سيمضي بعض الوقت قبل أن تهدأ الضجة السياسية التي رافقت إعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أنه طلب إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء ووزير الدفاع الإسرائيليين وثلاثة من قادة حركة حماس، بسبب ما ينسب إليهم من دور في ارتكاب جرائم حرب، ويفترض أن تفحص لجنة من القضاة الأدلة وتحدد ما إذا كانت كافية لإصدار أوامر الاعتقال.واستند المدعي العام كريم خان إلى أدلة قال إنها تظهر أن إسرائيل حرمت المدنيين الفلسطينيين بشكل ممنهج من أشياء لا غنى عنها لبقاء الإنسان، بما في ذلك فرض قيود على الغذاء والماء والدواء والطاقة، وقال إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، غير أن هذا لا يعفيها من الامتثال للقانون الدولي الإنساني.أما الاتهامات الموجهة لقادة حماس، فتحملهم المسؤولية عن جرائم منها الإبادة والقتل واحتجاز الرهائن والتعذيب والاغتصاب وغيرها. وكان لافتا أن الطرفين انتقدا المحكمة الجنائية ومساواتها بينهما إسرائيل لأنها تعتبر قادتها منتخبين ديمقراطيا وحماس لأنها تعتبر نفسها ضحية تساوى الجلاد.وفيما يشكل تحرك المحكمة الجنائية صدمة ثانية لإسرائيل، بعد اضطرارها للمثول أمام محكمة العدل الدولية في شكوى جنوب أفريقيا التي تتهمها بارتكاب إبادة جماعية في غزة، يقول خبراء قانونيون إن اتهامات الجنائية حتى لو لم تؤدي إلى اعتقالات فعلية لقادة إسرائيليين، تشكل منعطفا نحو محاسبة دولية لإسرائيل، وهو أمر لا يزال مستبعدا بسبب الدعم الأميركي والأوروبي لها.وكان مثيرا الاستهجان في ردود الفعل الإسرائيلية والغربية أنها هاجمت المحكمة والمدعي العام، وأجمعت على تسفيه قراره، ووصفته بأنه مخز أو مشين وفقا للرئيس الأميركي، أو خسيس أو غير مقبول، أو أنه مسرحية هزلية كما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي نتنياهو توعد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بقوله: يجب عليك أن تشعُر بالقلق..وتوعد أعضاء في الكونغرس المحكمة الجنائية بعقوبات صارمة، فيما انفردت فرنسا بإعلان دعمها استقلالية المحكمة ومكافحة الإفلات من العقاب في كل الحالات.أما كريم خان فكشف في لقاء تلفزيوني أن زعيما غربيا بارزا قال له إن هذه المحكمة أنشئت لأفريقيا والبلطجية ولا شك أن اعتبارات كهذه تفسر المأزق المزمنة للعدالة الدولية ومعاييرها المختلة، حتى عندما تكون الوقائع موثقة ولا يمكن أن تخفيها تدخلات سياسية.
مشاركة :