بكين 24 مايو 2024 (شينخوا) قررت النرويج وأيرلندا وإسبانيا يوم الأربعاء الاعتراف بفلسطين كدولة، ما يمثل تحولا كبيرا في السياسة الأوروبية بعد أكثر من سبعة أشهر من الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني الراهن. بيد أن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان رفض في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء خطوة الدول الثلاث باعتبارها "اعترافا أحادي الجانب"، مؤكدا أن الرئيس جو بايدن يعتقد أن حل الدولتين يجب أن يتحقق "من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين". ومع فشل إسرائيل وحماس في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار خلال محادثات القاهرة في وقت سابق من هذا الشهر بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة، سلط الرفض الأمريكي للاعتراف بالدولة الفلسطينية الضوء على الانقسامات المتزايدة عبر ضفتي الأطلسي. -- موجة اعتراف في الخطوة المنسقة يوم الأربعاء، كانت النرويج أول من أعلن. وقال رئيس الوزراء جوناس غار ستوره في مؤتمر صحفي إن "الدولة الفلسطينية هي شرط أساسي لتحقيق السلام في الشرق الأوسط". وسرعان ما تبعتها أيرلندا. وفي دبلن، قال رئيس الوزراء الإيرلندي سايمون هاريس إن القرار لا ينبغي أن ينتظر "إلى أجل غير مسمى" خاصة عندما يكون هذا "الشيء الصحيح الذي ينبغي القيام به". وأعرب عن ثقته باتخاذ المزيد من البلدان نفس الخطوة المهمة في الأسابيع المقبلة. وانضمت اليهما إسبانيا بعد وقت قصير. وقال رئيس الوزراء بيدرو سانشيز إن إسبانيا تعترف بفلسطين "من أجل السلام والعدالة والاتساق"، وحث الطرفين على الدخول في حوار لتحقيق حل الدولتين. وفي الأسبوع الماضي، أشارت عدة دول أوروبية أخرى، بينها مالطا وسلوفينيا، إلى عزمها على اتخاذ نفس الخطوة. وقال رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو يوم الأربعاء إن بلجيكا تنتظر "اللحظة المناسبة". وأشارت شذى إسلام، وهي معلقة في شؤون الاتحاد الأوروبي ببروكسل، إلى أن اعتراف النرويج وأيرلندا وإسبانيا "من شبه المؤكد" أن يتبع باعتراف بلجيكا ومالطا وسلوفينيا في الأسابيع المقبلة. ويفكر بعض حلفاء الولايات المتحدة التقليديين في الاعتراف بفلسطين كدولة أيضا. وقال وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورن إن مثل هذا الاعتراف ليس من المحرمات، لكنه شدد على التوقيت، قائلا إن الظروف لم تتحقق بعد. وأدلت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ببيان مماثل. وأثار اعتراف النرويج وأيرلندا وإسبانيا يوم الأربعاء غضب إسرائيل، التي قررت استدعاء سفرائها لدى الدول الثلاث. -- تزايد الانقسام ورغم أن الاعتراف الثلاثي قوبل بردود فعل متباينة في أوروبا، إلا أن موقف القارة من إسرائيل تغير تدريجيا، خاصة مع مقتل أكثر من 35 ألف فلسطيني منذ 7 أكتوبر الماضي. وقد كشف هذا التحول عن توسع هوة الانقسامات بين الولايات المتحدة وأوروبا. وكشف ستوره في المؤتمر الصحفي أيضا أن النرويج تدعم منح فلسطين وضع العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. لكن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار في أبريل الماضي يوصي الجمعية العامة بقبول فلسطين في الأمم المتحدة ، الأمر الذي أثار خيبة أمل واسعة النطاق. وامتنعت بريطانيا وسويسرا عن التصويت، في حين صوت الأعضاء الباقون في مجلس الأمن الدولي لصالح مشروع القرار. وقبل أيام، أظهرت الولايات المتحدة دعمها لإسرائيل من خلال التنديد بطلب المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال بحق اثنين من المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وثلاثة من قادة حماس. ووصف بايدن الطلب بأنه أمر "شائن"، قائلا في بيان "سنقف دائما مع إسرائيل ضد التهديدات التي يتعرض لها أمنها". وفي أبريل، قام بايدن أيضا بزيادة المساعدات الأمريكية لإسرائيل من خلال التوقيع على مشروع قانون للمساعدة الأمنية تضمن تمويلا بقيمة 14.1 مليار دولار أمريكي تقريبا لدعم إسرائيل. وتدرس إدارة بايدن فرض عقوبات محتملة على المحكمة الجنائية الدولية بسبب طلب إصدار مذكرات التوقيف، حسبما قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يوم الثلاثاء. والولايات المتحدة وإسرائيل ليستا عضوين في المحكمة الجنائية الدولية. وفي المقابل، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية دعمها لاستقلالية المحكمة الجنائية الدولية، قائلة إنها تدعم "مكافحة الإفلات من العقاب في جميع الحالات". ووصفت وزيرة الخارجية البلجيكية حاجة لحبيب طلب المحكمة الجنائية الدولية بأنه "خطوة مهمة للتحقيق في الوضع في فلسطين". وأكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن "جميع الدول التي صدقت على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ملزمة بتنفيذ قرار المحكمة". ومع استمرار وكالات الأمم المتحدة في التحذير من العواقب الوخيمة للصراع في غزة، مثل التجويع والأوبئة، دعا قادة الاتحاد الأوروبي بالإجماع في مارس إلى "هدنة إنسانية فورية تؤدي إلى وقف إطلاق نار مستدام" في غزة. وعلى الرغم من ذلك، حافظت الولايات المتحدة على موقفها من الهدنة مقابل الرهائن، حتى أن لغتها أصبحت أكثر غموضا تحت الضغط. وفي 22 مارس، رفض مجلس الأمن الدولي مشروع قرار اقترحته الولايات المتحدة بشأن وقف إطلاق النار في غزة. وقال نبيل كحلوش، المتخصص في الدراسات الإستراتيجية بالمعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية الشاملة ومقره الجزائر، إن ربط وقف إطلاق النار بالإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين يتناقض مع التسلسل المنطقي للأحداث، قائلا إن "إطلاق سراح المحتجزين ينبغي أن يتبع وقف العدوان وليس العكس". ودعا بيان الاتحاد الأوروبي أيضا إلى "الإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن"، دون ربطه بوقف إطلاق النار. وقالت شذى إسلام لوكالة أنباء ((شينخوا)): "أعتقد أنه من المهم في القضايا ذات الأهمية الأخلاقية والجيوسياسية، أن تكون حكومات الاتحاد الأوروبي الوطنية قادرة على اتخاذ القرارات بناء على قيمها ومصالحها الخاصة، بغض النظر عما يقوله شركاؤها في الاتحاد الأوروبي وبغض النظر عن الموقف الذي تتخذه الولايات المتحدة".
مشاركة :