أطلقت روسيا قبل أيام من غزوها أوكرانيا في فبراير 2022، المركبة الفضائية (كوزموس 2553) القادرة على حمل أسلحة نووية، واستهداف آلاف الأقمار الصناعية في مدار منخفض، وفق ما كشف مسؤولون أميركيون في تصريحات أوردتها «وول ستريت جورنال» اليوم. وشدد المسؤولون الأميركيون على أن «كوزموس 2553» مرتبطة بالبرنامج النووي الروسي المضاد للأقمار الصناعية الذي «أثار جنون» الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة، خصوصا أن من شأن هذا السلاح أن يمنح موسكو قدرة على تدمير آلاف الأقمار الصناعية في مدار أرضي منخفض. وبينما تؤكد روسيا أن المركبة الفضائية مخصصة للبحث العلمي، إلا أنها قادرة على إحداث تفجير نووي يدمر الأقمار الصناعية الأميركية، بما في ذلك خدمة «ستارلينك» التابعة لشركة «سبيس إكس» التي تلعب «دورا عسكريا مهما» خصوصا في الحرب بأوكرانيا. وأثارت هذه التقارير «حالة من الجنون» في واشنطن بشأن طموحات روسيا الفضائية النووية، حيث أصدر رئيس لجنة المخابرات بالكونغرس مايك تورنر في فبراير 2022 بيانًا غامضًا حول «تهديد خطير للأمن القومي» الأميركي، داعيا الرئيس بايدن إلى رفع السرية عن هذه المعلومات. من جهته، أعلن البيت الأبيض في وقت لاحق أن روسيا تسعى إلى تحقيق قدرة «مثيرة للقلق» مضادة للأقمار الصناعية، في حين اعتبر الكرملين أن التقارير التي تتحدث عن تطوير روسيا لنظام نووي مضاد للأقمار الصناعية «مجرد افتراءات»، فيما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «موقفنا واضح وشفاف: لقد كنا دائمًا ضد نشر الأسلحة النووية في الفضاء». وسعت الولايات المتحدة واليابان إلى إحراج روسيا الشهر الماضي عندما طالبتا مجلس الأمن الدولي بالتصويت على قرار يؤكد معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967، والتي تحظر وضع أسلحة نووية في المدار، لكن روسيا استخدمت حق النقض (الفيتو) ضد القرار، قائلة إنه لم ينص على حظر جميع أنواع الأسلحة الفضائية. كما رفضت موسكو كل المساعي الأميركية لعقد نقاشات مباشرة حول برنامجها المضاد للأقمار الصناعية، مكتفية بالقول إن المركبة «مجهزة بأدوات وأنظمة مطورة لاختبارها في ظل التعرض للإشعاع والشحنات الثقيلة»، وهي ادعاءات رفضتها مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الحد من التسلح مالوري ستيوارت، مؤكدة أن «المدار الذي يستضيف المركبة الروسية يقع في منطقة لا تستخدمها أي مركبة فضائية أخرى، وهذا في حد ذاته غير عادي». وأوضحت ستيوارت أن «المدار عبارة عن منطقة ذات إشعاع أعلى من المدارات الأرضية العادية، لكنها ليست عالية بدرجة كافية من البيئة الإشعاعية للسماح بإجراء اختبار سريع للإلكترونيات، كما وصفت روسيا»، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة «كانت على علم بسعي روسيا للحصول على هذا النوع من القدرات منذ سنوات، ولكن في الآونة الأخيرة فقط تمكنا من إجراء تقييم أكثر دقة لتقدمها». وفيما رفض المتحدثون باسم الاستخبارات الأميركية ومجلس الأمن القومي مناقشة مسألة مركبة (كوزموس 2553)، وعلاقتها بالبرنامج الروسي المضاد للأقمار الصناعية، تصاعدت في السنوات الأخيرة المخاوف الأميركية بشأن القدرات الفضائية الروسية والصينية، خصوصا أن الأقمار الصناعية، التي أصبحت أكثر تكاملا مع القدرات العسكرية وأنظمة الاتصالات العالمية، لكنها تعد أهدافا ضعيفة في حالة نشوب صراع كبير مع أي من الخصمين. ويمكن لجهاز نووي روسي مضاد للأقمار الصناعية تهديد المركبات الفضائية في مدار أرضي منخفض، حيث تقوم الشركات والوكالات الحكومية الأميركية بتشغيل أكبر عدد من الأقمار الصناعية، حيث يعمل نحو 6700 قمر صناعي أميركي في هذا الجزء من الفضاء، وفقًا لشركة البيانات الفضائية (ليولابس)، بينما تشغل الصين 780 قمرا صناعيا، وروسيا 149 قمرا صناعيا. وتتتبع معظم الأقمار الأميركية شبكة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية الخاصة بشركة (سبايس اكس)، التي تتيح، ضمن مهام كثيرة، تتبع الصواريخ وغيرها من الخدمات العسكرية في مدار أرضي منخفض، والذي يُعرف عمومًا بأنه ارتفاع لا يزيد عن حوالي 1200 ميل. وفيما اعتبر رئيس لجنة المخابرات بالكونغرس مايك تورنر، في وقت سابق، خطط روسيا لنشر مركبات نووية في الفضاء «أزمة الصواريخ الكوبية في الفضاء»، وصف أحد كبار مسؤولي سياسة الفضاء في البنتاغون جون بلامب، هذا السلاح الروسي بـ»العشوائي حيث لا يميز بين الأقمار الصناعية العسكرية أو المدنية أو التجارية».
مشاركة :