أحواض المياه تحول يزد الإيرانية الصحراوية إلى واحة سياحية

  • 5/19/2024
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يزد (إيران) - حولت القنوات المائية التاريخية، التي وفرت مياه الشرب لسكان مدينة يزد الإيرانية لعدة قرون إلى واحة وسط الصحراء، إلى معلم مهم من المعالم التي تستقطب السياح المحليين والأجانب. مدينة يزد الواقعة وسط إيران، على أرض منبسطة تحيط بها الصحاري، تشتهر بقنواتها المائية التي وهبتها الحياة لقرون طويلة. وتزايدت أهمية هذه القنوات على مدى التاريخ، نظرا لموقع المدينة وسط الصحراء وندرة المياه في المنطقة، ما يخلق مشكلة في تلبية احتياجات السكان المحليين من مياه الشرب. في يزد، يصعب جر المياه الجوفية من المناطق المحيطة دون ضياعها بسبب البيئة الصحراوية للمنطقة، وهذا ما دفع سكان المنطقة قبل قرون للبحث عن حلول مختلفة لإيصال الحياة إلى المدينة. وبدلا من نقل المياه عبر قنوات سطحية، بدأ أهالي المنطقة باستجرار المياه إلى المدينة باستخدام قنوات محفورة تحت الأرض، لتلعب شبكة القنوات هذه دورا مهما لمئات السنين، في تلبية احتياجات سكان المنطقة من المياه. مداخن القنوات المائية المحفورة تحت الأرض والتي يصل عمقها أحيانا إلى 40 مترا، تشد أنظار زوار المدينة، لاسيما القادمين جوا، إذ تنتشر في المدينة عشرات التلال الكبيرة التي تأخذ أشكالا مختلفة لا يمكن فهم مغزاها للوهلة الأولى. وبما أن القنوات موجودة في عمق الأرض، وملامسة للجزء الصلب منها، فإن نسبة ضياع الماء في الأرض الرملية يصبح أقل بكثير، إضافة إلى أن الجزء الصخري من الأرض يعمل بمثابة مبرّد للماء. وتخترق قنوات المياه القادمة من الجبال الواقعة على بعد حوالي 70 كيلومترا مدينة يزد، وكان السكان المحليون يحصلون على مياه القنوات من خلال النزول إلى القنوات عبر أنفاق وسلالم كبيرة تصل إلى عمق القناة. أما المياه الفائضة المتدفقة عبر القنوات والتي يتناقص عمقها كلما ابتعدنا من منطقة الجبال إلى المدينة، فيتم استخدامها في سد الاحتياجات المائية لنقاط أخرى وفي الأنشطة الزراعية أيضًا. هذه القنوات المائية التي تضاءلت أهميتها في العصر الحديث مع تطور نظام الضخ ومد أنابيب المياه ونقل المياه من نهر زندرود في أصفهان إلى يزد، لا تزال تعمل إلى يومنا هذا رغم تناقص أعدادها وتراجع استخدامها، وصارت معلم جذب سياحي. وتستقبل قنوات المياه التاريخية المفتوحة في وسط المدينة، سنويا، آلاف السياح المحليين والأجانب، الذين يحرصون على زيارتها كلما زاروا يزد. ولا تقتصر زيارة السياح للقنوات المائية على رؤية مجرى المياه وحسب، بل يذهب السياح في جولة تفصيلية لمشاهدة أحواض تخزين المياه وطريقة عمل القنوات المختلفة، والمشي في القناة الطويلة التي يبلغ ارتفاعها مترا ونصف المتر. وقال مدير قناة زارج المائية، إبراهيم كاظمنجند، إن السلطات المحلية قامت بإعادة بناء وتأهيل القناة الطويلة ليتمكن السياح من زيارتها. ولفت إلى أن قناة زارج المائية وفّرت المياه لسكان يزد لعدة قرون، مضيفا "تقع القناة على عمق 30 مترا تحت مدينة يزد التاريخية. ويبلغ طولها 72 كيلومترا، وقد تم تسجيلها من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) باعتبارها أطول قناة مائية تحت الأرض في العالم". وأوضح أن السلطات المحلية أعادت قبل ثلاث سنوات بناء وتأهيل قناة زارج التاريخية، وافتتاحها أمام الزوار المحليين والأجانب، مشيرا أن تاريخ هذه القناة يرجع إلى العصر الإيلخاني (1256–1335). وأكد محمود نصيري، أحد زوار المدينة، أنه جاء من محافظة البرز الإيرانية لرؤية قنوات المياه التاريخية في يزد، متابعا "جئت إلى يزد لأول مرة لرؤية قنوات المياه التاريخية. دائمًا كنت أتساءل كيف استطاع الأقدمون بناء هذا الصرح العظيم. من المثير للاهتمام بالنسبة لي كيف بنوا تلك القنوات بالوسائل والأدوات التقليدية". وقالت فريدة نجاتي، إحدى زائرات يزد، إنها جاءت إلى المدينة من مدينة كرج الإيرانية (شمال)، مشيرة أن رؤية القنوات المائية التاريخية كانت تجربة رائعة ومميزة. وأضافت "مشاهدة قنوات المياه التاريخية من الداخل تجربة مثيرة للغاية. كان جميلاً جدا المشي في الماء داخل القناة. لم أكن أعرف تفاصيل كثيرة عن قنوات المياه التاريخية في يزد من قبل. الآن أصبح لدي معلومات تاريخية وافية عن هذا الصرح التاريخي".

مشاركة :