«المراهقة».. مرحلة التحوّل وإثبات الذات

  • 4/17/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تأتي مرحلة المراهقة ضمن أصعب المراحل الدقيقة في عمر الإنسان، فهي مرحلة انتقالية مهمة ما بين الطفولة والنضج، وفي تلك المرحلة يتذبذب الإنسان تارة بين مغامرات الطفل وتهوره وبين المرء الناضج المتزن، فمن الناس من يتعدى هذه المرحلة بسلام ومنهم من يعاني وتعاني اسرته معه في تجاوز هذه المرحلة من الحياة. وقد عرف علم النفس المراهقة بأنها الاقتراب من النضج العقلي والنفسي والجسمي والاجتماعي وأيضا بلوغ الفرد مرحلة الاقتراب الى النضج ولكنه لا يصل الى اكتمال النضج إلا بعد سنوات عديدة قد تصل الى عشر سنوات، وهناك اختلاف بين المراهقة والبلوغ، حيث ان الاخير ماهو إلا جانب من جوانب المراهقة. مرحلة عمرية يقول د. حسن آل مجامد -أخصائي طب الأسرة-: إن مرحلة المراهقة مرحلة عمرية نجمع كلنا على مدى صعوبتها نظرا لما تتخلله من تغيرات في المزاج والأفكار والمشاعر، مضيفا إنها مرحلة يتخبط فيها المراهق بين الطفولة وإثبات رجولته أو أنوثتها على حد سواء، وأحياناً تسمى مرحلة المراهقة ب»الأرض المحايدة» التي يجتاز فيها الفرد بين مرحلتين بين مرحلة الطفولة ومرحلة الرشد، مشيرا بأن هناك كثيرا من التغيرات التي تحدث في هذه الفترة ولكن أغلب الأهالي على الرغم من أنهم مروا بنفس المرحلة العمرية يتناسون ما يمر ويشعر به هؤلاء المراهقون فيكون البيت ساحة معركة بين الآباء والأبناء يكون المراهق فيها هو ضحية لعدم تفهم الآباء، ويتعرض المراهق في هذه السن إلى تغييرات في الشكل والحجم والوزن يصحبها تغيرات نفسية وسلوكية وظهور بعض المشاكل والاضطرابات التي تؤثر على المراهق والمحيط الذي يعيش فيه مما يؤدي إلى توتر علاقة الأبناء بآبائهم في هذه الفترة بسبب سعي المراهق إلى نيل الاستقلال والحرية، لافتا الى ان المراهق يحتاج في هذه المرحلة العمرية إلى طريقة معاملة مختلفة عما كان عليه في فترات سابقة من حياته. مشاكل المراهقة ويرى ان من أهم مشاكل المراهقة هي حاجة المراهق للتحرر من قيود الأسرة والشعور بالاستقلال الذاتي، وهذه المشكلة هى السبب الرئيسى في معظم الصراعات التي تحدث بين المراهق وأسرته، ومن أمثلة تلك الصراعات الصراع في حرية اختيار الأصدقاء وطريقة صرف النقود أو المصروف ومواعيد الرجوع إلى المنزل في المساء وطريقة المذاكرة وطريقة اختيار الملابس وقص الشعر واستعمال سيارة الأسرة فى سن مبكر وبدون وجود ترخيص القيادة وأمور أخرى، وايضا هناك النمو الفكري حيث يصبح المراهق يفسر الأمور على هواه بغض النظر هل هو صحيح أو خطأ، العناد والاستقلالية، التمركز حول الذات والانشغال بشكل الجسم، والنمو اللغوي وكثرة الكلام، والنمو الانفعالى مثل زيادة الحساسية والغيرة والرغبة في زيادة مسار الحب، وقد يوجهها بطريقة خاطئة، والتأثر بالقرناء ومفاهيمهم حتى ولو لم يكن مقتنعاً بأفكارهم. واشار الى ان التغيرات الفسيولوجية تؤثر على سلوكيات المراهق وتصرفاته ومن هذه التغيرات الميل إلى تحقيق الاستقلالية عن طريق الصراع من أجل إثبات الذات داخل المنزل وأمام الوالدين والأخوان الأصغر سناً، قلب المزاج بسرعة من العصبية إلى الهدوء ومن الفرح إلى الحزن بطريقة تسبب الحيرة لدى بعض الأهالى، عدم الإنصات للآباء، مع إظهار عدم الاحترام لهم في بعض الأحيان، تأثيرا لأصدقاء والتأثر بتصرفاتهم وتقليدهم خصوصا في الأشياء التقليدية، وغير ذلك. وقدم د. آل مجامد بعض النصائح التي ستساعد الوالدين بإذن الله على التعامل مع المراهقين بشكل أفضل وهي منحهم الحب والتسامح والدعم المستمر عندما يواجهون الفشل، اجعل له أو لها مجالاً للعودة، الاستماع إلى همومهم وتلبية احتياجاتهم، توضيح القواعد والحدود التي تضعها لهم باستمرار، واسمح لهم باتخاذ بعض قراراتهم بأنفسهم، والقبول بأكبر قدر ممكن من طلباتهم، واعطائهم الفرصة لاتخاذ القرار بأنفسهم قدر الإمكان لأن هذا يمنحهم الشعور بالهوية والحرية وخلق روابط أقوى بينك وبين ابنك المراهق كما أن إعطاءهم الفرصة على اتخاذ القرار يساعدهم مستقبلا على الاعتماد على أنفسهم وتحمل تبعات اختياراتهم، محذرا من ان شعور المراهقين بالرقابة المستمرة والصارمة على حياتهم من شأنه أن يؤدي إلى التمرد والعناد وعصيان الأوامر، ايضا كافئهم وأثنِ على صفاتهم الحسنة وقراراتهم الجيدة، ولا تقارنهم بالآخرين لان هذا يثير غضبهم ويخلق مزيدا من العناد والمنافسة والغيرة السيئة، وحاول دائما أن تثني على صفاتهم المتميزة عن الآخرين وشجعهم على الاستمرار، وعاملهم باحترام دائماً، كما يجب الترفق به وخاصة عندما نوجه له أي نقد لسلوكياته. أنواع المراهقة ويؤكد د. محمد عبد المختار-أستاذ علم النفس بكلية التربية جامعه نجران- أن المراهقة موضوع شائك وشيق في نفس الوقت، فهو شائك نظراً لتعدد الآراء والكتابات وحيرة العلماء والباحثين في التصدي لهذه المرحلة التي تتسم بالحيرة والغموض، وكذلك حيرة المراهقين في هذه المرحلة للبحث عن إجابات لأسئلة عديدة، وكذلك البحث عن إيجاد سبل وطرق لحل ما يواجه المراهق من مشكلات، كما انه موضوع ممتع وملفت لنظر العديد من الباحثين ولمن دخل هذه المرحلة أو خرج منها. واضاف: إن تحديد المفهوم وأنواع المراهقة والتغيرات التي تحدث فيها ومشكلاتها يطرح عدة تساؤلات تدور في ذهن المراهق (ذكور/ أناث) منها، ما هذه التغيرات الجسمية السريعة والمفاجئة والجديدة التي تحدث لي الآن، لماذا أنشغل بملامح جسدي عن ذي قبل، لماذا أشعر بأنني أخجل من الحديث أمام الآخرين، لماذا ثقتي بنفسي تهتز وتضعف، لماذا لفظ (ولد أو بنت) غير مقبولة وأنزعج منها، لماذا أنشغل بحيرتي وترددي في معظم وقتي، وهذه بعض من التساؤلات التي تدور في ذهن المراهق ولم تجد من يجيب له عن هذه التساؤلات مما يؤدي الى زيادة حيرته وانشغاله بالرغم ان طبيعة المرحلة تزيد من حيرته، ونلاحظ أن هذه التساؤلات ماهي إلا مظاهر وخصائص تتسم بها هذه المرحلة، فهذه المظاهر ما هي إلا طفرة سريعة للتغيرات الجسمية والفسيولوجية والبيولوجية أولاً ثم يلحقها العديد من التغيرات الانفعالية، والاجتماعية، والنفسية، والعقلية، والدينية. ومفهوم المراهقة مفهوم ثقافي يختلف باختلاف المكان الجغرافي الذي يعيش فيه الفرد، فليس للمراهقة وقت محدد وتختلف من مكان لآخر وتلعب التقاليد والقيم والعادات وطبيعة المكان والزمان دورا فاعلاً في تحديد البداية التى تظهر فيها ملامح ومظاهر المراهقة، مشيرا الى المضاعفات السلبية في حياة الناشئة في مرحلة المراهقة، من وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي إذا تم استخدامها بطريقة غير صحيحة منبها ان الإعلام السلبي يؤدي الى زيادة في تحريك الرغبات والدوافع لدى المراهق. إحباطات وصراعات المراهق وأردف د. عبدالمختار؛ نوجز عرض فلسفة مرحلة المراهقة في ثلاث خيارات الأول: الانسحابية توجد فئة من المراهقين ليست بقليلة تعاني العزلة والانسحابية، ونفسر ذلك بأن التغيرات السريعة التي تحدث بالجسم لا يتوافق معها الفرد في هذه المرحلة مما يجعل الفتاه تشعر العزلة والتجنب والشعور بأن الآخرين لا يقبلوني بهذا الشكل وبهذا التغير المفاجئ والسريع كما أنها تشعر بالحيرة والخوف والتردد من الظهور أمام الآخرين، مما يجعل المراهق يتجنب الآخر والعزلة أفضل طريق آمن له من وجهة نظره، موضحا ان هذه إجابة على التساؤلات الثلاث الاولى (لماذا انشغل بملامح جسدي؟ لماذا أشعر بأنني أخجل؟ لماذا ثقتي بنفسي تهتز وتضعف؟)، اما الثاني: التمرد والعصيان فيوجد فئة عريضة من المراهقين يتسم سلوكهم بالعنف والتمرد والعصيان على والديهم أو على كل سلطة تحاول التعرض لهم، ويمكن تفسير ذلك بأن المراهق يواجه احباطات وصراعات شديدة بين رغباته الملحة وبين اعاقة تحقيق هذه الرغبات فيتحول سلوك المراهق إلى تمرد وعصيان ورفض احتجاج لا شعورياً على عدم استجابة المجتمع لتلك الرغبات الملحة، ونوجه نصيحة لأولياء الأمور والمعلمين وكل ذي سلطة أن يحتوي المراهق ويستمع اليه ويناقشه ويتحاور معه ويعتبره فرداً له شخصية وكيان وكأن المراهق يرفع شعار «أنا رجل إذن أنا موجود»، ولذلك من السهل أن يتم استقطاب هذه الفئة بغسيل عقولهم بأفكار ضالة نظراً لأنه وجد من يتحدث معه ويجعله شخصا كبيرا وله ادوار مهمة في المجتمع، ولذا نسمع عن شباب تورط في جرائم الارهاب والتطرف الفكري في هذه المرحلة نتيجة لأنه وجد مجموعة تحتويه بدلاً من أسرته ووالديه ومعظم المشكلات كفقد الثقة بالنفس والتردد والشك وعقدة الذنب تظهر في هذه المرحلة. والثالث هو التوافق والتكيف وهذه فئة ليست بكبيرة وإنما هذه الفئة دخلت المرحلة ولديها قدرة على التوافق والتكيف مع هذه التغيرات نتيجة لوعي الآباء بتقديم الارشاد المستمر، ومناقشة الأبناء وإقامة جسور الصداقة بين الابن أو البنت والوالدين والتعامل معهم بقدرة فائقة على احتوائهم وتقديم كافة السبل لمواجهة الأزمة والإجابة على معظم الأسئلة التي تدور بعقل المراهق، وهذه الفئة الأكثر ابداعاً ونشاطاً وكأن المراهق يحوّل طاقته الهائلة إلى شيء مثمر في المجتمع، داعياً المؤسسات التربوية لتكثيف الجهود لاستغلال هذه الطاقة واستثمارها في جوانب ايجابية بالمجتمع، لأن مرحلة المراهقة تحتاج الى وعي وتثقيف وتربية وفن للتعامل مع المراهق نظراً لأن الظروف التي يمر بها المراهق صعبة وقاسية وتحتاج الى احتواء له من أسرته ومدرسته حتي لا يقع فريسة في يد الآخرين تستغل قدراته في عمل يضر نفسه والمجتمع. مرحلة غامضة من جهته يقول محمد الخيواني -مدير مركز خدمات التربية الخاصة والباحث التربوي-: نتحدث عن مرحلة من أهم مراحل النمو التي يمر بها الإنسان فتعتبر من أهم وأدق المراحل التي يمر بها خلال حياته إنها مرحلة المراهقة المبكرة التي يشير إليها علماء النفس بأنها التدرج نحو النضج الجسمي والنفسي والعقلي والاجتماعي حيث تمتد فترة المراهقة المبكرة بين عمر 11 و21 سنة تقريباً وتعتبر من المراحل الغامضة التي تحتاج إلى إيضاح بشكل أوسع حيث إن الإنسان يمر في مرحلة صراعات داخلية وخارجية تحتاج إلى معرفة طبيعة المرحلة والأسلوب الأمثل للتعامل معها فهي تستحوذ على اهتمام المراهق نفسه ووالداه ومجتمعه، ويحتاج المراهق في هذه الفترة إلى أسرة حاضنة تقوم بدورها التربوي الفعال في حث الابن على الصلاة وحب وحنان الوالدين وزرع الثقة والاحترام المتبادل وتحمل المسؤولية وإعطائه حرية التعبير عن الرأي واحترامه وتلبية احتياجاته وتحفيزه على السلوكيات الايجابية والقدوة الحسنة، ولا نغفل الدور الفعال للمدرسة في تعديل سلوكياتهم من خلال المناقشات والحوارات الهادفة لتوضيح السلوكيات التى تمر بها هذه المرحلة وكيفية التعامل معها واكتساب المهارات الاجتماعية، وقدراته وكذلك تعليمه الأسلوب الأمثل في كيفية طرح مشكلته والبحث عن الحلول وإشراكه في الأنشطة المدرسية واستخدام أسلوب التعزيز المناسب معه والاستفادة من وجود الأصدقاء في بناء علاقات ايجابية بينه وبينهم، فهناك رسالة سامية يتحملها كل من الوالدين والمعلمين في مواجهة المراهقين لهذه المرحلة وتجاوزهم لكل التحديات.

مشاركة :