هلل الليبيون لوصول الحكومة الليبية الجديدة بوساطة الأمم المتحدة برئاسة فايز السراج إلى البلاد، أخيراً، بشكل مفاجئ عن طريق البحر، بعد أن فشلت محاولاتها التوجه إلى طرابلس جواً من تونس. ووجدوا في هذه الخطوة بصيص أمل بحلول نوع من النظام والسلام يعيد حياتهم إلى نمطها المعتاد. إلا أن حكومة السراج المنبثقة عن اتفاق وطني تواجه سيلاً من المشكلات المحلية، تتراوح بين غلاء المعيشة إلى الأمن والحرب على الإرهاب. وقد حوصرت الحكومة عشية وصولها إلى ليبيا في إحدى القواعد البحرية غربي العاصمة طرابلس، التي شكلت مقرها الرئيسي. وقد سيطرت إحدى الميليشيات على أجزاء من غرب طرابلس وهددت باستخدام القوة لطرد الحكومة. وتبين أن الجهة المسؤولة عن الاعتداء على الحكومة الجديدة هي المجموعة ذاتها التي طردت موكب السراج في يناير الماضي أثناء زيارةٍ له إلى مدينة زلتين لتقديم واجب العزاء بمقتل أكثر من 40 متدرباً، لدى انفجار سيارة تابعة لتنظيم داعش داخل ثكنات للشرطة وخفر السواحل. وكما هي الحال في ليبيا، فإن المعتدين أفلتوا من العقاب. إلا أن أحد المصادر المطلعة قال إنه في حين أن قائد الميليشيا التي نفذت الاعتداء شخص معروف، فإن اعتقاله قد يساهم في التصعيد، ويعرض حياة المواطنين في طرابلس للخطر. لكنه أضاف مؤكداً وقت الحساب سيأتي حتماً. وتكمن إحدى أعقد المشكلات في ليبيا اليوم في غياب السيولة في النظام المصرفي للبلاد. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار صرف العملات وزيادة أسعار السلع الاستهلاكية اليومية. ويشكل النازحون مشكلة خطيرة أخرى، إضافة إلى المهاجرين سعياً للجوء في بلدان مجاورة، سيما مصر وتونس والجزائر. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى وجود ما يقارب 500 ألف نازح ومليون ليبي مهاجر آخر. وتعتبر تلك الأعداد مرشحة للارتفاع لأن عدداً من المواطنين يفرون من سرت منذ تضييق داعش الخناق عليها العام الماضي. إلا أن وجود داعش في سرت والمدن الأخرى لا يوجد مشكلة أمنية وحسب، بل يجعل تلك المدن أهدافاً للتدخل الدولي سواء عبر الغارات الجوية أو في سيناريو أقل احتمالاً، وهو الاجتياح البري. وينتظر الداعمون الأساسيون للحكومة الليبية الجديدة، أي أميركا والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وفرنسا، أن يطلب إليهم المساعدة في القضاء على داعش. وقد قصفت أميركا بلدة ليبية واحدة على الأقل، هي مصراته، مستهدفةً مخيماً لتدريب عناصر التنظيم. ويخشى عدد من الليبيين أن تزيد الحكومة الجديدة الأوضاع سوءاً، إذا ما أعطت التفويض الشرعي لتلك الغارات مستقبلاً. وتظهر كل تلك المشاهد على خلفية انعدام الأمان الذي يحيط بالحكومة الجديدة نفسها. ويعزز ذلك الواقع حقيقة قيامها بعملها من قاعدة بحرية قديمة، وليس من مقر حكومي رسمي يقع على بُعد 10 كيلومترات فقط. واجب قال المستشار عقيلة صالح إنه يتعين على كافة أعضاء الحكومة الليبية الجديدة بمن فيهم رئيس الوزراء نفسه التوجه إلى طبرق وتقديم نفسه إلى النواب المنتخبين للحصول على الموافقة. إلا أن هؤلاء يرفضون الذهاب لدواعٍ أمنية وشكوك حيال نوايا اللاعبين الأساسيين في شرق ليبيا، بمن فيهم الفريق خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي.
مشاركة :