تركت أثراً سلبياً على تنمية السودان ورخاء شعبه. وفي هذا الصدد دعا المؤتمر إلى رفع فوري لهذه العقوبات غير المبررة. وناشد المؤتمر الدول الأعضاء والمؤسسات المالية للمنظمة المساهمة في تقديم جميع أشكال الدعم ومساعدة السودان لتمكينه من تجاوز الحالة الاقتصادية الحرجة، ودعا إلى شطب اسم السودان من قائمة الولايات المتحدة الأمريكية للدول الداعمة للإرهاب. أكد المؤتمر مجدداً تضامنه الكامل مع السودان لصون أمنه واستقراره واحترام وحدته وسيادته وسلامة أراضيه وعبر عن رفضه التام لكل أوجه التدخل في الشأن السوداني وبخاصة قرار المحكمة الجنائية الدولية بتاريخ 4 مارس 2009 وادعاءاتها بحق الرئيس عمر حسن أحمد البشير ودعا لإلغاء القرار بصورة نهائية. كما أشاد البيان بمساعي الأمين العام، للإسهام في المصالحة الوطنية في الصومال ورحب بتحويل مكتب الشؤون الإنسانية التابع لمنظمة التعاون الإسلامي إلى مكتب إنمائي. وأدان أعمال الإرهاب والتطرف التي يقترفها فلول مسلحي حركة الشباب الذين يعملون على زعزعة استقرار البلاد والمنطقة. أعرب المؤتمر عن تضامنه الكامل مع بلدان حوض بحيرة تشاد وهي نيجيريا والنيجر والكاميرون وتشاد التي تواصل مواجهة تحديات أمنية كبيرة وتمرد بغيض بسبب تطرف بوكو حرام العنيف وإرهابها. أوضاع الأقليات الإسلامية وأدان البيان عدوان جمهورية أرمينيا على جمهورية أذربيجان وأكد مجدداً أن الاستيلاء على الأراضي بالقوة أمر مرفوض بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ودعا إلى سحب جمهورية أرمينيا قواتها المسلحة فوراً وبشكل كامل وغير مشروط من إقليم ناغورنو كاراباخ. وقرر المؤتمر إنشاء فريق اتصال يعنى بعدوان جمهورية أرمينيا على جمهورية أذربيجان في إطار منظمة التعاون الإسلامي وعلى مستوى وزراء الخارجية وعقد أول اجتماعاته على هامش قمة إسطنبول.وأكد المؤتمر مجدداً دعمه القوي لحكومة الوحدة الوطنية الأفغانية وحث الدول الأعضاء في المنظمة والمجتمع الدولي على مواصلة تقديم المساعدات والدعم لشعب أفغانستان وحكومته في جهودهما لمكافحة الإرهاب. كما اكد دعمه لشعب جامو وكشمير لنيل حقه المشروع في تقرير المصير. ودعا البيان الختامي إلى بذل جهود جديدة لإنهاء التمييز المتواصل ضد أبناء مجتمع الروهينجيا المسلم وحرمانهم من حقوقهم في ميانمار. أعرب المؤتمر عن خيبة الأمل العميقة إزاء عدم تصديق برلمان الفلبين على القانون الأساسي لبانغسامورو بالرغم من تأكيدات حكومة الفلبين في هذا الصدد. وأشاد من ناحية أخرى، بالجهود التي بذلها الأمين العام خلال الزيارة الرسمية التي أجراها إلى الفلبين من 17 إلى 20 إبريل 2015 لحث الرئيس والزعماء البرلمانيين على ضمان إقرار القانون الأساسي لبنغسامورو بشكل غير منقوص. أعرب المؤتمر عن اهتمامه بوضع التتار المسلمين في القرم في ضوء التطورات الأخيرة في شبه الجزيرة وأكد المؤتمر على ضرورة معالجة مسألة وضع تتار القرم وسلامتهم وأمنهم بالشكل المناسب. المهاجرون والإسلاموفوبيا أعرب المؤتمر عن عميق انشغاله إزاء تصاعد الهجمات التي تستهدف المساجد وممتلكات المسلمين الأخرى.. كما لاحظ المؤتمر أن تدفق المهاجرين مؤخراً من الشرق الأوسط إلى أوروبا، قد زاد من تفاقم نزعات كراهية الأجانب والإسلاموفوبيا في البلاد الأوروبية، وأن أعمال ومشاعر كراهية الأجانب قد زادت تأججاً بسبب الخطاب الجماهيري للأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة الذي يخدم مصالح سياسية قصيرة النظر وأن خطاب التمييز ينثر بذور الشقاق داخل المجتمعات ويقوض حس المسلمين بالانتماء إلى مجتمعاتهم التي يعيشون فيها وثقتهم فيها.. وأكد المؤتمر أهمية عدم استخدام نزعات الإسلاموفوبيا وكراهية الأجانب أداة لخدمة السياسات الجماهيرية. (وام)
مشاركة :