تزامناً مع الاحتفالات بتخرُّج طلاب وطالبات الثانوية العامة وفرحتهم الكبيرة بانتهاء المرحلة المدرسية، إلا أنهم يُواجهون تحدياً هاماً، وهو اختيار التخصصات المناسبة لمستقبلهم المهني، فيعتبر هذا الاختيار قراراً حيوياً يمكن أن يؤثر بشكلٍ كبير على حياتهم المهنية، وتحقيق طموحاتهم الشخصية، فيشعر هؤلاء الطلبة وأولياء أمورهم بالتوتر والحيرة حيال اختيار التخصصات التي تُوفِّر فرصاً وظيفية مستقبلية، لا سيما أن التطور في سوق العمل والتكنولوجيا متسارع، وظهور تخصصات جديدة واختفاء التخصصات التقليدية أصبح واضحاً، لذا يصبح من الصعب على الطلاب التنبؤ بالمهن المستقبلية ومدى استدامتها.إن اختيار التخصص المناسب يتطلب معرفة واضحة بمهارات واهتمامات الطالب وقدراته الفردية، والبحث عن الجامعات المناسبة المعتمدة محلياً ودولياً، والحاصلة على أعلى معايير الجودة الأكاديمية، والسعي للدراسة في تخصصات تدعم التقدم التكنولوجي، وتعزز الابتكار، وتلبِّي احتياجات مشاريع رؤية المملكة المستقبلية.وفي الوقت نفسه تحتفل كل الجامعات في هذا الشهر بتخريج أعداد كبيرة من طلابها وطالباتها المؤهلين علمياً للانضمام لسوق العمل، ورغم فرحة الطلبة الكبيرة بتخرجهم؛ إلا أن القلق يُراودهم في إمكانية الحصول على الوظيفة المناسبة، فيبدأون في البحث عن وظائف في الشركات والمؤسسات والمصانع والبنوك وكافة أماكن العمل، والبعض الآخر يتخذون قرارهم بالعمل لحسابهم الخاص، وإنشاء مشاريعهم كرواد أعمال، فيكون له آفاق اقتصادية ومالية جيدة إذا تمكَّنوا من تنفيذه بنجاح، واختيار مشاريع جديدة بأفكار ابتكارية إبداعية تخدم احتياجات سوق العمل.إلا أنه من المهم أن يدمج الخريجون بين اهتماماتهم المهنية ومهاراتهم الشخصية واحتياجات سوق العمل في قراراتهم، ومن المهم أن يتوجَّه الخريجون في اختيار الوظائف المناسبة، أو العمل لحسابهم الخاص في أي منطقة يحتاجها سوق العمل بشكلٍ شامل، بغض النظر عن مناطق سكنهم، فمشاريع الرؤية المستقبلية موزعة في مختلف مناطق المملكة، وتحتاج إلى الكفاءات الوطنية المؤهلة من الشباب والشابات، وبذلك سيكونون قادرين على بناء مستقبل مهني ناجح ومليء بالتحديات والفرص في أي منطقة يختارونها.فيجد الشباب الخريجون من الجامعات أنفسهم عند مرحلة حرجة ومهمة في حياتهم المهنية، إذ يقفون على مفترق طرق يحدد مساراتهم الوظيفية المستقبلية، فيواجه الخريجون في البداية تحدي الانتقال من بيئة أكاديمية نظرية، إلى بيئة عمل عملية، ثم يواجهون تحدي مواكبة التكنولوجيا المتطورة، والذي يتطلب منهم التعليم المستمر وتطوير مهاراتهم، ليظلوا قادرين على المنافسة في سوق العمل.وإذا كان لي نصيحة لطلبة خريجي الثانوية العامة، لا تختاروا الكلية والتخصص الذي فرص العمل فيه ضعيفة، وابحثوا عن احتياج الرؤية المستقبلية للوطن، ولا تركزوا على خيار الدراسة الجامعية، لأن خيار المعاهد المتخصصة المهنية والفنية هو خيار مطلوب في سوق العمل، وفي المشاريع التنموية الجديدة، ولمدة 50 عاماً قادمة، وعوائده المالية أفضل، ويمكنكم تكملة دراستكم الجامعية مستقبلاً على نظام التجسير، أو بإمكانكم التحول إلى رواد أعمال أصحاب مؤسسات خدمية للجوانب الفنية، وعلى وجه الخصوص في مجال الصيانة.أما نصيحتي لخريجي الجامعات الراغبين في الوظيفة، ابحثوا عنها في كل مكان في الوطن، ولا تركزوا على مدينة معيَّنة، واعملوا في أي عمل لائق، وأضيفوا لشهادتكم الجامعية الخبرة العملية، وفكروا في ريادة الأعمال، فهي البديل القوي للوظيفة، والدولة وضعت حوافز ودعماً كبيراً لرواد الأعمال، والفرص متاحة.ويبقى أخيراً القرار الحكيم عند مفترق الطرق.
مشاركة :