أكد خبراء ودبلوماسيون عرب أهمية اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورته العادية الـ33 بمملكة البحرين، خاصة في هذا التوقيت الذي تشهد فيه المنطقة أزمات سياسية واقتصادية، أبرزها استمرار الحرب على قطاع غزة. وثمن الخبراء، في تصريحات لـ«الاتحاد»، عقد القمة العربية في مملكة البحرين لأول مرة في تاريخها، وسط تطلعات لبلورة مرحلة جديدة من العمل العربي المشترك، وأن تتخذ القمة قرارات تجسد وحدة الصف في مواجهة اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط. وتعتبر القمة في هذا الوقت، على وجه الخصوص، حدثاً تاريخياً استثنائياً في غاية الأهمية، لاسيما في ضوء ما تشهده الساحة العربية من تحديات ونزاعات سواء على الصعيد السياسي أو الأمني أو الجيوسياسي، وأبرزها الأوضاع في قطاع غزة، فضلاً عن استمرار القتال في السودان والأزمات في اليمن وليبيا وسوريا والصومال. وأعرب الخبراء عن تقديرهم للجهود الحثيثة التي تبذلها مملكة البحرين الشقيقة بقيادة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل مملكة البحرين، وبالتعاون مع جامعة الدول العربية، في الإعداد والتحضير لأعمال القمة، وتوفير التسهيلات والخدمات الضرورية كافة لإنجاحها. وتشكل استضافة البحرين لأعمال القمة العربية الخميس المقبل، أهمية كبرى وحدثاً سياسياً بارزاً له دلالاته من حيث المكان، وأهميته من حيث التوقيت، إذ ستكون المرة الأولى التي تستضيف فيها المنامة أعمال القمة، وهو ما يكسب هذه الدورة مزيداً من الخصوصية من حيث تأكيد أهمية الدور الذي تقوم به الدبلوماسية البحرينية العريقة، لتوطيد وتعزيز العلاقات العربية - العربية وتوسعة آفاقها، ودعم مسيرة العمل العربي لتعزيز أمن واستقرار المنطقة. القضية الفلسطينية أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، الدكتور جهاد الحرازين، أهمية انعقاد القمة العربية في مملكة البحرين في هذا التوقيت، حيث يؤكد ذلك استمرار التشاور بين القادة العرب، خاصة في ظل الظروف الطارئة التي تعيشها المنطقة العربية، وليس فقط على صعيد القضية الفلسطينية، فهناك ما يجري في منطقة البحر الأحمر وغيرها، لافتاً إلى أن المنطقة تشهد حالة من الصراعات والانعكاسات السياسية المتواصلة. وقال الحرازين، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن القضية الفلسطينية المحور الرئيس في هذا الاجتماع، وستكون على قمة أولويات القادة العرب، خاصة فيما يتعلق بآليات دعم صمود الشعب الفلسطيني، والحفاظ على القضية الفلسطينية، ومواجهة المخطط الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين. وأشار إلى أن القمة تسعى إلى خفض حالة التوتر والصراع القائمة في بعض الدول العربية، كما هو الوضع في اليمن، والسودان، وسوريا، والعراق، والعديد من المناطق، مضيفاً «المنطقة في أمسّ الحاجة لآليات فاعلة لدعم الشعب الفلسطيني». وشدد الحرازين على أنه من المتوقع أن تصدر عن القمة قرارات تؤكد ضرورة دعم الحل السلمي، وتحقيق السلام في المنطقة، وأن يكون هناك موقف جاد وحقيقي من قبل الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي تجاه ممارسات إسرائيل التي لم تعد مقبولة، مع ضرورة التزام إسرائيل بالقانون والاتفاقيات الدولية، والوقف الفوري للعدوان على غزة، وإنقاذ الشعب الفلسطيني من حرب الإبادة الجماعية، وإقرار حزمة من المساعدات للشعب الفلسطيني. واختتم الحرازين كلامه مؤكداً أن هناك موقفاً عربياً موحداً وقوياً تجاه القضية الفلسطينية يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتحقيق سلام شامل، وصولاً إلى حل الدولتين، وإنهاء الاحتلال، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس. دور رائد من جانبه، قال الكاتب الصحفي السعودي، محمد الحيدر، إن مملكة البحرين تستضيف القمة العربية لأول مرة في تاريخها، وهي حدث تاريخي مهم، وتُعقد على المنامة آمال كبيرة في نجاح القمة، من واقع مسؤوليتها وإدراكها حجم المسؤولية وتبعات الحرب في غزة. وقال الحيدر لـ«الاتحاد»، إن مملكة البحرين بدأت مبكراً التشاور والتنسيق مع القادة العرب، للخروج للإعداد للقمة، بالتعاون مع الأمانة العامة للجامعة العربية، وأكد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، في الدعوة المُرسلة للقادة العرب أن مشاركتهم الشخصية في أعمال هذه القمة المهمة، سيكون لها بالغ الأثر والأهمية في ظل الظروف الصعبة والتحديات الجسيمة التي يواجهها وطننا العربي في الوقت الحاضر. وأضاف الحيدر: «نحن على يقين بأن مملكة البحرين الشقيقة تدرك الخطر الأكبر وحالة عدم الاستقرار في المحيط العربي، وتعمل جاهدة على تنحية الخلافات العربية، والتصدي للتدخلات في شؤون العديد من الدول العربية من قوى خارجية، وتعزيز التضامن، ونبذ الخلافات، للخروج بقرارات حاسمة متوافق عليها من الجميع، واستخدام كل مقومات القوة العربية لفرض الإرادة العربية على المجتمع الدولي». فرصة عظيمة في السياق، ثمن نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، السفير الدكتور صلاح حليمة، عقد القمة العربية في مملكة البحرين في هذا التوقيت بالذات، مؤكداً أنه من المتوقع أن تكون هذه القمة محكاً للموقف العربي بالنسبة للقضايا الساخنة ذات الأبعاد والتداعيات الخطيرة على الأمن والاستقرار في الوطن العربي، وفي منطقة الشرق الأوسط، خاصة القضية الفلسطينية. وشدد السفير حليمة، في تصريح لـ«الاتحاد»، على أهمية مناقشة تطورات القضية الفلسطينية في مجملها في ظل العدوان الإسرائيلي على غزة، وما يشهده من تصعيد يواجه بموقف دولي على المستويين الرسمي والشعبي، يشجب ويدين الممارسات الممنهجة، مؤكداً ضرورة أن تتخذ الدول العربية موقفاً وإجراءات حاسمة في مواجهة العديد من القضايا التي تمسّ أمن واستقرار المنطقة وخاصة القضية الفلسطينية. ولفت حليمة إلى أن الموقف الدولي سواء على مستوى الدول والمنظمات أو على مستوى الشعوب وطلاب الجامعات في العالم، موقف جامع وشامل في مواجهة إسرائيل، مشدداً على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، ومعالجة الأوضاع الإنسانية، وحل مشكلة الرهائن والأسرى، وأن يكون هناك أفق سياسي للشعب الفلسطيني من أجل أن يحصل على حقوقه الوطنية المشروعة. واختتم حليمة كلامه قائلاً: «هناك فرصة أمام القمة العربية بأن تكون مؤتمراً لسلام فلسطين، فنحن في لحظة فارقة تتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية، ومستقبل البحر الأحمر، والشرق الأوسط»، مطالباً الدول العربية في هذه القمة بأن تتخذ قرارات تدفع نحو تسوية القضية الفلسطينية، ووقف كل الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل، والالتزام بالمرجعيات والقرارات الدولية وتنفيذها. خريطة طريق من جانبه، ثمن الإعلامي والكاتب القطري، الدكتور عبدالله فرج المرزوقي، استضافة مملكة البحرين للقمة العربية، مؤكداً أن انعقادها في المنامة يعد فرصة عظيمة بحكم موقع البحرين ودورها الكبير في نشر السلام، وما تحظى به من قبول دولي واسع، ما يجعل هناك فرصة كبيرة لاتخاذ مواقف وإجراءات عربية تجاه القضية الفلسطينية وما يجري الآن من محاولات لتصفيتها. وقال المرزوقي، في تصريح لـ«الاتحاد»، إننا على ثقة ويقين من نجاح القمة العربية في البحرين، ونتطلع جميعاً إلى مواصلة العمل الخليجي العربي الدؤوب خلال الرئاسة البحرينية لهذه الدورة، مؤكداً أن دول الخليج العربي والأمتين العربية والإسلامية تقف صفاً واحداً إلى جوار إخواننا الفلسطينيين، ويعملون بكل ما أوتوا من قوة بالتعاون مع مصر وبقية الدول العربية لوقف فوري لإطلاق النار في غزة. وأعرب المرزوقي عن أمله في أن تخرج القمة بقرارات ومخرجات تدعو إلى وقف الحرب في غزة، ورفض تبريرات الحرب تحت أي ذريعة، والمطالبة بكسر الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني في غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية. وأشار المرزوقي إلى أن هناك خريطة طريق عربية قدمت من قبل «السداسية العربية» والتي تمثل القوى الوازنة في المنطقة، والتي ضمت كلاً من: الإمارات والسعودية وقطر ومصر وفلسطين والأردن، وتستند إلى مبادرة السلام العربية، وتشكل الحل الخلاق والأمثل لإنهاء الصراعات كافة في المنطقة، مؤكداً أهمية دعم هذه الخريطة والتمسك بها في القمة لإحلال السلام والاستقرار في المنطقة العربية. محطة مفصلية يرى المحلل السياسي اليمني، رئيس «مركز الخليج للدراسات»، وليد الأبارة، أن انعقاد الدورة الـ33 لمجلس جامعة الدول العربية في مملكة البحرين، أمر بالغ الأهمية في هذا التوقيت لأسباب عدة، على رأسها تداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي تأتي في ظل تنديدات دولية تحذر من تداعي الوضع الإنساني. وأكد الأبارة، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن قمة البحرين قمة محورية في معالجة الكثير من الأزمات في الدول التي تشهد صراعات داخلية، وبالتالي تعد محطة مفصلية في تاريخ الجامعة العربية، مشدداً على أهمية الدور المنشود من الجامعة في معالجة الأزمات التي تمس الشعوب العربية.
مشاركة :