الرباط - تدور أحداث مسلسل "بنات اليوم" للمخرج محمد نصرات حول ثلاث شخصيات هن "سناء" و"زينة" و"نادية"، هن سيدات مررن بتجربة طلاق قاسية، كان عليهن تجاوزها والتعود بعدها على مواجهة مختلف العقبات بمفردهن، إذ تعد "سناء" مرأة قوية كرست حياتها لتربية ابنها الوحيد والحفاظ على ما حققته من نجاحات في مجالها المهني، أما "زينة" فهي ربة بيت تهتم بطفليها وكلها أمل في حدوث معجزة تعيد إليها طليقها، وتعتبر "نادية" محامية متخصصة في حقوق الأسرة المناضلة لا تقبل أن يسمو أي شيء على قيم المساواة حتى لو كانت مشاعر الحب. تجمع الأقدار هؤلاء النساء وتنشأ بينهن صداقة متينة تمكنهن من مواجهة صعوبات الحياة وتدبير المواقف الصعبة والمرحة أيضا،إذ ترتبط بوضع المرأة المطلقة في المجتمع، كما تمكنهن هذه الصداقة من الوقوف على تناقضاتهن وإعادة النظر فيها. المسلسل من إخراج محمد نصرات وسيناريو فدوى مسك وبطولة كل من فاطمة خير، ياسين أحجام، فيصل عزيزي، هدى صدقي، رجاء لطيفين، عبد السلام بوحسيني، صلاح ديزان، ريم فتحي، فاطمة الزهراء لحرش، صلاح عبد الحق. يبدأ مسلسل "بنات اليوم" بإيقاع درامي سلس يمهّد للمشاهدين التعرف على الشخصيات الرئيسية والعلاقة التي تربطهم في الحلقات الخمس الأولى، إذ تقدّم متتالية تكوين اللقطات لمحات عن حياة كل شخصية، مثل العلاقة بين "سناء" التي تؤدي دورها الممثلة فاطمة خير وطليقها "جليل" الذي يؤدي دوره الممثل ياسين أحجام، ثم ينتقل إلى العلاقة المتوترة بين "فريدة" التي تؤدي دورها الممثلة هدى صدقي مع زوجها الذي جسده الممثل صلاح ديزان وابنتهما "هند" التي تؤدي دورها الممثلة ريح فتحي، إذ يتطور المسلسل وفق هذا الترتيب بأسلوب عفوي وهادئ عبر سلسلة من الحلقات، ما يجعل المتابعة مريحة وخالية من التشويش. يتميز المخرج بحسن اختياره لفريق العمل، حيث أعاد إلى الشاشة بعض الوجوه المميزة التي غابت لفترة طويلة، من بينهم الممثلة فاطمة خير، التي لطالما تميزت بأدائها الطبيعي والواقعي، ما جعل عودتها محط ترحيب كبير من الجمهور، كما أن الممثل صلاح ديزان، المعروف بأدواره القوية والمقنعة، عاد ليضفي على المسلسل لمسة من الخبرة والاحتراف، ولم يكن اختيار الممثل هشام الإبراهيمي أقل أهمية إذ يتميز بقدرة فريدة على تجسيد الشخصيات المعقدة بمهارة وصدق، هذه الاختيارات الموفقة للممثلين ساهمت بشكل كبير في تقبل المسلسل بصدر رحب. إذا كانت المواضيع المطروحة في مسلسل "بنات اليوم" تتناول حقوق المرأة، الطلاق، المساواة، الحرية الشخصية، النسوية، والاستقلالية، فهذا يعكس اهتمامات وتطلعات جزء كبير من الجمهور، إذ أن العديد من الناس يشعرون بالتعاطف مع ضحايا هذه القضايا ويرغبون في رؤية تمثيلها في وسائل الإعلام، كما تساهم الضغوط الاجتماعية والسياسية والثقافية في دفع الكتاب والمنتجين إلى تناول هذه القضايا في أعمالهم الفنية. ومن الطبيعي أيضًا أن يتم اتخاذ بعض القرارات بناءً على التوجهات والمعايير التي تفرضها شركات الإنتاج أو القنوات التلفزيونية، فهذا يمكن أن يكون نتيجة للتوجهات التجارية أو الرغبة في الوفاء بتوقعات جمهور معين أو تحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية. ويساهم مسلسل مثل "بنات اليوم" في إلقاء الضوء على تحديات ومشاكل يواجهها النساء في المجتمع، وهذا يشجع على المزيد من الحوار والتغيير في المستقبل، ويجب أن نكون حذرين من التبعيات السلبية التي قد تنجم عن تناول هذه المواضيع بطريقة غير متوازنة أو مفرطة، إذ يجب أن يكون الهدف دائمًا تمثيل الواقع بشكل موازي وتجنب إيجاد تصوير نمطي أو تعميمي قد يؤدي إلى تشويه فهم الجمهور للمسائل المعقدة. يحسن المخرج محمد نصرات ترتيب الأحداث بشكل مضبوط، ما يخلق إيقاعًا زمنيًا متوسطا يجذب الانتباه ويثير الفضول من خلال تدفق الأحداث بشكل طبيعي، وهذا يجعل تتبُّع السلسلة مقبول دون عناء ويعزز من تجربة المشاهد، ومن جانبه يبرز مدير التصوير بموهبته في استخدام تقنيات الإضاءة بشكل مقنع لإبراز جمالية الدار البيضاء ورقيها عن طريق اختياره الموفق للإضاءة المناسبة في ألوان الصور البهية، كما يتم استخدام الدرون بشكل مبتكر لتحقيق لقطات مذهلة تبرز جمالية البيضاء بطريقة فنية، وهذا الاستخدام الحكيم للتكنولوجيا يضيف بعدًا جديدًا إلى تجربة المشاهدة الدرامية.
مشاركة :