كثفت واشنطن تحركاتها الدبلوماسية في المنطقة لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين «حماس» وإسرائيل، ووصل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إلى الرياض ضمن جولة تقوده إلى تل أبيب على أمل المضي باتفاق «الضمانات الأمنية وتطبيع العلاقات»، بينما حذرت الأمم المتحدة من نفاد مخزون المساعدات في غزة بالتزامن مع اشتداد المعارك بعموم القطاع المحاصر. على وقع اشتداد المعارك بين حركة حماس والجيش الإسرائيلي على عدة جبهات بشمال وجنوب غزة، خاصة في محوري مخيم جباليا، وشرق رفح، حيث يتواصل إغلاق المعبر البري الوحيد، الذي يربط القطاع الفلسطيني مع مصر، لليوم الـ11 على التوالي، بعد سيطرة قوات الاحتلال عليه، كشفت مصادر مطلعة عن تحركات أميركية، تشمل السعودية وقطر وإيران وإسرائيل، سعياً لإحياء المفاوضات المجمدة بين الحركة والدولة العبرية، من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب وإتمام صفقة تبادل المحتجزين. جاء ذلك بالتزامن مع بدء مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان زيارة للرياض أمس، للقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لـ«بحث المسائل الثنائية والإقليمية». وقبل وصوله إلى العاصمة السعودية، ضمن جولته الإقليمية التي ستشمل إسرائيل، بهدف المضي بوضع اللمسات النهائية على اتفاق الضمانات الأمنية الأميركية التي تعرضها إدارة الرئيس جو بايدن على المملكة مقابل تطبيع علاقتها مع الدولة العبرية، ضمن مسار تاريخي للسلام الإقليمي، أشار المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي إلى أن سوليفان وبن سلمان سيبحثان «الحرب على غزة، والجهود المستمرة لتحقيق السلام والأمن الدائمين في المنطقة». ومن المقرر أن يركز سوليفان، اليوم، خلال مباحثاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على العملية العسكرية في رفح التي تطالب الرياض بوقفها ضمن أي تفاهم للمضي بالخطة الأميركية، إضافة إلى اشتراط الحصول على التزام إسرائيلي واضح بمسار محدد موثوق لإقامة دولة فلسطينية. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى الإبادة في «الجنائية الدولية» وكان مسؤول أميركي كبير قال في وقت سابق لموقع «أكسيوس» إن إدارة الرئيس جو بايدن «توصلت إلى تفاهم مع الحكومة الإسرائيلية بأن أي عملية في رفح لن يجري توسيعها بشكل كبير قبل زيارة سوليفان». ويأمل البيت الأبيض تمديد ذلك الالتزام حتى عقد اجتماع رفيع المستوى بين فريقين أميركي وإسرائيلي في واشنطن عقب زيارة سوليفان. وفي ظل المعارضة العلنية الصريحة من قبل نتنياهو للقبول بأي مسار لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، تحدثت أوساط عن تلميحات سعودية وأميركية لإمكانية فصل اتفاق الضمانات الضخم مع الرياض عن مسار التطبيع، في خطوة قد تضع ضغطا إضافيا على رئيس الائتلاف اليميني الحاكم في إسرائيل بنيامين نتنياهو، والذي يخاطر بتحمل عواقب توسيع عملية رفح المكتظة بمئات الآلاف من النازحين بمفرده. وأمس أفيد بأن كبير مستشاري الرئيس بايدن في الشرق الأوسط بريت ماكغورك زار الدوحة سراً، الأربعاء الماضي، والتقى رئيس الوزراء القطري محمد عبدالرحمن، لمناقشة الجهود المبذولة لكسر الجمود في المفاوضات غير المباشرة بين «حماس» وإسرائيل. رفض وتضييق وفي وقت سابق، أبلغ سوليفان سفراء 17 دولة لديها مواطنون تحتجزهم «حماس» أن الولايات المتحدة تعتقد أن زعيم الحركة يحيى السنوار انسحب من محادثات الرهائن الأسبوع الماضي، على أمل زيادة الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب، بينما نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤولين إسرائيليين مطلعين على سير المفاوضات قولهم إن من الضروري تضييق الخناق على السنوار باعتباره «السبيل الوحيد لإحراز تقدم في صفقة إطلاق سراح المحتجزين». وبعد أن قللت الخارجية الأميركية من إعلان «حماس» موافقتها على مقترح وقف إطلاق النار وإشارتها إلى أن «رد الحركة حمل عدة اقتراحات ولا يساوي القبول»، قال مسؤولون إسرائيليون إن المحادثات بشأن إطلاق سراح المحتجزين في غزة ما زالت تواجه طريقاً مسدوداً، إلا أن هناك محاولات من جانب وسطاء لاستئنافها. إلى ذلك، نفت مصر، على لسان مصدر رفيع المستوى، أمس، صحة تقارير إسرائيلية تحدثت عن تراجع القاهرة عن التدخل في دعوى جنوب إفريقيا لدعم اتهام إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب جرائم حرب وإبادة في فلسطين. ميدانيا، اندلعت اشتباكات ضارية في مخيم جباليا ومدينة غزة بشمال القطاع وفي خان يونس والأحياء الشرقية برفح جنوب المنطقة الساحلية المحاصرة، بينما أفادت وزارة الصحة الفلسطينية بأن حصيلة ضحايا الحرب ارتفعت إلى 35 ألفا و386 قتيلا بينهم 83 سقطوا خلال الـ24 ساعة الماضية. وفي حين ذكرت «كتائب القسام» أنها قتلت 15 جنديا إسرائيليا بكمين في حي التنور شرقي رفح، وصف الرئيس السابق لمكتب «حماس» السياسي في الخارج خالد مشعل وضع فصائل المقاومة بأنه بخير، مشيراً إلى أن عناصر الفصائل المسلحة «أعادت التموضع في كل مكان بغزة». وتحدث مشعل عن «لحظة تاريخية وفرصة لهزيمة إسرائيل وتفكيك المشروع الصهيوني»، مطالبا الشعوب بـ«طوفان غضب لحصار السفارات الأميركية والصهيونية» من أجل وقف العدوان. وفيما ذكرت تقارير أن الجيش الإسرائيلي دمر نحو 1400 منشأة في رفح منذ بدء العمليات العسكرية بها مطلع مايو الجاري، ادعى الجيش استعادة 3 جثث لإسرائيليين كانت محتجزة في القطاع عبر جهد استخباري مع جهاز الأمن العام (الشاباك)، وزعم أن الـ3 قتلوا بعد أن تمكنوا من الفرار من الهجوم على مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر، قبل أن يقتلوا على أيدي مسلحي «حماس» لاحقاً. وعلى جبهة أخرى، ذكر بيان للجيش الإسرائيلي أن القيادي بالجناح العسكري لـ«الجهاد» إسلام خمايسة قتل في غارة جوية شنتها مروحية وطائرة حربية على مبنى في مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة أمس. وأفاد بأن الضربات الجوية استهدفت مبنى غرفة عمليات للحركة، وقضت على عدد من المسلحين المطلوبين والمركزيين. نفاد ومساعدات من جانب آخر، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»: «نفاد جميع مخزوناته الإغاثية في غزة»، مشيرا إلى أنه «لم يبق شيء تقريباً لتوزيعه في القطاع». في المقابل، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن 300 طن من المساعدات تم نقلها، أمس الأول، إلى القطاع عبر الميناء الأميركي العائم قبالة القطاع. ولم تكشف الهيئة آلية نقل المساعدات والجهة التي قامت بذلك محلياً، في ظل استبعاد وكالة الأونروا، التابعة للأمم المتحدة والتي تتهمها إسرائيل بدعم «حماس»، من المهمة.
مشاركة :