الاعتراف الأوروبي الثلاثي بدولة فلسطين دخل حيِّز التنفيذ

  • 5/28/2024
  • 22:53
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

استشهد عصر أمس 20 شخصاً على الأقل، في «مجزرة جديدة» قصفت فيها إسرائيل خيام النازحين في مواصي رفح بقطاع غزة. وكانت منطقة المواصي، وهي شريط ساحلي ضيق يمتد من رفح جنوباً حتى خان يونس إلى الشمال منها، تعد إحدى أهم الوجهات التي يقصدها العائدون من رفح، بعد أن أصدرت إسرائيل أمراً بالإخلاء لمناطق في رفح والذهاب إلى تلك المنطقة.جاء ذلك أثناء انعقاد مجلس الأمن لبحث المجزرة السابقة.ودخل أمس، قرار ثلاث دول أوروبية، إسبانيا والنرويج وإيرلندا الاعتراف بدولة فلسطين، حيِّز التنفيذ، وردَّت إسرائيل بغضب على لسان وزير خارجيتها، الذي اتَّهم رئيس الوزراء الإسباني بالتواطؤ في «التحريض على إبادة اليهود».وأفاد مراسلون لوكالة فرانس برس، وشهود في رفح أمس، عن قصف مدفعي، وغارات جوية على وسط وغرب مدينة رفح المحاذية للحدود المصرية.وسيطرت القوات الإسرائيلية في السابع من مايو على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وتنفِّذ عمليات عسكريَّة في المدينة، التي تعتبرها آخر معقل رئيس لحركة حماس في القطاع المحاصر.وقالت فاتن جودة (30 عامًا) لوكالة فرانس برس من حي تل السلطان في غرب رفح: «لم ننم طوال الليل، فالقصف من كلِّ الاتجاهات بشكل عشوائي، قصف مدفعي وجوي».وأضافت: «الوضع الليلة الماضية كان مخيفًا للغاية. رأينا الجميع ينزح من جديد؛ بسبب خطورة الوضع.نحن أيضًا سوف نخرج الآن، ونتَّجه إلى المواصي؛ خوفًا على حياتنا». وقبل دخوله رفح، دعا الجيش الإسرائيلي سكَّان الأحياء في شرق المدينة إلى الانتقال إلى «المنطقة الآمنة» في المواصي.وتقول المنظَّمات غير الحكومية، والوكالات الدولية إنَّ المنطقة غير مجهَّزة بالماء والبنى التحتية، ولا تصلح للنزوح.وقُتلت امرأة في قصف على مبنى في رفح، وفق ما ذكر طبيب في المستشفى الإماراتي في المدينة.كما أفاد مراسل لوكالة فرانس برس عن قصف وإطلاق نار كثيف في أحياء عدَّة في مدينة غزَّة في شمال القطاع، حيث تسبَّبت ضربة على منزل بمقتل ثلاثة أشخاص، وإصابة عدد آخر بجروح، وفق شهود.وأثارت الغارة تنديدًا من الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي، وفرنسا، والصين، فضلًا عن السعودية، والولايات المتحدة، ومصر، وقطر، الدول الوسيطة في جهود التوصل لوقف لإطلاق النار في الحرب الدائرة منذ نحو ثمانية أشهر، بالإضافة إلى عدد كبير آخر من دول العالم.ودعت واشنطن حليفتها إسرائيل إلى «اتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين».وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي إنَّ «الصور الكارثية... تفطر القلب»، بعد الغارة التي «أسفرت عن مقتل عشرات الأبرياء الفلسطينيين».وفي باريس، تظاهر قرابة عشرة آلاف شخص، حاملين أعلامًا فلسطينية، ولافتات كُتب عليها «كفى قصفًا! فلسطين حرَّة!».وندَّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالضربة الإسرائيلية على رفح، قائلًا -في منشور على منصَّة «إكس»-: «لا يوجد مكان آمن في غزَّة. يجب وضع حدٍّ لهذه الفظائع».وقال مدير العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن جريفيث: «القول إنَّ الأمر يتعلَّق -بخطأ- لا يعني شيئًا للذين قُتلوا، وللذين يحاولون إنقاذ الأرواح».وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة بناءً على طلب الجزائر؛ للبحث في الضربة الإسرائيلية الدامية على رفح.وكانت محكمة العدل الدولية طلبت من إسرائيل «وقفًا فوريًّا» لعمليَّتها في رفح، و»لأي أعمال أخرى في محافظة رفح، من شأنها أنْ تفرض على السكَّان الفلسطينيين في غزَّة ظروفًا معيشيَّةً يمكن أنْ تؤدِّي إلى تدميرهم جسديًّا».وعلَّق مسؤولون دوليون على «الصور المروِّعة» التي انتشرت بعد الغارة على مخيم النازحين الواقع قرب منشأة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).وقال مدير الأونروا فيليب لازاريني: إنَّ الصور «تدل على تحوُّل رفح إلى حجيم على الأرض».وتتزايد الضغوط على إسرائيل لوقف الحرب، بينما تحذِّر الأمم المتحدة من مجاعة وشيكة في القطاع المحاصر، حيث لم تعد معظم المستشفيات تعمل.وفي مصر، شارك مئات المواطنين في محافظة الفيوم جنوب غربي العاصمة المصريَّة القاهرة، في تشييع جنازة الجندي الذي قُتل خلال تبادل إطلاق نار وقع يوم الاثنين، مع قوَّة إسرائيليَّة عند الشريط الحدودي في منطقة رفح.وكان الجيش المصري قد أعلن -في بيان- أمس الأول الاثنين، أنَّه «يُجرى تحقيقًا بواسطة الجهات المختصة حيال حادث إطلاق النيران بمنطقة الشريط الحدودي برفح؛ ممَّا أدَّى إلى استشهاد أحد العناصر المكلَّفة بالتأمين».ونقلت قناة «القاهرة الإخبارية» عن مصدر أمني رفيع المستوى، أنَّه «جرى تشكيل لجان تحقيق للوقوف على تفاصيل الحادث، لتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكراره مستقبلًا».واتَّهمت مصادر عسكريَّة إسرائيليَّة -تحدَّثت لوسائل إعلام محليَّة- الجنود المصريِّين بأنَّهم مَن أطلقوا النار أوَّلًا باتجاه الجنود الإسرائيليِّين عند معبر رفح، الذين ردُّوا بإطلاق النار من جانبهم.سياسيًّا، اعترفت إسبانيا وإيرلندا والنرويج أمس، رسميًّا بـ»دولة فلسطين» على الرغم من رد الفعل الغاضب من إسرائيل، التي تعتبر ذلك مكافأةً لحركة حماس. في حين تقول إسبانيا إنَّ في ذلك «إحقاقًا للعدالة للشعب الفلسطيني»، وقال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز: إنَّ الاعتراف بدولة فلسطين «ضروري لتحقيق السلام»، مشدِّدًا على أنَّ القرار لم يُتَّخذ «ضد أيِّ طرف، وخصوصًا ليس ضد إسرائيل».وأكَّد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في إعلان مقتضب بالإسبانية والإنجليزية أنَّ الاعتراف بدولة فلسطين «ضروري لتحقيق السلام»، مشددًا على أنَّ القرار لم يُتَّخذ «ضدَّ أيِّ طرفٍ وخصوصًا ليسَ ضدَّ إسرائيل». وأضاف إنَّ الاعتراف بدولة فلسطين يعكس «رفضنا التام لحماس، التي هي ضد حل الدولتين».وكان وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس قد أكد الإثنين في بروكسل، إلى جانب نظيريه الإيرلندي والنرويجي، أنَّ «الاعتراف بدولة فلسطين إحقاق للعدالة للشعب الفلسطيني».وفي رسالة -عبر منصَّة «إكس»- حمل وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس على سانشيز بقوله: «أنت متواطئ في التحريض على إبادة اليهود»، من خلال الاعتراف بدولة فلسطين، ومن خلال إبقاء نائبة رئيس الوزراء يولاندا دياز في منصبها، بعدما دعت قبل فترة قصيرة إلى تحرير فلسطين «من النهر إلى البحر».ورفعت النرويج الأحد، مذكرة شفهية إلى رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، تنصُّ على دخول هذا القرار حيِّز التنفيذ اعتبارًا من أمس.وتأمل هذه الدول الأوروبية الثلاث، واثنتان منها عضوان في الاتحاد الأوروبي (إسبانيا وإيرلندا)، في أنْ تحمل مبادرتها ذات البُعد الرمزي، دولًا أُخْرى على الانضمام إليها.وتشدِّد هذه الدول على الدور الذي اضطلعت به إسبانيا والنرويج في عملية السلام في الشرق الأوسط في تسعينيَّات القرن الماضي.فقد استضافت مدريد مؤتمرًا للسلام في العام 1991 قبل سنتين على اتفاقات أوسلو في العام 1993.وقد أعلنت سلوفينيا أيضًا أنَّها بصدد الاعتراف بدولة فلسطين. إلَّا أنَّ المسألة تثير اختلافات عميقة داخل الاتحاد الأوروبي.

مشاركة :