وجبة الإفطار هي أحد أركان النظام الغذائي اليومي، وتفويتها قد يُلحق بجسمك أضرارًا من نواحٍ شتّى، مثل: انخفاض طاقة الجسم وصعوبة التركيز، أو القلق وسوء المزاج العام، أو زيادة نهمك تجاه الطعام لاحقًا خلال اليوم. وبغض النظر عن سبب تفويت وجبة الإفطار، فإنّ أضرار ذلك تلحق بجسمك ولو بعد حين. فماذا يحدث له تحديدًا؟ وهل يُمكن أن يُساعدك تفويت تلك الوجبة في خسارة الوزن؟ لا يُؤدّي تفويت وجبة الإفطار إلى الإحساس بجوعٍ فحسب، بل يمتدّ أثره ليُؤثّر في القلب، بل وفي المزاج أيضًا: عندما تستيقظ من نومك في الصباح، تكون مستويات السكر في الدم منخفضة. وإذا ظلّ الحال على هذا المنوال دون تناول أي طعام لزيادة مستويات السكر في الدم قليلًا، فقد تُعاني من التعب وصعوبة التركيز. وذلك لأنّ الدماغ يعتمد على الغلوكوز، وهو نوع من السكر، كي يعمل بأقصى كفاءة. ولا يمكنك الحصول على الغلوكوز إلا من خلال تناول الكربوهيدرات، التي تُعدّ جزءًا رئيسيًا من وجبة الإفطار. وقد تُهمل هذه الوجبة دون أن تُدرك مدى أهميتها لصحتك. قد يؤدي مرور وقت طويل دون تناول الطعام إلى خفض مستويات السكر في الدم، ممّا يُفضي إلى اضطراب مستويات الهرمونات في الدم أيضًا، حسب جمعية الغدد الصماء "Endocrine Society". ويكمن السر هنا في هرمون الكورتيزول، الذي يُؤثّر في المزاج واستجابتك للتوتر. وعادةً ما تكون مستويات الكورتيزول مرتفعة عند الاستيقاظ من النوم وتنخفض مع مرور اليوم. لكن قد يؤدي تفويت وجبة الإفطار إلى استمرار ارتفاع مستويات الكورتيزول، ممّا يُؤدّي إلى زيادة الرغبة في الأكل وتقلّبات المزاج. بطبيعة الحال، إذا كانت الهرمونات في أسوأ حالاتها بسبب عدم الإفطار، فكذلك سيكون المزاج. فقد أُجريت دراسة عام 2020 على 21,972 طالبًا جامعيًا، كشفت أنّ تجنّب وجبة الإفطار بصورة منتظمة أو غير منتظمة مُرتبط بنقص السعادة، والاكتئاب، بل واضطراب ما بعد الصدمة. فعندما ترتفع مستويات الكورتيزول بشكلٍ مستمر، يزداد القلق والاكتئاب. لذلك، فإنّ الإفطار يُساعد على الحدّ من تلك الزيادة على مدار اليوم. أيضًا، يرتبط نقص بعض العناصر الغذائية، مثل أوميغا 3 وفيتامينات ب، باضطرابات المزاج. ويُمكِن أن تُوفّر وجبة الإفطار هذه العناصر الغذائية، ممّا يُساعد في تحسين مزاجك والحفاظ على صحتك النفسية. رغم أنّ وجبة الإفطار صباحية، لكن قد يمتدّ أثرها إلى باقي اليوم، إذ يُعانِي معظم من يُفوِّتون وجبة الإفطار نهمًا شديدًا للأكل في وقت لاحق من اليوم، في سعي الجسم المحموم للحصول على مصادر سريعة للطاقة، ما قد يُؤدّي إلى تناول طعام غير صحي، مثل الرقائق أو المخبوزات. نعم، يشعر جميع الناس برغبة شديدة في الأكل، لكنّ تفويت الإفطار، قد يجعلك تشعر بالجوع لاحقًا لدرجة أنّك ستأكل أي طعامٍ يُتاح لك، حتى لو لم يكُن متوافقًا مع أهدافك الصحية، مثل خسارة الوزن الزائد. لذلك يُمكِن أن يُساعِدك تناول وجبة إفطار غنية بالبروتين في الحد من النهم تجاه الطعام، والحفاظ على مستويات السكر في الدم، فقد كشفت دراسةٌ أُجريت عام 2018 في مجلة "Current Developments in Nutrition" عن أنّ تناول وجبة إفطار غنية بالبروتين باستمرار، تقلّل تناول الإنسان من الوجبات الخفيفة غير الصحية، كما زاد الشبع، مقارنةً مع تفويت وجبة الإفطار، وهذا أصحّ للجسم بلا شك. اقرأ أيضًا: للتمتُّع بنظر أقوى.. ماذا تأكل على مائدة الإفطار في رمضان؟ قد يضر تفويت وجبة الإفطار القلب على الأمد الطويل، فقد وجد التحليل التلوي لعام 2019 في المجلة الأمريكية لأمراض القلب "American Journal of Cardiology" أنَّ تفويت وجبة الإفطار كان مُرتبطًا بزيادة خطر الإصابة بمرض القلب. وقد يكون ذلك الضرر مرتبطًا بالتأثيرات الأيضية الناجمة عن تفويت وجبة الإفطار، والإفراط في الأكل في وقت لاحق من اليوم أو العادات غير الصحية التي قد تزيد أمراض القلب. وقد وجدت إحدى المراجعات لعام 2020 في مجلة السمنة "Obesity Journal" أنّ من يُفوِّتون وجبة الإفطار، كانت لديهم مستويات أعلى من الكوليسترول الضار، مقارنةً مع من يتناولون الفطور، وذلك على المدى القصير، وهذا الكوليسترول الضار قد يزيد خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. قد تميل إلى تفويت وجبة الإفطار باستمرار على أمل خسارة الوزن، لكنّ ذلك قد يمنع فقدان الوزن في الواقع. إذ يتأثر التمثيل الغذائي للإنسان في إطار محاولته البحث عن مصدر للطاقة عبر الأنسجة الدهنية والعضلات، وهذه العملية تحتاج إلى طاقة. وهذا بدوره قد يؤدي إلى تباطؤ العمليات الأخرى للحفاظ على طاقة الجسم، ومن ثمّ يتباطأ التمثيل الغذائي ومعدل حرق السعرات الحرارية. لذلك، فإنّ تفويت وجبة الإفطار ليس خيارًا مثاليًا دائمًا لخسارة الوزن. لكن هذا التأثير غير مؤكد تمامًا، فقد أشارت دراسة أخرى، حسب موقع "healthline"، إلى أنّ تفويت وجبة الإفطار لا يُشكل فرقًا كبيرًا في معدل السعرات الحرارية المحروقة على مدار 24 ساعة. فهذا يختلف من إنسان لآخر، حسب ما يتناوله من طعام ويبذله من جهد طوال اليوم، ولا يتوقف على وجبة الإفطار فقط. قد يُساعد تفويت وجبة الإفطار في خسارة قدر ضئيل من الوزن على المدى القصير، لكن عادةً لا يدوم هذا الأثر، كما قد تُؤدّي تلك العادة - تفويت الإفطار - إلى نتائج عكسية. وحسب دراسة أُجريت عام 2022 في مجلة "Nutrients"، كان تفويت وجبة الإفطار مُرتبطًا بمقاومة الأنسولين وزيادة الوزن، بل إنّ ذلك مُؤثّر في صحتك العامة بصورة سلبية. كذلك قد يُؤدّي عدم تناول الطعام عند الشعور بالجوع إلى اضطراب مستويات هرمونات الجوع والشبع، ممّا قد يُؤدّي إلى عدم الأكل مثلًا عندما يكون جسمك في أمسّ الحاجة إلى الطعام، أو الإفراط في تناول الأطعمة غير المُغذّية لأنّك جائع، وكلّ ذلك غير مُفيد لخسارة الوزن بالتأكيد. ينبغي أن تكون وجبة الإفطار مغذّية ومتوازنة، بحيث تحتوي على الدهون الصحية والألياف والبروتين. فهذه العناصر الغذائية تُساعد في الحفاظ على مستويات السكر في الدم. مثالٌ على ذلك توست الأفوكادو بالقمح الكامل مع البيض، فهو يجمع العناصر الثلاثة. كذلك لا ينبغي تفويت وجبة الإفطار بأي حال من الأحوال، بل يجب المداومة عليها كل يوم قدر الإمكان، وأن تكون تلك الوجبة صحية. وإذا لم تكن معتادًا على الإفطار، فيمكنك البدء بكمية صغيرة من الطعام والتدرّج حتى تتناول لاحقًا كمية مناسبة من الطعام تُناسب فطورك، وتُمدّك بالطاقة الكافية لأداء مهامك طوال اليوم.
مشاركة :