ويروي مدير مركز الشباب الاجتماعي في جنين عبد الجبار الشلبي لوكالة فرانس برس"دخل الجيش الثلاثاء صباحا. كان التلاميذ في طريقهم الى المدارس. في البداية، دخلت الوحدات الخاصة ومن ثم انتشر القناصة على أسطح البيوت ودخل الجيش مع آلياته، وتمّ إغلاق المخيم ومداهمة وتفتيش البيوت برفقة الكلاب". ويتابع "كانت ابنتي تقدم امتحانا بالمدرسة تسلّلت الى المدرسة لأخذها خارج المخيم". وقال الجيش الإسرائيلي إنه نفّذ عملية ضد "خلايا إرهابية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي في منطقة جنين". وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل 12 شخصا بينهم أربعة أطفال وإصابة 25 آخرين بينهم أربعة في حالة خطرة، "جراء عدوان الاحتلال على مدينة ومخيم جنين". ودخلت القوات الإسرائيلية مركز الشباب الاجتماعي المكوّن من طابقين، وحيث تناثرت الخميس فرش إسفنجية في كل مكان، وبدت بعض معدّات التمارين الرياضية محطّمة. ويقول عبد الجبار "فجّروا الأبواب الخارجية والداخلية ونوافذ المركز... تكسّرت بعض الأجهزة الرياضية ولم تعد صالحة للاستخدام". ويشير السكان الى مبنى دمّر مساء الأربعاء، على حد قولهم، وهو مؤلف من طبقات عدة، وقد برزت منه قضبان حديد الخرسانة. وتمّ تفجير منزل عائلة أحمد بركات، أحد مقاتلي الجهاد الاسلامي الذي استهدف في 30 آذار/مارس بمسيرة، وكان الجيش يتهمه بالضلوع في هجوم أودى بحياة إسرائيلي عند مدخل مستوطنة يهودية العام الماضي. وشاهد صحافيو وكالة فرانس برس صباح الخميس عشرات المباني المتضررة حديثا. ويقول عبد الجبار "أجواء المخيم مشحونة. هذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الجيش البنية التحتية. في كلّ مرّة يدخل المخيم يدمّر ويقتل. لم يعد المخيم صالحا للعيش. تفوح منه رائحة المجاري وتختلط مياه المجاري مع مياه الشرب بعد أن حطمتها الجرافات العسكرية الضخمة". ويقول إن شركة الكهرباء قامت بعد ظهر الخميس بتصليح الأعمدة والأضرار، بينما تقوم أجهزة الدفاع المدني بصيانة وتصليح مواسير المياه والمجاري. ويرى أن إسرائيل "تهدف الى تيئيس الناس. هذه تاسع مرة يدخل الجيش المخيم منذ سنتين". قماش أسود وعوائق حديدية ويعرف مخيم جنين بأنه معقل لمجموعات فلسطينية مسلحة تخوض مواجهات مع الجيش الإسرائيلي. في أزقة المخيم الضيقة، تناثرت أغطية من القماش الأسود وفّرت غطاء من المسيّرات الإسرائيلية. في شارع رئيسي، علّقت أجزاء من مركبات مدرعة إسرائيلية تضرّرت خلال المواجهات. ورفعت قربها رايات حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية. وكان شبّان يجمعون من الطريق عوائق حديدية تسمى "القنافذ التشيكية" نشروها خلال اليومين الماضيين لإبطاء تقدم الدبابات الإسرائيلية، ويحملونها في شاحنة صغيرة. وقالت وزارة الصحة إن بين القتلى أخصائي الجراحة العامة أسيد جبارين (50 عاما) الذي "ارتقى بعد أن أطلقت قوات الاحتلال النار عليه خلال توجهه للعمل في مستشفى جنين الحكومي". ووصفت مقتله بأنه "جريمة". وجرى تشييع عشر جنازات الخميس، سبع منها في مخيم جنين وثلاث في مدينة جنين. ولُفّت الجثامين بالعلم الفلسطيني، واثنان منها بعلم الجهاد الإسلامي وآخر براية حركة حماس الخضراء. ووضع سلاح أحد القتلى فوق الجثمان. وسارت حشود من المشيعين الفلسطينيين، يتقدمهم مسلحون أطلقوا النار في الهواء، في التشييع. وكان بعض المشاركين مقنعا، وكتب على أقنعتهم "كتيبة جنين". وحصل وداع خاص في المستشفى الحكومي للطبيب أسيد جبارين. واصطفت حشود في فناء المستشفى وعلى السلالم، وأقيم له نصب تذكاري في باحة المستشفى. "نعيش في البؤس" وتشهد مناطق عدة في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ 1967، تصاعدا في وتيرة أعمال العنف منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. ومنذ ذلك التاريخ، قتل 518 فلسطينيا على الأقل بنيران القوات الإسرائيلية ومستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية، وفق مصادر رسمية فلسطينية. وقتل خلال الفترة ذاتها 12 إسرائيليا في هجمات نفذها فلسطينيون في الضفة الغربية، وفقا لتعداد لفرانس برس استنادا إلى معطيات إسرائيلية رسمية. وتقول فايزة أبو قطنة (60 عاما) إنها سئمت العمليات الإسرائيلية في المخيم الذي تعيش فيه منذ عقود. وتضيف "في كل مرة يأتون إلى جنين يتم تدميرها. نحن نعيش في الحزن، نعيش في البؤس".
مشاركة :