بعد توقيع مذكرات تفاهم في مارس 2022 بين وزارتي النقل الفرنسية والسعودية لتعزيز التعاون بينهما في قضايا السكك الحديدية والابتكارات ووسائل النقل الجديدة، ها هو هذا الموضوع يطرح من جديد على الطاولة بعد زيارة وفد شركات فرنسية متخصصة في هذا القطاع إلى المملكة. فقد نظمّت وكالة بزنس فرانس، أمس الأربعاء 15 مايو، ندوة تحت عنوان “أيام السكك الحديدية والتنقّل الفرنسية السعودية” ـ “French Saudi Rail & Mobility Days” وذلك بالتعاون مع السفارة الفرنسية في الرياض وتحت رعاية كل من وزارة النقل والخدمات اللوجستية، والاستثمار، وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية “ندلب” والخطوط الحديدية السعودية “سار”، وفي حضور كل السفير الفرنسي لدى المملكة العربية السعودية لودوفيك بوي، ونائب وزير النقل والخدمات اللوجستية ورئيس الهيئة العامة للنقل في السعودية د. رميح الرميح، إضافة إلى الرئيس التنفيذي لـ”ندلب” سليمان المزروع وممثّل وزارة الصناعة والمسؤولين عن تنفيذ مشاريع السكك الحديدية الكبرى في المملكة مثل نيوم، القدية، الهيئات الملكية لكل من مدينة الرياض والعلا ومكة المكرّمة والمشاعر المقدّسة وجبيل وينبع، إضافة إلى شركة المبناني وبعض الشركات المسؤولة عن مشاريع الباصات مثل سابتكو. هذا المؤتمر، الذي عقد في فندق الكراون بلازا ـ المدينة الرقمية، كان فرصة لإعادة الحديث عن التعاون الفرنسي السعودي في مجال سكك الحديد خصوصاً بعد زيارة وفد مؤلف من 25 شركة فرنسية عملاقة وناشئة مبتكرة في مجال الهندسة والتشغيل والصيانة والتحول الرقمي لسكك الحديد، تستمر ليومين، تجتمع فيه في اليوم الأول لها مع صناع القرار السعوديين في هذا المجال ومع الشركات السعودية المتخصصة في هذا القطاع، وتلتقي في اليوم الثاني لها بشركة الخطوط الحديدية السعودية “سار” والهيئة الملكية لمدينة الرياض. وتميّزت النسخة الأولى من هذه الندوة بطرح مواضيع مختلفة تخصّ القطاعين العام والخاص منها التنقّل الذكي وكيف يمكن للمشاريع الكبرى في المملكة أن تخلق جيلاً جديداً من التنقّل، إضافة إلى الابتكارات الجديدة في قطاع النقل العام. وقد اختتم اليوم الأول بلقاءات ثنائية بين الشركات الفرنسية والسعودية لبحث سبل التعاون في ما بينهم في هذا المجال. والجدير ذكره أن بعض الشركات الفرنسية كانت قد بدأت العمل في المملكة على تطوير قطاع السكك الحديدية، لا سيما “RATP-DEV” ، المشغّل للنقل العام الرائد في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، الذي يتولّى حاليًا تنفيذ العديد من المشاريع المهمة مثل مترو الرياض والعلا، وهو منذ عام 2014 يدعم مشاريع النقل العام الضخمة في السعودية. وهذه الشركة الموجودة في أكثر من 15 دولة في العالم، تتمتّع بخبرة سنوات عدة، تتماشى تمامًا مع رؤية المملكة، وهي مجهّزة جيدًا لدعم السعودية في مرحلة تصميم هذه المشاريع، مما يضمن تنفيذها بشكل صحيح منذ البداية ومن منظور تشغيلي. وتركّز “RATP-DEV” على وضع معايير سلامة عالية لضمان خدمات نقل آمنة وموثوقة وكذلك تهتم بتولي وإعادة هيكلة الشبكات الحالية بما يتماشى مع طموحات وموارد السلطات التنظيمية. وانطلاقاً من هدفها ضمان نجاح مبادرات النقل المصممة لتناسب سياق رؤية 2030، تلتزم هذه الشركة أيضاً بالمساهمة في تطوير المدن المستدامة، وتعطي هذه المدن الأولوية للنقل العادل، والاستخدام الفعّال للموارد، والشمولية، والحيوية، والتكامل داخل المناطق. ويعد النقل والتنقل الجديد من القطاعات الرئيسية في رؤية 2030 حيث يهدف المشروع بحلول عام 2030 إلى تطوير وسائل نقل جديدة ومبتكرة وصديقة للبيئة ومضاعفة شبكة السكك الحديدية السعودية ثلاث مرات بإضافة 8000 كيلومتر من خطوط السكك الحديدية الجديدة. وقد بدأ عام 2023 العمل جدّياً على تطوير هذا القطاع في المملكة بعد تخصيص أكثر من 9 مليارات دولار له، مما يبرز أهميته الاستراتيجية. وبالتعاون مع شركة ألستوم الفرنسية، كانت قد قدّمت شركة الخطوط الحديدية السعودية “سار” أول قطار ركاب يعمل بالهيدروجين في العالم في أكتوبر الماضي، مما يمثل تقدمًا تكنولوجيًا كبيرًا والتزام المملكة بالنقل المستدام. وليس بغريب على الشركات الفرنسية المساهمة في تطوير هذا القطاع في المملكة، لا سيما وان فرنسا تعدّ رائداً في قطاع السكك الحديدية حيث يبلغ حجم مبيعاتها 4 مليارات يورو، وقد حلّت فرنسا في المرتبة الثالثة عالمياً في صناعة السكك الحديدية، وهي اليوم تصبّ كامل اهتمامها على إزالة الكربون ورقمنة قطاع السكك الحديدية، كأولوية خطة استثمار فرنسا 2030، بمبلغ قدره 75 مليون يورو.
مشاركة :