يتعرض الشخص أحياناً إلى ارتطام رأسه بجسم صلب وربما يأخذ الأمر وقتاً قصيراً يتعافى بعده، ولكن في كثير من الحالات يبقى أثر ذلك الارتطام بالدماغ هو ما لم يكن متوقعاً في السابق، حيث كان يعتقد بأن زوال الألم أو التورم الناتج عن ذلك يعني عدم وجود تأثير للصدمة التي تعرض لها الرأس. لا توجد طريقة مثلى للتفريق بين الصدمة الدماغية الخفيفة وبين التي تحتاج إلى علاج والتي ربما تتسبب في مضاعفات خطرة، أما الآن فإن إجراء فحص الأشعة المقطعية على الدماغ يعتبر أفضل الطرق في تشخيص إصابات الدماغ ولكن يتجنبه الطبيب في كثير من الأحيان للأشعة التي تصدر عنه خصوصاً إذا كان المصاب طفلاً. ذكرت دراسة نشرت نتائجها بمجلة جاما للعلوم العصبية، أنه بات بالإمكان تمييز الإصابات القوية التي يتعرض لها الدماغ عن طريق فحص الدم، حيث كانت نتائج الدراسة مبشرة، ويركز الفحص على نوعين من البروتينات يرتبطان بالإصابة، وقام الباحثون بدراسة معدلات هذين البروتينين كعلامات حيوية تظهر مباشرة بعد التعرض للصدمة، لذلك جمعوا عينات الدم لعدد 584 شخصاً نصفهم حالات تتعلق بإصابات الدماغ والنصف الآخر تعرض لصدمات من نوع آخر مثل كسور العظام ورضوض الصدر، وذلك لمقارنة النتائج ومعرفة ما إذا كانت تلك العلامات الحيوية ترتبط بجميع أنواع الصدمات الجسدية أم أنها تظهر فقط عند التعرض للإصابات الدماغية، وتم سحب عينات الدم 19 مرة، تبدأ خلال الـ 4 ساعات الأولى من التعرض للإصابة ولمدة 7 أيام تالية، وذلك لمتابعة التغيرات بمعدلات البروتينين خلال تلك الفترة مع ربطها بالأعراض. تبين بعد المتابعة أن معدلات كلا البروتينين - وهما GFAP وUCH-L1- ارتفعت معدلاتهما خلال الـ4 ساعات الأولى، فالبروتين GFAP خاص بالخلايا المعروفة بـالخلايا النجمية التي تتواجد بالأعصاب بالجهاز العصبي المركزي والذي يحتوي على الدماغ والحبل الشوكي، ارتفعت معدلاته خلال 20 ساعة بعد الإصابة ثم بدأ بالتراجع المطرد ولكنه ما زال موجوداً خلال الـ7 أيام التالية للإصابة، أما البروتين UCH-L1 فإنه يفرز بواسطة أعصاب الدماغ عندما تتعرض للضغط وترتفع معدلاته مباشرة بعد التعرض للصدمة وتصل ذروتها خلال 8 ساعات. يعلق الباحثون على ذلك قائلين إن فحص الدم وإن لم يكن الوسيلة المعتمدة للكشف عن إصابات الدماغ فإنه يعتبر وسيلة جيدة تساعدنا على اتخاذ القرار في تلك اللحظات فيما نقوم به من علاج للمريض.
مشاركة :