المملكة تستهدف رفع إنتاج الصناعات التحويلية - د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب

  • 5/20/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تتجه الصين من أجل تعزيز تنافسيتها الصناعية بالتركيز على القوى الإنتاجية عالية الجودة التي ستكون قارب النجاة الذي سينعش حظوظ الصين الاقتصادية بعد مرحلة تباطؤ نتيجة جائحة كورونا، كما ستعمل على أخذ زمام المبادرة للهيمنة على تكنولوجيات المستقبل مما سيعمل على تغذية النمو ومكاسب الإنتاجية في مختلف قطاعات الاقتصاد، فهي تدعم بقوة صناعة السيارات الكهربائية والبطاريات وأشباه الموصلات والروبوتات والحوسبة الضوئية والطاقة الخضراء، أي التركيز على التصنيع وهو الأكبر في العالم والذي يساهم بنحو 32 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الصين في عام 2022 منخفضة من 45.4 في المائة عام 2012 في حين ارتفعت الخدمات من 44.6 في المائة إلى 52.8 في المائة لنفس الفترة، اتجه القطاع الصناعي إلى الارتفاع إلى 6.6 في المائة في 2024 ليحاول سد فجوة الفقاعة العقارية التي حدثت في الصين والتي تذكرنا بما حدث في الولايات المتحدة في الرهون العقارية عام 2008، لكنها لم تكن بنفس المستوى من الفقاعة. كما تتجه الصين نحو سلسلة صناعية متكاملة لتقليص الاعتماد على الموردين الأجانب باعتبار أن التصنيع مصدر الرخاء والأمان، ورغم أن الصادرات نمت 14 في المائة في الربع الأول من 2024 مقارنة بالربع السابق من العام الماضي إلا أن الصين لا يمكنها الاعتماد على صادرات قوية لفترة طويلة لأنها تثير ردات فعل حمائية من شركائها التجاريين وخاصة أمريكا وأوروبا ولأول مرة تتخطى الولايات المتحدة الصين كأكبر شريك تجاري لألمانيا. أيضاً تتجه الصين نحو إطلاق مبادرات اقتصادية كمبادرة الحزام والطريق مما يظهرها كبطل للتعاون الإقليمي لدفع الغرب بقبول صعود الصين ومكانتها على المسرح الدولي، فهناك توجه صيني لتعزيز التعاون مع السعودية في الطاقة النظيفة وتكنولوجيا الصناعات الجديدة، كما شهد أسبوع الرياض الدولي للصناعة الذي انتهى في 9 مايو 2024 بإبرام عدد من الصفقات والشراكات المحلية والدولية بهدف تعزيز وصول المنتجات السعودية إلى الأسواق العالمية، وربط ما يزيد على 10 آلاف من رواد قطاع الصناعة السعودية محلياً ودولياً، حيث يهدف بنك التصدير والاستيراد السعودي الذي أسس في 2020 إلى تعزيز تنمية الصادرات الوطنية غير النفطية وتنويعها وزيادة قدرتها التنافسية. تركز السعودية نحو زيادة الإنتاج في الصناعات التحويلية التي تستخدم البوليمر بأكثر من 4 أضعاف من خلال إضافة 9 ملايين طن بحلول 2035 من أجل زيادة الصادرات إلى 5 أضعاف من المواد المصنعة المبنية على البلاستيك، وبما أن صناعة السيارات حديثة في السعودية وتصدير المنتج النهائي بولي بروبلين على شكل سيارات، بدلاً أن يكون على شكل حبيبات وتستفيد صناعة السيارات من الموقع الاستراتيجي للسعودية والاستثمار في التقنيات المتقدمة. حيث يعد القطاع الصناعي أحد مرتكزات رؤية المملكة 2030 ويحظى القطاع الصناعي باهتمام كبير من الدولة، وهي تتطلع من خلال الاستراتيجية الوطنية للصناعة إلى تمكين القطاع الخاص، وزيادة مرونة وتنافسية القطاع الصناعي التي تضمن استمرارية الوصول إلى السلع المهمة من أجل رفاهية المواطن السعودي والمقيم، واستمرارية النشاط الاقتصادي لتحقيق التكامل الإقليمي الصناعي لسلاسل القيمة الذي تطمح له رؤية المملكة والاستفادة من مكامن القوة في الاقتصاد السعودي لتحقيق الريادة الدولية في مجموعة من السلع المختارة التي تمتلك مزايا نسبية لتحقيق مزايا تنافسية. يترأس نائب رئيس الوزراء البريطاني أوليفر دودن وفداً تجارياً ضخماً ضم أكثر من 400 شخص، بوصفه أكبر وفد تجاري بريطاني يشارك في فعالية المستقبل العظيم في السعودية لتعزيز التعاون في مجالات الهيدروجين الأخضر والنظيف، واحتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه (CCUS) وتأمين الاستثمار المشترك عبر القطاعات الحيوية وستكون قمة المستقبل العظيم بمثابة منتدى للمناقشات المستمرة حول مزيد من الاستثمارات في عديد من القطاعات، بما في ذلك المعادن الحيوية والتكنولوجيا المتطورة. تلك الشراكات التي تقيمها السعودية تتفادى دور التمويل الدولي في علاج ما تعانيه التنمية من أزمة وانحراف عن مسارها، التي تقود إلى اتساع الفجوة بين الدول النامية والدول مرتفعة الدخل في أوروبا وأمريكا مع تراجع صافي التدفقات المالية حتى وصل إلى أرقام سلبية في الدول النامية نتيجة تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة وفرض قيود على التعاون التكنولوجي، فضلاً عن الآثار السلبية للسياسات الصناعية المتبعة في الدول المتقدمة التي تنتهك بعض إجراءاتها قواعد العمل وفقاً لمقررات منظمة التجارة الدولية التي تشهد تجاهلاً وعدم اكتراث بقواعدها وتمارس إجراءات حمائية تتستر وراء التحول للاقتصاد الأخضر من أجل خفض الانبعاثات الضارة بالمناخ تعوق التجارة، تذكرنا مجلة الإكوميست في مقال لها بدروس التاريخ لظروف مشابهة انتهت بحرب عالمية أولى قضت على مغانم العهد الذهبي للعولمة، مع ما أدى إلى ذهاب أرواح بريئة ودمار شامل ومهدت لحرب أخرى أكثر بشاعة ودماراً، يظل الدور السعودي صمام أمان يحتاجه العالم لنزع فتيل حروب عالمية أخرى، نجد الرياض قد تحولت إلى عاصمة للقرار الدولي، لأنها لا تكتفي بالحياد بل تتوسط بين جميع الأطراف الدولية بين روسيا وأوكرانيا، ووسيط نزيه بين الصين والولايات المتحدة ولا تقيم علاقة مع طرف على حساب الطرف الآخر، بل تلتقي جميع الأطراف في السعودية حتى تحقق رؤيتها الطموحة بأسرع وقت.

مشاركة :