أمير عبداللهيان.. «قاسم سليماني الدبلوماسية الإيرانية»

  • 5/20/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الذي أعلنت وفاته، اليوم الإثنين، مع الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث مروحية في شمال غرب الجمهورية الإسلامية، مدافعا شرسا عن السياسة الإيرانية المعادية لإسرائيل والمناهضة للغرب عموما. عيّن رئيسي هذا الدبلوماسي البالغ 60 عاما في أغسطس/ آب 2021 وزيرا للخارجية الإيرانية خلفا لجواد ظريف، حيث حصل على 270 صوتاً مؤيدا مقابل 10 أصوات، في البرلمان الذي يقوده المحافظون، وأظهرت النتيجة آنذاك حجم التأييد والثقة التي يحظى بها القادم الجديد إلى وزارة الخارجية. وفي تقرير نشرته مجلة «فورين بوليسي» وصفت فيه عبد الليهان بأنه « قاسم سليماني آخر في مجال الدبلوماسية الإيرانية » وذلك بعد تشكيل الحكومة الجديدة عام 2021، وتعيينه وزيرا للخارجية . حياة ونشأة ولد حسين أمير عبد اللهيان عام 1964 في مدينة دامغان بمحافظة سمنان شرق العاصمة الإيرانية طهران، نشأ وترعرع في أسرة متدينة بمحافظة سمنان، وتكفلت والدته وأخوه الأكبر بإدارة العائلة بعد وفاة أبيه عندما كان في السادسة من عمره. بعد دراسته الإبتدائية في مسقط رأسه وانتقاله إلى العاصمة طهران، التحق حسين أمير عبد اللهيان عام 1988 بكلية العلاقات الدولية التابعة للخارجية الإيرانية، وحصل بعد 4 أعوام على شهادة الإجازة قبل أن يقرر عام 1993 مواصلة دراساته الأكاديمية في جامعة طهران في الفرع ذاته، حيث تخرج عام 1996 منها حاملا شهادة الماجستير، مما مهد له الطريق لمواصلة دراساته العليا في جامعة طهران ليناقش عام 2000 رسالة الدكتوراه في العلاقات الدولية حاصلا على درجة الامتياز. حياته العملية خلال مسيرته المهنية، كان أمير عبداللهيان معروفا بعلاقاته الوطيدة مع الحرس الثوري، وكان قريبا من اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الموكل العمليات الخارجية في الحرس، والذي قُتل في العاصمة العراقية عام 2020 بضربة أميركية. وبعد تخرجه من كلية العلاقات الدولية التابعة لوزارة الخارجية الإيرانية، تم تعيينه في السلك الدبلوماسي، قبل أن ينتقل إلى سفارة بلاده لدى بغداد متقلدا منصب نائب السفير، واستمرت مهمته التي بدأت عام 1997 حتى 2001. وبعد عودته إلى إيران، تولى منصب نائب الدائرة الأولى للشؤون الخليجية بوزارة الخارجية طوال 3 أعوام، كما تم تعيينه وكيلا للمساعد الخاص لوزير الخارجية في الشؤون العراقية حتى عام 2006، كما تولى أيضا منصب مساعد وزير الخارجية الإيرانية للشؤون العربية والإفريقية. وخلال العام الأخير من مهمته عين عضوا في اللجنة الأمنية السياسية للمفاوضات النووية (بريطانيا وألمانيا وفرنسا). وفي عام 2006 شغل منصب مساعد المدير العام لدائرة الشؤون الخليجية والشرق الأوسط، قبل أن يترقى في العام ذاته إلى رئاسة اللجنة الخاصة بالشؤون العراقية حتى عام 2007. ومنذ 2011، تولى منصب مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية والإفريقية، وبقي فيه مع وزيرين مختلفين هما علي أكبر صالحي (في الحكومة الثانية للرئيس محمود أحمدي نجاد)، ومحمد جواد ظريف (في حكومة الرئيس حسن روحاني الأولى). لكن ظريف استبعده من المنصب في 2016، في خطوة لقيت انتقادات واسعة من التيار المحافظ حيال روحاني ووزيره. شارك أمير عبداللهيان في جهود استئناف المفاوضات حول ملف برنامج إيران النووي بعد انهيار الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في العام 2015 والذي يقيّد نشاطات طهران النووية مقابل رفع العقوبات الدولية عنها، وذلك بعد انسحاب واشنطن منه بقرار من الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018. ولم يمنعه ذلك من المضي قدما في المفاوضات غير المباشرة مع الجانب الأميركي، التي خلصت يوم العاشر من أغسطس/آب 2023 إلى صفقة أسفرت عن الإفراج عن 5 سجناء أميركيين لدى إيران، مقابل الإفراج عن 6 مليارات دولار من الأصول الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية. رفض تولي منصب سفير في سلطنة عمان، وانتقل للعمل كمعاون خاص لرئيس مجلس الشورى (البرلمان) للشؤون الدولية، قبل أن يعود الى الخارجية في 2021. مهمة صعبة بعد جواد ظريف كان امام أمير عبد اللهيان مهمة صعبة تتمثّل بشغل هذا المنصب خلفاً لمحمد جواد ظريف الذي تولاه بين عامَي 2013 و2021، وكان دبلوماسيا بارزاً ونشطاً يتحدث الإنجليزية بطلاقة ووجهاً معروفاً لدى الأوساط الدولية، واسماً محنّكاً أدار السياسة الخارجية الإيرانية باقتدار . وقدّم التلفزيون الإيراني الرسمي أمير عبداللهيان على أنه «دبلوماسي مرموق من محور المقاومة» الذي تقوده طهران ويضمّ فصائل مناهضة لإسرائيل، العدو اللدود لإيران، مثل حزب الله وحركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين، ومجموعات عراقية. وقال أمير عبداللهيان يوم تعيينه إن هذه المجموعات هي «حليفة إيران» و«تعزيزها على جدول أعمال الحكومة». مهندس التقارب الإيراني وإنهاء العزلة مع دول الجوار إلى جانب اهتمامه الكبير بسياسة التوجه شرقا، التي توجت بتوقيع اتفاقيات إستراتيجية بعيدة المدى بين طهران وكل من الصين وروسيا، وتمكنت دبلوماسيته في مارس/آذار 2023 من ردم الهوة في علاقات بلاده مع الرياض بعد قطيعة استمرت 7 سنوات. ومنذ ثلاث سنوات، عمل أمير عبداللهيان لمحاولة تقليل عزلة إيران على الساحة الدولية والحد من تأثير العقوبات الأميركية على الاقتصاد الإيراني. وفي هذا السياق، شارك في تحسين العلاقات مع الدول العربية المجاورة لإيران ولو أنه لم يكن من الشخصيات الأساسية للعملية التي أدت إلى المصالحة مع السعودية في مارس/ آذار 2023، في إطار اتفاق برعاية الصين. عبد اللهيان والقضية الفلسطينية منذ بدء الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول، كثّف عبد اللهيان رحلاته إلى المنطقة. عقب عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات غلاف غزة، قام عبد اللهيان بجولة إقليمية شملت كلا من بغداد وبيروت ودمشق والدوحة، وتحدث لأول مرة عن احتمالات لما وصفه بالتحرك الوقائي من قبل «محور المقاومة لوضع حد لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة». وكسب كبير الدبلوماسيين الإيرانيين زخماً إعلامياً خلال الفترة الماضية خاصة مع تكثيف الجهود الدبلوماسية بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة . وفي أبريل/نيسان، دافع عن الهجوم الإيراني على إسرائيل والذي نفّذ بأكثر من 300 طائرة مسيّرة وصاروخ، ردا على غارة جوية دمرت مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق واتهمت طهران إسرائيل بتنفيذها . وقال إن الرد الإيراني نفّذ «في إطار الدفاع المشروع والقانون الدولي». وبعد ذلك، قلّل أمير عبداللهيان من أهمية التقارير التي أفادت بأن إسرائيل نفّذت ضربة انتقامية على محافظة أصفهان في وسط إيران، قائلا إنها تبدو كأنها «لعبة أطفال». مؤلفاته ألف حسين أمير عبد اللهيان عددا من الكتب وكتب عددا من المقالات في السياسة والعلاقات الدولية، وكان آخرها كتاب «صبح شام» الذي أصدره عام 2020، ويروي فيه مذكراته الدبلوماسية عن الأزمة السورية واللقاءات التي أجراها مع أطراف إقليمية ودولية بشأن هذه الأزمة الإقليمية. أيضا له من الكتب «الإستراتيجية الأميركية للاحتواء المزدوج» عام 1999، و«الديمقراطية المتضاربة للولايات المتحدة الأميركية في العراق الجديد» عام 2007، و«إخفاق المشروع الأميركي للشرق الأوسط الكبير» عام 2012. وفاته في يوم الإثنين، 20 مايو/أيار 2024 أعلنت إيران وفاة عبد اللهيان رفقة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومسؤولين آخرين إثر تحطم الطائرة المروحية التي كانت تقلهم في محافظة أذربيجان الشرقية شمالي غربي البلاد. ــــــــــــــــــ شاهد | البث المباشر لقناة الغد

مشاركة :