يزور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للصين هذا الأسبوع، للمرة الثانية الى هذا البلد الآسيوي خلال ما يزيد قليلاً عن ستة أشهر، كما أعلنت وزارة الخارجية الصينية أمس.وأوضحت الناطقة باسم وزارة الخارجية هوا تشونيينج أنه «تلبية لدعوة الرئيس شي جينبينغ، يقوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة للصين (الخميس إلى الجمعة) من 16 إلى 17 مايو».وقبل أيام من غزو روسيا لأوكرانيا، أعلنت بكين وموسكو أن صداقتهما «لا حدود لها» وعزّزتا منذ ذلك الحين العلاقات التجارية والدبلوماسية بينهما بشكل كبير.من جهته، أعلن الكرملين أن الرئيسين سيبحثان في «شراكتهما الشاملة والتعاون الإستراتيجي» بينهما و»سيحددان المجالات الرئيسية لتطوير التعاون الروسي الصيني، مع تبادل وجهات النظر حول القضايا الدولية والإقليمية». وسيوقعان إعلاناً مشتركاً، بحسب الكرملين، وسيحضران احتفالاً لإحياء الذكرى ال75 للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين.وسيلتقي بوتين أيضا رئيس الوزراء لي تشيانج ويتوجه إلى مدينة هاربين في شمال البلاد لحضور معرض تجاري واستثماري بحسب المصدر نفسه.ويرى العديد من الخبراء أن روسيا تعتمد بشكل متزايد على الصين التي أصبحت شريكاً اقتصادياً مهماً في مواجهة سيل العقوبات الغربية المفروضة ردا على هجومها العسكري.وفي الأشهر الماضية، تجاهلت بكين مراراً الانتقادات الغربية لعلاقاتها مع موسكو مستفيدة في الوقت نفسه من واردات الغاز والنفط من جارتها بأسعار مخفضة.وأصبحت المصارف الصينية في الأشهر الأخيرة أكثر حذراً في التعاملات التجارية مع روسيا خوفا من فرض عقوبات أميركية صارمة جديدة على خلفية الحرب في أوكرانيا.وقال ألكسندر جابويف، مدير مركز كارنيجي روسيا وأوراسيا في برلين «معرفة ما إذا كانت المدفوعات مرتبطة بالمجمع الصناعي العسكري الروسي... يشكل تحديا كبيرا للشركات والمصارف الصينية».وأوضح لوكالة فرانس برس «إنها تعمل وفق مبدأ الاحتراز أفضل من الندم، ما يقلل من حجم التعاملات».وازدهرت التجارة بين الصين وروسيا منذ غزو أوكرانيا وبلغت 240 مليار دولار عام 2023، وفق أرقام إدارة الجمارك في بكين. لكن الصادرات الصينية الشهرية الى جارتها الروسية تراجعت في مارس وابريل هذه السنة فيما تهدد واشنطن بعقوبات على المؤسسات المالية التي تساند مجهود الحرب الروسي.وتتصاعد الضغوط على بكين لحضّها على تخفيف علاقاتها الاقتصادية مع موسكو، تحت طائلة الاضطرار لمواجهة عقوبات من شأنها أن توجه ضربة جديدة إلى الاقتصاد الصيني الذي يشهد تراجعاً أساساً. وقالت إليزابيث ويشنيك المتخصصة في العلاقات الصينية الروسية في مركز الأبحاث الأمريكي CNA، إن «البنوك الصينية قلقة بشأن الأثر على سمعتها وتسعى إلى تجنب عقوبات كبرى».وأضافت «من المؤكد أن البنوك الصينية الكبرى تريد تجنب هذا السيناريو نظراً إلى الصعوبات الاقتصادية الحالية على المستوى الوطني».وفيما تسعى الصين إلى تهدئة التوتر مع الولايات المتحدة، قد تكون مترددة في تعزيز التعاون مع روسيا. وتذكّر زيارة بوتين لبكين بعد انتخابه، بالزيارة التي قام بها شي جينبينج لروسيا بعد فوزه بولاية ثالثة العام الماضي.ويعتبر خبراء أن هذا اللقاء الجديد سيؤدي الى إعادة تأكيد العلاقة الوثيقة بين الرئيسين وكذلك توقيع بعض الاتفاقات والدعوة إلى تعزيز التبادل التجاري بين البلدين.ويدرك الرئيس الروسي جيدا أن بكين ما زالت مصمّمة على دعم موسكو وبالتالي تشكيل جبهة مشتركة في مواجهة ما يعتبره البلدان هيمنة أمريكية على العالم كما يقول هؤلاء الخبراء.وقال جابويف إن «الروس ليسوا عاطفيين أو ساذجين».
مشاركة :