بغداد – رجحت مصادر سياسية عراقية التوصل إلى اتفاق بين أغلب الكتل البرلمانية لاختيار محمود المشهداني رئيسا للبرلمان العراقي خلال جلسته المقررة السبت، مشيرة إلى توافق بين الكتل السنية على اختيار المشهداني الذي ينتمي إلى كتلة “الصدارة” بعد انسحاب مرشح كتلة “تقدم” برئاسة رئيس البرلمان المتخلي محمد الحلبوسي ومرشح “عزم” برئاسة خميس الخنجر، في انتظار موقف واضح من الإطار التنسيقي. وقالت المصادر إن الكتل السنية توافقت على المشهداني بعد تلقيها إشارات إيجابية من الإطار التنسيقي الذي يجمع أغلب الكتل الشيعية، والذي يدعم حكومة محمد شياع السوداني ومن مصلحته التوصل إلى اتفاق على رئيس البرلمان لتأمين تمرير الميزانية في أقرب وقت، وهي الخطوة الأهم بالنسبة إليه لما توفره من فرص لكل كتلة من كتل الإطار للحصول على التمويلات الكافية لمشاريعها تحت غطاء المشاريع الحكومية. وفي خطوة مفاجئة أعلنت كتلة “الصدارة” البرلمانية ليل السبت الانضمام إلى تحالف “تقدم” بقيادة الحلبوسي، في قرار يهدف إلى إظهار أن الحلبوسي مازال مؤثرا، وأن ترتيبات رئاسة البرلمان تمر عبره، لكن في الحقيقة لا يعدو أن يكون الموقف حيلة ذكية لدفعه إلى التسليم بترشيح رئيس للبرلمان لا يتبعه ولا يقدر على توجيهه في المرحلة القادمة حتى لا يعرقل التفاهمات التي تمت بين “الصدارة” والإطار التنسيقي. من غير المعروف ما إذا كان الإطار التنسيقي سيدعم المشهداني فعليا أم أنه يمكن أن يغير موقفه في آخر لحظة وذهب محللون إلى أن الحلبوسي اضطر إلى القبول بهذه الصيغة بعد أن فشل في اللعب على التناقضات وتمرير مرشح تابع له. وأكد القيادي في تحالف “عزم” حيدر الملا أن الحلبوسي أعلن تبنيه المشهداني رئيسًا لمجلس البرلمان “بعد أن أغلقت الأبواب جميعها أمامه”. ولا يمثل المشهداني، الذي يبلغ من العمر 75 عاما وسبق له أن ترأس البرلمان من 2006 إلى 2009، أي خطر على أجندات الإطار التنسيقي وخططه، فهو شخصية مسالمة وبلا طموح سياسي وتُمْكن الاستفادة من وجوده لتمرير ما تريده الكتل الشيعية. والمشهداني ينتمي إلى كتلة “الصدارة” التي انشقت عن تحالف “عزم” و”تقدم” بشكل مفاجئ، وحرصت على توجيه إشارات إيجابية إلى الإطار التنسيقي، والحديث عن وجود اتصالات وتنسيق بشأن القضايا السياسية، بما في ذلك أزمة رئاسة البرلمان، ما رجح أن يكون انشقاقها مدفوعا من الإطار لإضعاف فرص بناء تحالف برلماني سني – سني، والاستمرار في التحكم في اللعبة بالإيحاء مرة بدعم سالم العيساوي ومرة بدعم المشهداني أو شعلان الكريم بعد منعه من رئاسة البرلمان بتهمة تمجيد حزب البعث المنحل. وفي مارس الماضي أعلن خمسة قياديين في تحالفيْ “السيادة” و”عزم” انسحابهم من التحالفين وتشكيل كتلة “الصدارة” النيابية، وعزوا ذلك إلى السعي لضمان التوازن الوطني وعودة النازحين إلى مناطقهم. والمنسحبون هم النائبان عن “السيادة” محمود المشهداني وطلال الزوبعي، والنائبان عن “عزم” خالد العبيدي ومحمد نوري عبدربه، والسياسي الشيخ فارس الفارس. ووضع الإطار التنسيقي الكتل السنية تحت الضغط بأن حمّلها قبل أيام تبعات التعطيل في انتخاب رئيس البرلمان ونأى بنفسه عن ذلك، وهو ما قد يكون عجّل بالتوصل إلى الصيغة التوافقية بترشيح المشهداني. وكثيرا ما تشارك القوى الشيعية، القائدة الرئيسية للعملية السياسية بالعراق، في الصراعات التي لا تنقطع بين الفرقاء السياسيين السنّة، دون أن تظهر بشكل واضح في واجهة تلك الصراعات مكتفية بإدارتها بالوكالة وعبر الانحياز إلى هذا الطرف أو ذاك ودعمه في مواجهة أبناء عائلته السياسية السنيّة، وذلك على أساس التقاء المصالح مع الطرف الذي تقوم بدعمه. ppp ولا يُعرف ما إذا كان الإطار التنسيقي سيدعم المشهداني فعليا أم أنه يمكن أن يغير موقفه في آخر لحظة لدعم العيساوي كما تلمّح إلى ذلك أوساط مقربة من الكتلة الشيعية الرئيسية في البرلمان، أم أن هذا الغموض يهدف إلى الضغط على المشهداني ليعرف أن قرار اختياره ليس بيد الحلبوسي ولا غيره، وإنما بيد الإطار. وكانت المحكمة الاتحادية، أعلى سلطة قضائية في البلاد، قد قرّرت في منتصف نوفمبر الماضي إنهاء عضوية محمد الحلبوسي على خلفية قضية تزوير وثيقة رسمية أثارها ضدّ أحد السياسيين. وفي الثالث عشر من يناير الماضي عقد البرلمان العراقي جلسة استثنائية لاختيار رئيس جديد له، وانتهت الجولة الأولى من التصويت بحصول شعلان الكريم مرشح الحلبوسي على 152 صوتا من أصل 314 صوتا، لكن مشادات كلامية حصلت داخل قاعة البرلمان وتذرّع بها رئيس الجلسة لرفعها حتى إشعار آخر ولم يتم عقدها منذ ذلك الحين. وبعد مرور يوم على ذلك قدم النائبان عن الإطار التنسيقي يوسف الكلابي وفالح الخزعلي طلبا للمحكمة الاتحادية بإيقاف جلسة الانتخاب إلى حين حسم دعوى قدماها بشأن وجود شبهات دفع رشاوى لبعض النواب من أجل التصويت لصالح مرشحين لرئاسة البرلمان، مطالبين بإلغاء عضوية شعلان الكريم في مجلس النواب. ولم يخف الكريم شعوره بوجود مؤامرة وراء الإطاحة به حتى من داخل صفوف داعميه، فأعلن في أبريل انسحابه من الترشح لرئاسة مجلس النواب فضلاً عن انسحابه من تحالف “تقدم” الذي يترأسه محمد الحلبوسي، عازيا ذلك إلى “اللغط الكثير غير المبرر والذي استند إلى الظلم والافتراء وخيانة الأقربين وللابتعاد عن الجدلية الحاصلة”.
مشاركة :