تشهد المملكة ثورة تقنية هائلة تُبشّر بعهد جديد من التقدم والازدهار، فمع تبنيها إستراتيجية التحول الرقمي كركيزة أساسية لرؤية 2030، تسير المملكة بخطى واثقة نحو تحقيق أهدافها الطموحة في تنويع الاقتصاد، وتعزيز التنمية الاجتماعية، وتبوء مكانة رائدة في عالم التكنولوجيا على الصعيد العالمي. وإدراكًا منها لأهمية التحول الرقمي كمحرك رئيس لتحقيق أهدافها الإستراتيجية، تبنت المملكة هذه الإستراتيجية باعتبارها نهجًا شاملاً يهدف إلى تمكين وتسريع كفاءة وفعالية القطاع العام، ودفع الشركات السعودية نحو العالمية من خلال الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وتوظيفها على أفضل وجه. حلول سحابية يُعدّ الطلب المتزايد على الحلول السحابية أحد أهم دوافع التحول الرقمي في المملكة، حيث تدرك المنظمات في مختلف القطاعات كفاءة التكلفة، والأمان، والتنوع، والمرونة التي توفرها الحلول السحابية، مما يجعلها خيارًا مثاليًا لتلبية احتياجاتها المتطورة، ومن المتوقع أن يكون إنفاق السحابة العامة في المملكة تجاوز 950 مليون دولار بحلول نهاية عام 2022، مع معدل نمو سنوي مركب متوقع بنسبة 24 % بحلول عام 2025. ومع ذلك، لا تخلو عملية اعتماد الحلول السحابية من بعض التحديات التي يجب معالجتها للاستفادة الكاملة من هذه الحلول، وتُعدّ مخاوف الخصوصية وأمن المعلومات وأمان البيانات والوصول إليها وسيادة البيانات والاستدامة من أهم هذه التحديات، ولذلك حرصت المملكة على سنّ قانون حماية البيانات الشخصية لحماية البيانات الشخصية وتعزيز أمان البيانات. وتُشكل مراكز البيانات عصب التحول الرقمي في المملكة، وركيزة أساسية لقفزتها التكنولوجية الهائلة، فهي بمثابة البنية التحتية الحيوية التي تدعم مختلف القطاعات، وتُتيح تخزين البيانات الحساسة والبرامج الضرورية لتشغيل الخدمات الحكومية والشركات. ونما سوق مراكز البيانات في المملكة بشكلٍ ملحوظ، ووفقًا لتقرير صادر عن شركة Arizton، فقد "بلغ حجم سوق مراكز البيانات في المملكة العربية السعودية 1.78 مليار دولار أميركي في عام 2023، ومن المتوقع أن يصل إلى 3.18 مليار دولار أميركي بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 10.13 ٪ خلال الفترة المتوقعة"، ومع ذلك، تواجه مراكز البيانات تحديين رئيسين يهددان استدامتها وفعاليتها، وهما الأمن السيبراني والاستدامة البيئية، فمن جهة تتطلب البيانات والبرامج الحساسة التي تخزنها مراكز البيانات أمانًا عاليًا لحمايتها من الاختراقات والهجمات الإلكترونية، ومن جهة أخرى يشكل استهلاكها للطاقة واحتياجاتها من الأجهزة والبنية التحتية تهديدًا للبيئة. ومع مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية في مختلف مجالات الأعمال والحكومة، أصبح الحفاظ على البنية التحتية الحيوية، والأنظمة المالية، والبيانات الشخصية أمرًا بالغ الأهمية، ويتطلب تعاونًا وثيقًا بين القطاعين الخاص والحكومي لتعزيز الدفاعات الرقمية، حيث إن الأمن القومي واستمرارية الأعمال يعتمدان بشكل كبير على تحصين "القلاع الرقمية"، مثل مراكز البيانات.
مشاركة :