أرجع المفكر والكاتب في الشأن الإسلامي الدكتور محمد الهرفي انعكاس نظرة المجتمع والعالم السلبية إلى التدين بسبب «الجهل بطبيعة التدين، والاعتقاد الخاطئ بأن منطقة معينة في المملكة هي الأكثر والأجدر بفهم الدين والراعي الرسمي له، وجاء هذا من الغرور والاستعلاء، وإلغاء أن الدين الإسلامي عالمي الوجود، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث للعالم، وليس إلى مدينة بعينها أو لدولة من دون بقية الدول». وانتقد الدكتور الهرفي في حديثه إلى «الحياة»: «أن كثيراً من المتدينين يظنون بأنهم أفهم الناس بالدين، وأن لديهم خصوصية عن غيرهم، وهو أمر يرجع كما أسلفت إلى الجهل بالإسلام»، مضيفاً: «الإسلام انتشر بواسطة العربي والأعجمي والأبيض والأسود، لكن الجهل أوجد استعلاء وغروراً لدى البعض، ليخرج أناس يميزون أنفسهم عن بقية العالم، وهو أمر غير مقبول». وأوضح أن «مثل هذه الظواهر تنشئ ظواهر عكسية، فكثيرون ينفرون من الدين بسب تصرفات بعض المتدينين، لذا سمعنا بمصطلحات ألصقت بالإسلام مثل الدين الوهابي أو التكفيري أو المتعصبين، كل هذه الصفات وغيرها ألصقت بمجموعة في المملكة يحاولون أن يظهروا بأنهم الأعلم من الآخرين، وهذه قضايا خاطئة وانعكاساتها خطرة جداً». وقال الدكتور الهرفي: «بعض المتدينين لا يطبق ما يقول في خطبه أمام الناس، وحين يسأل يجيب ولسانه حاله يقول: الجمهور يريد ذلك، وهذا أعده نفاقاً بحتاً، وقد يقبل من عامة الناس، لكنه وبلا شك مرفوض من المتدينين، لأن ما يفعلونه سيلتصق بالدين، وهذا منزلق خطر جداً». وعن التدين المقبول اجتماعياً، قال: «هو المبني على الفهم الصحيح للإسلام، والمفعم بالتسامح الذي لا يخالف الإسلام، والمسلمون الأوائل كانوا يتعاملون مع المسيحي وغيره، لكن ليس على حساب الثوابت الدينية، فإن أخطأ يحاسب، ولا يدخل هذا في حدود الانفتاح والتسامح»، مضيفاً: «أيضاً يجب التركيز على عدم التشدد لأنه سمة تنفر ولا تقرب أبداً». وأوضح الدكتور الهرفي أنه «بالخُلق نصحح هذه النظرة السلبية التي أخذت عن التدين، فالإسلام دخل إلى مناطق كثيرة من العالم من دون أن يذهب إليها دعاة، والسبب التجار المسلمين الذين أثروا بخلقهم وحسن تعاملهم في سكان تلك المناطق ودخلوا الإسلام طواعية لا إكراهاً». وقال: «لا يمكن أن نستوعب الناس وندعوهم إلى الإسلام من دون خُلق حسن، وكثيرون ممن التقيتهم من مسلمي الخارج يقولون لي: نحن قرأنا الإسلام وفهمناه وتعلقنا به لكننا نصطدم بواقع مغاير»، مضيفاً: «تردد كثيراً ممن التقيت بهم في الخارج عبارة الحمد لله أننا عرفنا الإسلام قبل أن نعرف المسلمين، وهو أمر مؤلم حقيقة، لذا يجب أن نلتزم بالإسلام الصحيح».
مشاركة :