من المحتمل أن يبلغ المرشحان للرئاسة الأمريكية جو بايدن ودونالد ترمب يوم الانتخابات الموافق 5 نوفمبر 2024م، ومن المحتمل أن يحبس أحدهما حابس غير متوقع، ومن المحتمل أن لا يبلغا كلاهما يوم التصويت. دوامة الاحتمالات تعصف بمواقف الناخبين الذين زادت حيرتهم في هذه الانتخابات أكثر من سابقاتها. سياط الشيخوخة تجلد المرشح الديموقراطي، مع شكوك في عدم قدرته على التركيز وشروده الذهني المتكرر، وربما هناك مخاوف أن تقصر قوته الفسيولوجية عن تحمّل أعباء سنوات أربع قادمة. وشبح السجن يلاحق المرشح الجمهوري، مع تنامي التعاطف، بل والقناعة بأنه مستهدف سياسياً، وهناك احتمال كبير أن يبرئه المحلفون في محاكمة نيويورك في قضية استخدام المال لشراء السكوت، فدوافع الشاهد الوحيد، وهو محاميه السابق، تغلب عليها نزعة الانتقام، كما أن وجود رئيس أمريكي بشحمه ولحمه أمام المحلفين يومياً، وبعضهم ربما لم يشاهده حتى في التلفزيون، يؤثر عاطفيا في قرارات المحلفين، وقد يلعب لصالح الرئيس ترامب، يضاف إلى ما سبق تنادي كبار الجمهوريين، وحضورهم إلى المحكمة بمن فيهم رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون، جميع هذه العوامل تهدد حيادية المحلفين الاثني عشر. أحدث الإحصاءات المخيبة لآمال الديموقراطيين أشارت إلى أن معظم الولايات المتأرجحة والتي يعوّل عليها المرشحون خارج الولايات ذات الولاء الحزبي المؤكد، قد تصوت لصالح ترامب. هذا خبر سيء جدا للرئيس بايدن، يضاف إلى ذلك أن 55 % من الأمريكيين يعتقدون أن ترمب يمكنه التعامل مع الاقتصاد بشكل أفضل من بايدن الذي حصل في هذا الملف على تأييد 33 % هذا العام مقارنة ب 41 % عام 2020م. الأجندة التي يبلي فيها الديموقراطيون بلاء حسناً هي الإجهاض، ولكن حتى هذه يبدو أن الرئيس ترمب عقد مهمتهم في إحراز نصر فيها، إضافة إلى تراجعها في أولويات الناخبين مقارنة بالاقتصاد، والهجرة غير الشرعية التي يرى 57 % أن ترمب قادر على التعامل معها مقارنة ب 22 % فقط يثقون بالرئيس بايدن في معالجة هذا الموضوع الشائك. وبأخذ عامل العمر في الحسبان، وهو الذي يشغل بال الكثير من الأمريكيين، فإنه يعلب لصالح ترمب، حيث يرى 48 % من الأمريكيين أنه أكثر لياقة لقيادة أمريكا من بادين الذي حصل على 32 % مقابل 47 % عام 2020م. الرئيس بايدن يواجه الظروف نفسها التي واجهها الرئيس الأمريكي المحنك لندون جونسون الذي سقط في وحل فيتنام، فقد أدت المظاهرات المناوئة للحرب، وانقسام حزبه الديموقراطي، وتزايد عدم الاستقرار الاجتماعي، والجرائم إلى عدوله عن الترشح لفترة ثانية. وما أشبه الليلة بالبارحة، فيسار الحزب الديموقراطي منقسم بخصوص غزة، يقود هذا الفريق السياسي المخضرم برني ساندرز، وروبرت كيندي الأصغر يخرق الإجماع الديموقراطي ويتقدم مستقلاً للانتخابات الرئاسية، وستحمل الأيام المزيد إذا لم يوضع حد للحرب في غزة قبل خسارة الحزب الحاكم المزيد من الأصوات والدعم والشعبية. مرة أخرى، ستعيدنا دوامة الاحتمالات إلى الرجل الثاني الذي سيخوض الانتخابات مع الرئيس نائباً له، يعول الكثير من الديموقراطيين والجمهوريين على شخص النائب، وهذا المنصب مهم أكثر من أي وقت مضى لطمأنة الأمريكيين، وقد يرجح كفة أحد المتنافسين حسن اختياره لنائبه. إذا توفي أحد المرشحين أو عجز بعد منتصف أكتوبر 2024م فسوف يبقى في ورقة الانتخابات، وقد يفوز وهو ميت أو عاجز، ولذلك سابقة في الانتخابات الأمريكية، وحينها سوف يقسم النائب رئيسا للولايات المتحدة، ويختار نائباً له رهين بموافقة الكونجرس عليه. أما في حالة دخول الرئيس ترمب السجن بسبب بعض القضايا المرفوعة عليه فإنه يملك العفو عن نفسه في الجرائم الفيدرالية، بينما لا يملك هذا الحق في الجرائم التي حكمت فيها المحاكم المحلية. انتخابات غريبة، في ظروف دولية صعبة، والعالم يحبس أنفاسه، ومعظم القضايا الدولية مؤجل الحسم فيها إلى ما بعد العشرين من يناير 2025م.
مشاركة :