وهم الاختيار من الظواهر العقلية والنفسية المعقدة ذات الأثر الواضح على سلوك الشخص وقراراته. وغالبًا ما يتم توظيفه في برامج التسويق التجاريوالدعاية السياسية من خلال إقناع الناس بأنهم يسيطرون على قراراتهم ويتحكمون بها. للدفع بهم نحو اختيار لا إرادي لما يريد المسِّوق تسويقه. ووهم الاختيار يعرفه خبراء الصحة لنفسية والعقلية بأنه شعور زائف بالسيطرة على شؤون الحياة بطريقة مغايرة للواقع. وينشأ هذا الشعور من الرغبة الطبيعية في تحقيق الاستقلالية والقدرة على التحكم في القرارات والتوجهات. وهم الاختيار من الظواهر العقلية والنفسية المعقدةويتجلى "وهم الاختيار" في العديد من المواقف اليومية، كاختيار المنتجات والحاجيات، فعندما نواجه مجموعة واسعة من الخيارات نشعر وكأننا نملك سيطرة أكبر على قراراتنا حتى لو كانت الاختيارات متشابهة إلى حد كبير، أو كانت محصورة في المعروض والمتاح منها. حذار من الاستسلام يقول خبراء الصحة النفسية والعقلية إن الاستسلام لـ"وهم الاختيار" والاعتماد على الحدس من الممكن أن يؤديا إلى نتائج سلبية تشمل: اتخاذ قرارات خاطئة: فقد نختار بناء على مشاعرنا ودون الحصول على معلومات كافية بدلا من تحليل الخيارات بعقلانية. الشعور بالندم: قد نشعر بالندم على خياراتنا لاحقا، خاصة إذا لم تتحقق توقعاتنا. الشعور بالعجز: إذا أدركنا أن خياراتنا محدودة فقد نشعر بالعجز والإحباط. حذار من الاستسلامعوامل تعزز وهم الاختيار وفق الخبراء، ثمة العديد من العوامل التي تساهم في تعزيز وهم الاختيار، منها: التحيز المعرفي: بمعنى أننا نميل عادة إلى تفسير المعلومات بطريقة تتوافق مع معتقداتنا ورغباتنا، مما قد يؤدي إلى تجاهل الأدلة التي تشير إلى عكس ذلك. التسويق: تصمم حملات التسويق لخلق شعور بالاختيار حتى لو كانت الخيارات محدودة في الواقع. الثقافة: تشجع بعض الثقافات على التركيز على الفردية والاستقلالية، مما قد يعزز شعور وهم الاختيار. الوقوع فريسة لوهم الاختيار قد يؤثر سلبا على الحياة الأسرية. عوامل تعزز وهم الاختياركيف تتجنبين الوقوع في وهم الاختيار؟ يعتبر وهم الاختيار ظاهرة معقدة ذات أثر ملموس على السلوك والتصرفات والقرارات.وأحيانا يكون هذا السلوك وهذه التصرفات والقرارات مضرة ومؤذية للشخص. ولتجنب الوقوع ضحيةهذا الضرر والأذى لا بد من فهم المصطلح لنكون أكثر وعيًا به ونقلل تأثيراته على حيواتنا، وذلك من خلال اتخاذ بعض الخطوات: التفكير النقدي: وما يقتضيه من تحليل المعلومات بعقلانية وموضوعية، وتجنب الاعتماد على المشاعر أو الحدس فقط. الوعي بالتحيّزات المعرفية: علينا إدراك أننا نميل أحيانًا إلى تفسير المعلومات بطريقة متحيزة، ومحاولة تصحيح هذه التحيزات. النظر إلى الصورة الكبيرة: تقييم جميع الخيارات المتاحة، وليس فقط الخيارات المفضلة لدينا. قبول عدم اليقين: إدراك أننا لا نملك سيطرة كاملة على كل شيء، وأن بعض الأمور خارجة عن إرادتنا. كيف تتجنبين الوقوع في وهم الاختيار؟لكن هل نمتلك حقًأ حرية الاختيار؟ موضوع الحرية موضوع جدلي وقديم قدم الفلسفة اليونانية. ومنذ الأزمان السحيقة يثور الجدلحول حرية الإنسان وحرية اختياراته خلال حياته. ومع الوقت تدخلت علوم الفلسفة والنفس والدين، وأنماط الدعاية والتسويق، سعيًا وراء توظيف هذا الجانب في الشخصية الإنسانية لتحقيق مآرب أخلاقية سامية أو لا أخلاقية مشبوهة. فطبيعة الإنسان ترفض فكرة أنه مجبر على شيء. وهو يحب الشعور بأنه صاحب إرادة حرة ويمتلك حرية الاختيار. ويأتي دور وهم الاختيار في أن يعتقد الشخص أنه مسيطر على أفعاله بعقله ونفسيته، وفق ما يقوله خبراء علوم التربية والسلوك. لكنه في الواقع تحيز معرفي وشعور زائف يؤدي بالشخص إلى اتخاذ قرارات غير صائبة ولا تصب في نهاية المطاف في مصلحته الشخصية، وهذا يؤدي إلى عدم شعوره بالرضا بسبب اتخاذه قرارات بعيدة عن تحقيق الأهداف. لكن هل نمتلك حقًأ حرية الاختيار؟وعلى كل شخص الانتباه إلى خياراته وتحديد الواقعي منها والمفتعل. والانفتاح على خيارات غير منظورة أو محجوبة "الفكير خارج الصندوق". وينصح الخبراء بالوعي بأهمية قراءة آثار "وهم الاختيار" والوعي بمخاطره، وتحديد الأهداف بدقة وكتابتها باختصار، مما يسهم في تضييق الخيارات المتاحة بتحديد مساره قدر الإمكان حتى يبقى على توازن في حياته الاجتماعية والعائلية والعملية، كما عليه أن يبسط الخيارات حتى لا يشعر بالحيرة لكثرة الخيارات أمامه. يضاف إلى ذلك تحديد سلبيات وإيجابيات أي قرار يجب اتخاذه بعقلانية ودون تسرع، وببعد تأمل، مع استشارة الآخرين لتتوسع النظرة إلى الاختيارات لتكون مبنية على مصداقية المعلومة دون مخاطر. نصائح لإدارة "وهم الاختيار": هل نمتلك حقًأ حرية الاختيارلإدارة "وهم الاختيار" والنجاة من ألاعيبه يحدد خبراء الصحة العقلية والنفسية مجموعة من النصائح منها: حددي أهدافك: مما قد يساعدك في تضييق نطاق اختياراتك وتسهيل عملية تحديد ما هو أفضل بالنسبة لك. بسّطي خياراتك: إن تبسيط خياراتك يساعدك على تقليل الشعور بالإرهاق من الخيارات المتاحة أمامك. قومي بعمل قائمة بالإيجابيات والسلبيات: يمكن أن يساعدك إعداد هذه القائمة في تقييم خياراتك واتخاذ قرار أكثر استنارة. احصلي على معلومات أخرى من آخرين: يمكن أن يمنحك الحصول على مدخلات من الآخرين منظورًا مختلفًا لاختياراتك. إدارة التحيزات الخاصة بك: بحيث تكوني على دارية باتجاهاتك عند اتخاذ القرارات فقد تقودك إلى قرارات سيئة. لا تتعجلي: بمعنى أن تأخذي وقتًا مناسبًا وكفيًأ للنظر في جميع الخيارات المتاحة أمامك قبل اتخاذ القرار التفضيلي بين الخيارات المتاحة.
مشاركة :