«زايد للكتاب» تسمي أمين معلوف شخصية العام الثقافية

  • 4/18/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب، أمس، قرار الهيئة العلمية ومجلس أمنائها منح لقب شخصية العام الثقافية، في دورتها العاشرة للكاتب اللّبنانيّ باللّغة الفرنسية أمين معلوف، تقديراً لتجربة روائي حمل عبر الفرنسية إلى العالم كله محطات أساسية من تاريخ العرب، وتاريخ أهل الشرق بعامة، وسلط أضواء كاشفة على شخصيات نذرت نفسها لإشاعة الوئام والحوار الثقافي بين الشرق والغرب، وأعاد خلق تجارب فذة ومغامرات مؤثرة، وتميز في هذا كله بأسلوب أدبي يجمع مفاتن السرد العربي إلى بعض منجزات الحداثة الغربيّة في الكتابة الروائية وكتابة البحث الفكري. وجاء في مسوغات الفوز وأسباب المنح: عالم متنوع في أعماله يؤسس معلوف لعالم أدبي قائم على الترحال، وعلى تعدد الهوية أو التعدد الثقافي، لا بمعنى نكران الوطن الأم أو الثقافة الأصلية، بل بمعنى الحق في مواطنية عالمية وإنسانية متسعة، تشمل أكثر من لسان، وأكثر من ثقافة، وأكثر من ارتباط جمالي وفكري وثقافي. وهذا كله ينعكس في حياة الشّخوص، أغلبهم يتكلمون لغات عدة، ويحذقون في أكثر من فن. عاش أمين معلوف (المولود في 25 فبراير 1949)، الحرب الأهلية اللبنانية في صميم حياته الشخصية وخبرها عن كثب. ثمّ قرر اصطحاب زوجته وأطفالهما والرّحيل إلى باريس. هناك اشتغل في مجلة النهار العربي والدولي الأسبوعية، كما اشتغل في المجلة الفرنسية جون أفريك، أو إفريقيا الفتاة. وكان قبل ذلك قد درس الاقتصاد وعلم الاجتماع في جامعة بيروت، واشتغل في صحيفة النهار البيروتية، متخصّصاً في الأحداث والسياسة الدولية، فزار من أجل ذلك ما يزيد على 60 بلداً، وغطّى أحداثاً كبرى، من بينها حرب فيتنام. بعد سنوات، فاجأ القراء بكتابه الأول بالفرنسية: الحروب الصليبية كما رآها العرب (1983). في هذا الكتاب كشف عن شَغَفيه الأساسيين، بالتاريخ من جهة، وبالكتابة السردية من جهة أخرى. وكانت الحروب الصليبية تشكل أحد الموضوعات الأساسية في الدراسات التاريخية والنصوص الأدبية، التي تستلهم التاريخ بالفرنسية، لكنها نادراً ما عُرِضَتْ من وجهة نظر العرب. جعل معلوف من الحروب الصليبية، كما عاشها المجتمع العربي بمختلف شرائحه وانتماءاته، موضوع كتابه كلّه. لقد وصفَها وحللها بمنتهى الموضوعية والتجرد العلمي، مستنداً إلى نزعة إنسانية تميّز كلّ أعماله، يأسف فيها للدّماء المراقة، ولهذا العنف الشامل الذي يجعل هذه الحروب في رأيه لا سلسلة حروب دينية فحسب، كما يرى بعضهم، بل صدمة حضارات حقيقية، قد يكون أثرها سارياً حتى اليوم. بعد هذا الكتاب توالت أعمال معلوف، ضمن هذا التخاصب الدائم بين التّاريخ والسرد، دون أن تنحصر لا في الاهتمام التاريخي بمفرده، ولا في السرد وحده. فإلى جانب رواياته التي تستلهم التاريخ البعيد: ليون الإفريقي (1986)، وسمرقند (1988)، وحدائق النور (1991)، ورحلة بلداسار (2000)، نجد روايتين تستعيدان الماضي القريب للبنان وللمنطقة، هما: صخرة طانيوس (1993)، وموانئ الشرق (1996)، ورواية معاصرة الأجواء والشّخوص: التّائهون (2012)، وكتاب ينتمي إلى السّيرة الذاتيّة واستعادة التاريخ العائلي: بدايات (2004)، ورواية في الخيال العلمي مكتوبة على خلفية هموم معاصرة تماماً: القرن الأول بعد بياتريس (1992)، ومؤلّفَان فكريان: الهويات القاتلة (1998)، واختلال العالم (2009)، ونصوص أوبرالية: الحب عن بعد (2001)، والأم أدريانا (2004)، ومأساة سيمون (2006)، وإيميلي (2010). نثر معلوف عناصر من تاريخه الشخصي والعائلي، ومن تاريخ لبنان في مختلف رواياته وأعماله الأخرى، حيث عبر عنها تلميحاً أو على نحو مشفر أو مرموز. فسواء في ليون الإفريقي أو رحلة بالداسار، أو في صخرة طانيوس أو في موانئ الشرق، وسواء كانت التجربة التاريخية المعالجة في هذه الرواية أو تلك تنتمي إلى الأمس البعيد أو إلى الماضي القريب، ثمّة تجارب في التجوال والتيه والتعدد الثقافي واللغوي ومعاناة الحرب والمنفى والتوحد، تلقى تعبيراً لها على ألسنة شخوص الروايات، بعد أن خبرَها الكاتب نفسه وعاشها في مسيرته الشخصية. وفقط بعد أن تقدم في شوطه الإبداعي ونشر أعمالاً عديدةً، رجع إلى تاريخه العائلي هذا، ووضع فيه كتابه الضخم بدايات، الذي يعود فيه بلغة الرواية إلى البحث عن الوجوه الأثيرة لهذا التاريخ وعاداته وطقوسه ومشارب أفراده. في محاوراته أيضاً، يعود معلوف إلى تاريخ العائلة والبلاد والمنطقة هذا، ليسلط عليه إضاءات قوية ويغنيه بتأملاته. من هذه المحاورات نعلم مثلاً أنه نشأ في حارة رأس بيروت في العاصمة اللبنانية، حارة مختلطة كان أترابه فيها مسيحيين ومسلمين، لبنانيين وفلسطينيين ومصريين. وإلى جانب العربية، لغته الأم، انفتح عبر الاختيارات الثقافية لأبيه، وهو أيضاً صحافي وأديب، على اللغة الإنجليزية، وعبر اختيارات أمه انفتح على الفرنسية. يذكر أن الفائز بلقب شخصية العام الثقافية يمنح ميدالية ذهبية تحمل شعار جائزة الشيخ زايد للكتاب، وشهادة تقدير، بالإضافة إلى مبلغ مليون درهم، كما سيتم عقد حفل تكريم الفائزين في الأول من مايو المقبل، في مركز أبوظبي للمعارض، وعلى هامش معرض أبوظبي الدولي للكتاب.

مشاركة :