استمتع جمهور مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة الأحد في عرض احتضنه الفضاء التاريخي باب الماكينة بعرض فني بعنوان "ياترا-سفر"، جسد صلة الوصل القوية بين المغرب والأندلس، وقدم نفحات صوفية عطرة. وسافر هذا العرض المتميز بالجمهور في عوالم الإبداع الرباني، حيث امتزجت الأنغام الهندية( راجستان) بأنغام مغربية تعكس روح التعايش والحوار والانفتاح على الثقافات. وشكل العرض مناسبة للانغماس في النغمات الهندية العذبة، وإبراز التمازج والتكامل الموسيقي بين أنغام مجموعة غنائية قادمة من ولاية "راجستان" الهندية أكبر ولايات هذا البلد مساحة وتعني "أرض الملوك" بقيادة المعلم "فيشوا موهان بهات"، في تمازج مع أصوات الفنانة المغربية والأمازيغية "شريفة كيرست"، والفنان عادل اجباري، ومجموعة "حمادشة" برئاسة المعلم "عبد الرحيم العماراني"، وعازف الغيتار البريطاني "جاستن أدامز". هي رحلة صوفية وتعبدية وحالمة انطلقت من قصر "راجاستان" نحو أبواب "الأندلس"، دامت لحوالي 90 دقيقة من العزف والإنشاد والمدح النبوي ومداعبة أوتار الآلات الموسيقية التقليدية، في محاولة لإبراز روح الأندلس والتعايش الحضاري الذي شهدته المنطقة وأماكن أخرى بالضفة المتوسطية في فترة زمنية سابقة. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أعرب المعلم "فيشوا موهان بهات"، عن إعجابه الكبير بالفضاء التاريخي "باب الماكينة"، وسعادته الغامرة بالتواجد بين أحضان جمهور كبير ونوعي تابع العرض الموسيقي إلى نهايته. وأضاف أن هذا التمازج بين الموسيقى الهندية والمغربية يؤكد أن الموسيقى لغة عالمية تساهم في نشر السلام والمحبة، مشيرا إلى أن الموسيقى الهندية تمتاز بالمرونة للنهل والانفتاح على أنماط موسيقية وتراثية من ثقافات أخرى. من جهته، أكد الفنان المغربي عادل اجباري أن العرض الموسيقي كان بمثابة طابق فني متنوع تم فيه المزج بين العديد من الثقافات والتجارب العالمية، حيث قام بأداء القصيدة المغربية المعروفة "الفياشية". مقدم الطريقة الحمدوشية عبد الرحيم العمراني، أشاد من جانبه بهذا العرض الموسيقي الذي مزج في تناغم وطيد بين الموسيقى الهندية التراثية والمغربية المتمثلة في الحمدوشية والمديح النبوي والأغاني الأمازيغية. ويهدف مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، الذي ينظم إلى غاية فاتح يونيو المقبل تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ، تحت شعار "شوقا لروح الأندلس" إلى إبراز فترة التعايش السلمي ما بين الديانات في تاريخ الأندلس من القرن 8 إلى غاية القرن 15، تلك الحقبة التي اعتبرت "زمنا ذهبيا" لازالت روحه حاضرة بالمغرب. وتحل إسبانيا ضيف شرف هذه الدورة من خلال برمجة تتضمن عروضا فنية تمتزج فيها الألوان الموسيقية لكلا البلدين، شاهدة بذلك على عمق وتجذر الروابط التاريخية والأخوية التي تربط شبه الجزيرة الإيبرية بالمملكة المغربية، استشرافا لمستقبل مشرق وواعد للمملكتين. ووفاء لروح فاس، تقترح هذه الدورة برمجة متنوعة ومنفتحة على ثقافات وروحانيات من مختلف البقاع، حيث تلتقي خلال هذه النسخة نخبة من الموسيقيين المشهورين على غرار نجم الموسيقى الصوفية الكبير سامي يوسف، وفنان الفلامينكو فيسنتي أميكو، أو حتى حفل ستابات ماطر، بقيادة المايسترو باولو أولمي.
مشاركة :